إن المتابع للساحة الشعبية واقصد ساحة الشعر الشعبي بالذات ويهمه أمرها يرى فيها ما لا يرضيه عنها,, فسابقا وقبل الثورة التي حدثت للشعر كانت صفحات الشعر سواء كانت في مجلة او صحيفة تصدر بصفة اسبوعية وكنا وقتها ننتظر موعد صدورها بكل شوق لأن الغالب على ما يقدم من خلالها هو الإبداع, أما الآن فإن المسكين الشعر يتواجد بصفة يومية على صدر الصحف وبصفة اسبوعية او شهرية من خلال المجلات المتخصصة به او غير المتخصصة, ولكن وللأسف وبمنتهى الصراحة بحالة لا تسر لمن ينظر للشعر على أنه عملية إبداعية,, فحاليا قد ينتشر في الصحف او المجالات في الشهر الواحد ما لا يقل عن خمسمائة قصيدة، فلو أردت ان تخرج من هذا العدد الكبير خمس قصائد تنطبق عليها مواصفات الشعر والإبداع، فتكاد لا تستطيع,, وهذه بلا أدنى شك نسبة مخيفة تجعلنا نؤمن بظلامية مستقبل الشعر الشعبي.
قد يتبادر لذهن القارئ البحث عن الاسباب والعوامل التي نستطيع من خلالها ان نعيد للشعر قيمته ومكانته التي افتقدها فأقول من وجهة نظري الشخصية.
(أ) بعض الأسباب التي أدت الى انحدار مستوى الشعر:
1- المصلحة الشخصية.
2- تولي غير الشعراء تحرير الصفحات الشعبية.
3- صناعة بعض الشعراء، غير الشعراء.
4- عدم وضع الشعراء الحقيقيين في المكانة التي تليق بهم.
5- التهاون في حمل مسئولية تقديم الشعراء في أبهى صورة.
(ب) العوامل المساعدة على النهوض بمستوى الشعر وعودته لسابق عهده.
1- تشكيل لجنة من قبل جمعيات الثقافة والفنون لمتابعة ما ينشر واعتماد اسلوب الثناء والجزاء بحيث يثني على المحرر الذي يقدم من خلال صفحته ما يميزه عن غيره ثم يوجه خطاب بالمحرر الذي لا يقدم الجديد والمفيد الى رئيس تحرير الصحيفة لاستبداله او اتاحة الفرصة لتطوير مستوى ما يقدمه.
2- إسناد مهمة الاشراف على الصفحات الشعبية من قبل شعراء.
3- تقديم جوائز ولو رمزية للنصوص المتميزة.
4- طباعة ديوان سنوي من قبل لجنة متخصصة ولتكن باشراف جمعية الثقافة والفنون يضم اجمل ما نشر في الصحافة الشعبية خلال عام وبدعم مادي إما من قبل جمعية الثقافة والفنون او من خلال شركات التوزيع او المطابع ويكون جزء من ريعه للجمعيات الخيرية والبعض الآخر لمن يتولى طباعته.
5- التعامل مع النص وليس الشخص واقصد ألا تكون العلاقات والمصلحة والمكانة الاجتماعية عاملاً مؤثراً في نشر النص.
وجهة نظر
الممارسات الخاطئة والتي تقع في الساحة الشعبية مستمرة وكثيرة حتى اصبحت ميزة تميزها عن غيرها من الفنون الاخرى فتجد المقدمات المضحكة والتي بعضها تقلل من قيمة الشاعر, أضف الى ذلك طريقة الإخراج في المجلات الشعبية حيث تفرد صفحة كاملة لقصائد سيئة ثم انظر الى اللقاءات والتي يشترط بعض الشعراء ألا يقل عدد صفحات اللقاء معه عن عشر صفحات,, فكأن هذا اللقاء يتم مع مؤرخ كبير او سياسي مخضرم او قل ان المؤرخ او السياسي قد لا يحصل على نصف الصفحات التي يحصل عليها بعض الشعراء,, ان هذه الممارسات الخاطئة تعودناها واصبحت وبدون اسف من روتين الصحافة الشعبية,, ولكن ما لا يقبل ولا يعقل الامور التي تمس القصيدة الإسلامية وقد يقول قائل كيف ذلك فأقول أقرب الامثلة ما نشر في العدد (95) من مجلة المختلف والمتمثل في أحد أبيات قصيدة للأخ فهد المبدل وهو يعزي احد زملائه في وفاة خاله حيث يقول:

ومن شفت خالك حجبه اللبن والطيني بكيت من طيحة ما عقبها قومه

لاحظ عجز البيت وخاصة قوله (ما عقبها قومه) تجد انه كلام يؤدي الى الكفر وهو إنكار البعث والله سبحانه وتعالى يقول (زعم الذين كفروا ألن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن),, والحقيقة انني احمل الاخ فهد المبدل على المحمل الطيب فلعل التعبير خانه، كما انني في الوقت نفسه أطالب الاخ/ ناصر السبيعي رئيس مجلة المختلف بالانتباه لمثل ذلك والاقلاع عن بعض الشركيات التي سبق ان وقع بها من خلال بعض قصائده والتي ربما وقع بها دونما قصد منه.
كقوله:

(ورأسك والعيون) السود (والميلاد) والهجرة (وشلال) كسب عرش الفخر يرقص على متونك

وقوله ضمن قصيدة اخرى:
أحسن من أول كثير (ورأسك) الغالي
وهذا القول قسم بغير الله والرسول صلى الله عليه وسلم يقول (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك).
أيضا بعض الشعراء يتوسل بجاه النبي وهذا توسل بدعي وقسم آخر من الشعراء يحلف ومن خلال قصائد بالأمانة وهو حلف بغير الله لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (ليس منا من حلف بالأمانة).
فأدعو اخواني الشعراء وغيرهم بالعودة الى كتب التوحيد المحققة والاستفادة منها لأن الشرك ذنب لا يغفر الا بالتوبة النصوح ومن مات عليه فإن مصيره الى النار والعياذ بالله قال تعالى (ان الله لا يغفر ان يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).
بدع الساحة الشعبية
قرأت في مجلة قطوف العدد (19) قصيدة للأخ فهيد فياض العديم قال في احد أبياتها وهو السبب في كتابة هذه الأسطر

إذا ماتت أمانينا طبيعي لو يضيق البال وأظن ان (الفرح) بدعه فرضها واقع الانسان

والظن في اللغة هو الاعتقاد وهذا خطأ، والصواب ان الفرح حقيقة وليس بدعة وهو صفة من صفات الله عز وجل جاء في الحديث قول الرسول صلى الله عليه وسلم (لله أشد فرحا بتوبة عبده,, الحديث).
كما جاء ذكره في القرآن والسنة في عدة مواضع منها قوله تعالى (إنه لفرح فخور).
وقوله تعالى (وبذلك فليفرحوا)
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم (للصائم فرحتان,, الحديث).
وتعريف البدعة الشرعي هو إحداث شيء في الدين.
والدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم (من احدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد).
السبع الفواسق
قرأت في مجلة أصداف العدد (23) قصيدة للأخ جهز سيف العتيبي بعنوان (قلق شاعر) وهي قصيدة جميلة وقع شاعرها بخطأ يحسب عليه في البيت الأخير حيث قال وهو يقصد من تسبب بالفراق:

يموت وجعل ما قبله نفاد وبعده الاغلال مثل شرواه من سبع الفواسق والله الواقي

وقد جاء في مسلم قول الرسول صلى الله عليه وسلم (يقتل خمس فواسق في الحل والحرم الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور) ووصف هذه الحيوانات بالفسق لخروجها بطبعها عن سائر الحيوانات بالتعدي والأذى فإذا كان قصد الاخ جهز هو التشبيه فلا شك بأن هذا خطأ فكيف له ان يشبه رجل او إمرأة باحدى هذه الحيوانات وان كان يقصد الحكم فهذا خطأ اكبر وأعظم فمعنى هذا أن أي شخص يتسبب بفراق يقتل فهذا الحكم من احكام شريعة الغاب فأرجو ان الصورة اتضحت للأخ جهز والاخوان في أصداف.
عرجة وكسرات
في مجلة فواصل العدد (61) قرأت قصيدة بعنوان عرجة وكسرات للأخ/ محمد بالعبد قدم لها بالتالي محمد بالعبد حضوره إبداع وامتاع تواجده بهذه البهية الشجية يزيد من تأكيدنا على ان مساحات الجمال تتسع لكل من يبحث عن التميز.
وعند التمعن بها وجدت كسراً في البيت الرابع وهو عنوان القصيدة وكذلك البيت السابع يقول محمد في البيت الاول كمثال لاستقامة الوزن:

عنودٍ تهجاها الجمال ورجع بأصوات يسولف عنبها عن ثمن درها الغالي

اما البيت الرابع الذي يوجد به كسر فيقول:

على مفرق الرأس منها,, عرجة وكسرات كما ثرى لافعي تطلب المرقب العالي

وكذلك البيت السابع فيقول:

رمتني بالأولى قلت يا عالم النيات وبالثانية قلت : يا رحمن يا والي

فتخيل قصيدة مكسرة وصفحة كاملة واحتفالية باهرة, علام يدل ذلك أترك الإجابة للقارئ الذكي.
رسائل مغلفة بالصدق
* عبدالله العطني - حفر الباطن:
قلمك يعشق الساحة الشعبية فلما لا تترك له حرية تقرير المصير وممارسة هذا العشق,, مع ملاحظة أني أود منك القيام بدراسات نقدية لما ينشر في الساحة الشعبية نظرا لثقتي اللامحدودة بشخصك وبقلمك.
* متعب التركي وفهد دوحان:
لا شك بأن الطريق الذي سلكتماه هو خير الطرق واسأل الله لكما ولنا الثبات والهداية ولجميع المسلمين,, وأخبركم بأنني لا زلت انتظر وبكل الشوق قصائد التوجه الجديد,.
* عبدالله العتيبي مديراً لتحرير فواصل
شاهدت ذات مساء لقاء تم معك في التلفزيون السعودي وقرأت فيه نصا قدمت له بقولك اني كتبته بلغة جدي فللعلم ان جدك صاحب لهجة وليس لغة وكما يؤيد كلامي نصك حيث انه باللهجة العامة المهم ان النص يا عبدالله من اجمل نصوصك فما العيب ان تكتب بلهجة جدك أو جد جدك,, المهم الجودة ألا توافقني الرأي ثم ألا ترى ان الكثير من النصوص قد يكون بعضها كتب قبل زمن جدك ولكنها بحسب قوتها وجمالها لا زالت حية باقية بينما هناك نصوص كتبت قبل أشهر ولكنها ماتت وهي لم تحبو بعد,.
* هاني الشحيتان:
سبق ان سلمتك ثلاثة نصوص قبل عام بالتمام، فهل أرى احدهما في العدد القادم، او انتظر سنوات أخرى.
* ناصر السبيعي:
قبل أربع سنوات وباعترافك وصلك مني قصيدتان ووعدتني بنشر احداها في رمضان 1417ه ولم تفعل,, ألم تعلم ان عدم الوفاء بالوعد خصلة من خصال (,,,,,,,,) أرجو الا تكون منهم.
* إلى كل شاعر:
لا بد ان تعلم ان قصيدتك مرآتك فاحرص على ما يقدمك بصورة تخدمك وتقدمك أجمل تقديم.
* المسك

قديم العمر من بير الزمن مبطي طوينا رشاه وجديد العمر غيب ونجهل كتابه وعنوانه

(ع,ش)
الختام
يقول جدي إبراهيم بن راشد بن شهيل من ضمن قصيدة له مخاطبا بها الإمام فيصل بن تركي جد الملك عبدالعزيز رحمهما الله جميعا.

شيخنا صبحت بالخير وأبشر بالنصر من كريمٍ نسأله ما يخيّب سايله نحمد الله يوم جونا يسيرون العصر كاتبٍ ربي عليهم نفوسٍ زايله لا تقول إني شجاعٍ فيضهدك الكثر كرّم الجيران وافرح لهم بالطايلة كل عودٍ لا توّحد خطيرٍ ينكسر وان رفد له بآخرٍ شال من حمايله لا يغرك واحد لبقه منك الدهر اقطع المرسوم لا يتعبك بمحايله وشرّه الطّيب يسرك ليا منه حضر والردي خله وتعتاض في بدايله