ديوان الأم والابن - 9 تغريبة فلسطينية, إلى أمي,, ومنها إلى أبي,, قصائد: إبراهيم نصر الله |
في حديثي عنها
أن تكون ابنها
ذاك شيء كثير
,,, ,,, ,,.
أن تكون ابنها
أن تطير مع الطير في أفقه
مع سحاب الفراش إلى ضوئه
وأن تمسك التل من يده
وتعمله كيف يصعد تلك الجبال هناك
وكيف يسير
وأن تنزوي بالحجارة خمس دقائق
في أي أرض
وتقنعها أن تطير
أن تكون ابنها,.
ان تكون بسيطا كجرعة ماء
ومثل التحية خضراء تخرج من قلب جار
لجارته في الصباح وتغمرها بالبهاء
وأن تنحني مثل أم على حلم قد تكسر
ترفعه عاليا للسماء
أن تكون ابنها
أن تمر على الأرض طيفا يهدهد عشاقها
ورياحا تبدد كل خواء
أن تحب الصديق
وتخفض هذا الجناح رقيقا لكل النساء
وأن تتجمع في حبة القمح مثل الرغيف
وشوق الوليف لذاك الوليف
وفي كل عين ترق لمشهد عرس
وتخفي أساها وسر البكاء
أن تكون ابنها
أن تعيش كأغنية في الشفاه
وأمنية في القلوب
وأن تحمل الفجر في جرة الماء
كل صباح
وتمضي به لصقيع الشمال
وحزن الجنوب
أن تظل على حب هذي البلاد
وإن تاب غيرك ألا تتوب
أن تكون ابنها
ليس ذلك صعبا على أي طائر
أن تكون ابنها
أن تكون حصانا
وليس هنا - بالضرورة - شاعر!!
في حديثها عن غيمها
وضعت سماءك تحت ثيابي
لأخفي نجومك عن أعين الناس
عن شرفات البيوت
وعن برد آخر ليلي,.
عن وحدتي في الحديث الخجول
الذي يتجمع مثل الدموع صباحا على شفتي
كلما لوَّحت من بعيد
أو اقتربت جارتي
وضعت ملامح وجهك تحت ثيابي
لأوقف عزلة قلبي التي فضحت مقلتي
وكم صرت أخشى السلام على الناس
تهتز كفي حين أسلم
تهتز في خطوتي وجهتي
,,.
قطعت هنا قرب بيتي بعد المساء
رصيفا وَصَفَّي منازل
لكني في طريق الرجوع
أضعت الطريق إلى غرفتي
السهل أحمر كالجمر
أعرف
لم يأتنا مطر منذ عامين
من دون عشب
هنا تتعثر روحي
وتهوي
إلى القاع
- يا سندي -
جبهتي
عقدت سماءك تحت ثيابي
وخبأت في جوفها غيمتي.
في حديثها عن نفسها
يرحل الناس بعد قليل فأنهض
كي أنحني لأنظف آثار أدمعهم بدموعي
وأمسح وقع العويل على درج البيت
تحت الشجر
يرحل الناس بعد قليل فأنهض
كي أنزوي بثيابك
حتى ارتبها
وكأنك أنت الذي لم تسافر
قد جاءك الآن كل السفر
ليطرق بابك،
بابي الوحيد
ويتركني تحت هذا المطر
يرحل الناس بعد قليل
فأبحث عمن سأسأله عن غيابك
وأسأله: كيف ترحل هذا الرحيل الطويل
وتترك خلفك كل ثيابك؟
يرحل الناس بعد قليل
ويبقى صغارك
قد كبروا
أحمد الله أنهم كبروا
لن يجيئوا إلى غرفتي آخر الليل
كي يسألوا عنك
أين مضيت؟!
متى ستعود؟
وماذا ستحمل لي ولهم في إيابك
أحمد الله
لكنني سأقول الكثير له في الظلام
وأسأله ما الذي قد فعلت
ليتركني ههنا مثل صحراء دون سحابك؟!
|
|
|