*بيروت 0 رويترز - من جاك ريدن
عاد لبنان الى وضع مألوف يتكبد فيه خسائر بشرية واقتصادية في صراع الشرق الاوسط الأوسع نطاقاً الذي لا تملك حكومته قدرة تذكر على تسويته.
ويأمل المتفائلون ان يكون الهجوم الاسرائيلي علي البنية الاساسية في لبنان يوم الخميس والجمعة بمثابة خطوة تكتيكية تشير الى جدية محادثات السلام المتوقعة, ولكن المتشائمين يخشون من استمرار دائرة العنف.
ولكن كلا الجانبين يرى ان هجمات اسرائيل التي تسببت في مقتل ثمانية اشخاص واصابة 62 آخرين في اكبر هجوم منذ عام 1996 كشفت الحدود التي يمكن ان تصل اليها جهود الحكومة لاعادة اعمار لبنان من اثار الحرب الأهلية مع استمرار الصراع الأوسع نطاقاً في المنطقة.
وتركيز اسرائيل ضرباتها ضد محطات الطاقة والجسور لطمة قوية للحكومة اللبنانية التي تعاني بالفعل من اقتصاد يتراجع معدل نموه بشكل مستمر منذ الهجوم الاسرائيلي الأخير في عام 1996.
والعدد القليل من المستثمرين الاجانب الذين يعملون بنشاط في لبنان منذ تسعة اعوام من انتهاء الحرب الأهلية اخذوا في اعتبارهم عامل الصراع العربي الاسرائيلي.
ويقول انجوس بلير خبير شؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا في مؤسسة ايه بي ان امرو بلندن سيكون هناك رد فعل عصبي من المستثمرين لفترة وجيزة جداً, ولكن اذا وضعنا في الاعتبار انهم كانوا هناك من قبل وان الوضع كان اكثر سوءاً مثلما كان الحال في هجوم 1996 فالمستثمرون اكثر تفاؤلاً.
ولكن الاحداث الأخيرة تذكرنا بان الحياة الطبيعية الكاملة والاستثمارات الاجنبية التي يتوق لبنان الى عودتها لم تعد مع انتهاء الحرب الأهلية التي دارت رحاها طوال 15 عاماً.
ويقول اقتصادي من بيروت اذا نجح لبنان في تسوية مشكلاته الاقتصادية الحالية من ارتفاع الدين العام وعجز الميزانية فقد يستطيع لبنان تحقيق نمو اقتصادي بمعدل يتراوح بين ستة وسبعة في المائة في ظل الوضع الاقليمي الراهن .
واستطرد الاقتصادي الذي طلب عدم نشره اسمه واذا حدثت دفعة من عملية سلام فان هذه النسبة قد تزيد لتصل الى عشرة في المائة او اكثر خلال الاعوام الأولى من السلام .
ولكن لبنان نفسه لا يملك قدرة تذكر لدفع مسيرة السلام في الشرق الاوسط قدما, وقال الرئيس اللبناني اميل لحود وسط الهجمات الاسرائيلية انه لن يكون هناك تغيير في السياسة العامة بالنسبة للتفاوض مع اسرائيل.
ويبدو ان رئيس الوزراء الاسرائيلي المنتخب ايهود باراك يقبل هذه السياسة اذ اعلن لناخبيه انه سيسحب القوات الاسرائيلية من جنوب لبنان ويستأنف محادثات السلام مع سوريا المجمدة منذ اكثر من ثلاثة اعوام.
وتجيء الهجمات الاخيرة التي امر بها رسمياً رئيس الوزراء الاسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو بعد تصريحات نشرتها صحيفة الحياة الدولية تبادل فيها كل من باراك والرئيس السوري حافظ الاسد الثناء على قدرة الآخر على تحقيق السلام.
وفي اطار هذه الخلفية فان الهجمات قد تكون تحذيراً دموياً من اسرائيل من انها لن تتهاون مع هجمات حزب الله وخاصة ضد شمال اسرائيل مثلما حدث قبل الهجوم الاسرائيلي وذلك فيما يجري بحث جاد لاحلال السلام.
ويرى البعض ان حزب الله قد يكون ورقة تفاوضية في يد سوريا يمكن ان تستخدمها في جهودها لاستعادة الجولان.
وقالت صحيفة النهار اللبنانية ان الهجوم الاسرائيلي هو الآن اكثر من اي وقت مضى اختبار قوة للسوريين والاسرائيليين, واضافت ان هذه المواجهة غير المباشرة في لبنان تستهدف فيما يبدو ومثلما كان عليه الحال خلال 25 عاماً مضت الاعداد لمحادثات سلام.
وتحتفظ سوريا بالهدوء على جبهتها مع اسرائيل منذ اتفاق عام 1974 بعد سبعة اعوام من فقدها هضبة الجولان, وتتجنب اسرائيل ايضا شن هجمات مباشرة ضد سوريا او قواتها في لبنان التي يبلغ قوامها 25 الف فرد.
ولكن لبنان لم ينعم بالهدوء اطلاقاً فقد استخدمه الفدائيون الفلسطينيون كقاعدة لشن هجماتهم ضد اسرائيل واستعادة اراضيهم المحتلة وهو ما ادى في نهاية الامر الى قيام اسرائيل بغزو لبنان مرتين عامي 1978 و1982.
وتم تدمير القوات الفلسطينية ولكن حزب الله نجح في مواصلة الكفاح ضد الاحتلال الاسرائيلي.
وتقول قوات الامم المتحدة في جنوب لبنان انها تعتقد ان الكفاح المسلح اللبناني لانهاء الاحتلال الاسرائيلي سينتهي بانسحاب اسرائيل, ويرفض حزب الله الحديث عما سيحدث اذا انسحبت اسرائيل من لبنان دون اعادة هضبة الجولان السورية.
وهذا يعزز موقف دمشق في المفاوضات ويدفع باسرائيل نحو اتفاق شامل ولكنه يترك لبنان مكشوفاً عندما يتصاعد العنف بين حزب الله واسرائيل.
|