تناولت في اكثر من مقالة سابقة مآسينا الاسرية والمجتمعية من فقدان العديد من افراد هذا المجتمع الكريم بسبب المجازر المرورية وتطرقت لمجزرة جماعية حصلت لعم لي ومعظم افراد اسرته يرحمهم الله جميعا حيث لم يبق من اسرته سوى من لم يكن معهم في ذلك اليوم وهذه الاسرة ليست الوحيدة بل اننا نسمع ونعايش كل يوم مثل هذه المجازر الى درجة اننا اصبحنا من اعلى دول العالم في حجم الوفيات بسبب حوادث المرور، ففي اسبوع واحد ونحن في واشنطن تأثرنا بفقدان اكثر من عزيز او تضرر قريب فقد حدث ان عادت مؤخرا ابنة احد زملائنا ومعها طفلها الصغير ولم تتعد اقامتها الاشهر الا وقد ابتلاها واسرتها احد الفدائيين لدينا بحيث قطع الاشارة وواجهم وهم في طريقهم امنين مما نتج عنه ان اصيبت الام باصابات بالغة اقعدتها عن الحركة السليمة الى يومنا هذا كما وقد قتل الطفل الصغير واصيب الوالد بكسور ، وقبل اسبوع كذلك فجع زميل بوفاة اخيه بسبب حادث مروري وآخر فقدناه مباشرة بعد عودته من امريكا حيث كان قادما كما تعلمون من بلد اعتاد فيه على الانضباط والتقيد بأنظمة المرور وذلك لسلامته وسلامة الآخرين وقد توقف في احد التقاطعات التي يوجد فيها لوحة وقوف اجبارية وقد ضربه من الخلف صاروخ يقوده انسان هائج مما ادى الى ان توفي هذا الزميل عليه الرحمة ان شاء الله وقد كانت ايامنا القليلة الماضية احزانا ومما زاد هذه الآلام علينا جميعا ان معظم هذه الحوادث المرورية نتجت عن اهمال واضح يشبه العمد وما زاد تألمنا ان معظم اهل هؤلاء الضحايا قد تنازلوا عن الدية,, وهذا هو مربط الفرس الذي اريد ان اتطرق اليه في هذه المقالة وذلك من منظورين,, المنظور الاول اننا نلاحظ ان معظمنا من منظور اجتماعي يستعيب اخذ الدية التي شرعها الله عز وجل كرادع لمن تسبب في ازهاق نفس بشرية وهذا الامر اعتقد بعدم سلامته وخاصة اذا كان المتسبب في مثل هذه الحوادث قد قصر واهمل الى درجة تشبه العمد وأرى اننا في مثل هذا العمل الحسن في مظهره الخارجي نسيء للأفراد والمجتمع بحيث تنعدم العقوبة للمتهور مما يزيد من تهوره وعدم ردع الآخرين عن الاقدام على مثل هذا السلوك القيادي غير السليم والواجب علينا اخذ الدية والاصرار على العقوبة وخاصة لمن تسبب في حادث بسب اهمال كسرعة جنونية او قطع اشارة مرورية او بسبب اهمال صغار السن والسماح لهم بالقيادة غير النظامية او غيرها من الاخطاء واقترح على من يستعيب اخذ الدية ان يأخذها ومن ثم يتبرع بها لاحدى الجمعيات الخيرية وبهذا العمل الخير عاقبنا من اهمل وساعدنا في الجانب الآخر جهات تستحق الدعم لاداء رسالتها الخيرة وساهمنا في التخفيف من هذه المجازر والاعمار بيد الله ولكن علينا ان نعمل بالاسباب ونترك الاقدار لرب العباد فهو القادر على كل شيء وان نعقلها ونتوكل كما امر المصطفى عليه السلام الاعرابي حينما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الاتكال فقال له اعقلها وتوكل ولم يقل عليه الصلاة والسلام اهملها وتوكل,, فهل نأخذ بأمر المصطفى صلى الله عليه وسلم ونأخذ بالاسباب المؤدية الى الحفاظ على النفس البشرية من هذه المجازر المخيفة لنا بالليل والنهار آمل ذلك ان شاء الله, اما المنظور الثاني الذي اود ان اتطرق اليه بخصوص الدية ان المبلغ المحدد للدية حاليا غير كافٍ على الاطلاق ولا يتناسب مع الدية التي تم تحديدها في التشريع الاسلامي بمائة ناقة فهل المبلغ المحدد حاليا بمائة وعشرة الاف ريال تعادل مائة ناقة؟!! لا يمكن ذلك حتى ولو كانت هذه النياق من الهلايم التي لا تنفع في لحمها ولا شحمها هذا ان وجد فيها شحم,, ومن يعرف اسعار النياق يقدر متوسط سعر الناقة على اقل تقدير بين خمسة الى عشرة آلاف ريال فلو عادلنا الدية بالحد الادنى للناقة فلن تقل الدية من وجهة نظري الشخصية عن نصف مليون ريال ان لم تكن بمليون فلهذا ارى ان الامر يتطلب ان يتفضل مشايخنا الافاضل في النظر الى هذه المجازر اليومية والازهاق للنفس البشرية وفي نفس الوقت اعادة النظر فيما يعادل الدية الشرعية بالريال السعودي حتى يتحقق الهدف منها ان شاء الله بأن تكون عقوبة رادعة,, والله اسأل ان يلهم الجميع النظر الى الوضع المأسوي وان تدب الحركة في اجهزتنا المرورية للعمل على مقاومة هذه الفوضى المرورية لما فيه سلامتنا، والله من وراء القصد والهادي الى سواء السبيل.
عبدالله بن ابراهيم المطرودي
واشنطن