Sunday 27th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 13 ربيع الاول


سديم

تكومت على كرسي هزاز في احد اركان غرفتي وحيدا الا من يراع ينزف المداد على سفري القديم,, فنبه اليراع صدى آت من بعيد,, فالتفت الي وقال بعد ان توقف عن نزف آلامي,.
اتسمع ما اسمع؟
فشملني الوجل وانتشلني من غياهب الاولين,, فرفعته واطبقت عليه بشفتي حتى ابتل برضابي,.
ما بك,, الم تسمع,, انصت,, انصت,,!!
فانصت راضخا لرغبته التي لم اعتد عصيانها,, وقلت,, نعم اسمع,, اسمع صوتاً تألفه ذرات تكويني رغم انه همهمات أو أنات آتية من ذاك الركن البعيد,, واشرت بيدي الحاملة لليراع بعد ان اعتقته من قبضة شفتي وسبح باتجاه الصوت واصابعي مطبقة عليه واذا انا واياه ندخل في سديم أضحى بعد خطوات سرمدياً,, فسكت الصوت برهة خلتها دهرا,, فقلت وقد انتابني الفزع وكأنني استنجد باليراع لينزف مدادا ينير لي الطريق او على الاقل احافظ به على المسافة التي بيني وبينه حتى لا افقده في هذا السديم السرمدي ,, فذراتي تخشى الوحدة واليراع مرة اخرى وقال مبتسما,, لا تخش شيئا فالله ثم انا معك نحميك من كل آت,, فاجبته والكلمات تنساب من بين ثنايا رضابي,, هذا ما اردت سماعه,.
وعادت الهمهمات من جديد,, فارخيت اذني وطأطأ اليراع برأسه فزاد نزف المداد وشكل على اسفاري حكاية مزقت تكويني لاشلاء نثرتها بين دفتي سفري حتى لم يبق لليراع مكان ينزف فيه,, فجف اليراع,, وقلت وانا اشتت السديم واجاهد لبلوغ نهايته,, انها هناك,, ألم تعي بعد ملامح الصوت,, واردفت وانا المح الحزن يحزم اسفاري بين ثناياه ويرحل,,
كم تمنيت هذه اللحظة,, وعاد الحزن وكأنه يتفقد شيئا نسيه,.
واخذ يبحث في كل الارجاء حتى شاهد اليراع وهو يحاول الاختباء منه بين ثنايا اسفاري التي يحملها خلف ظهره,, فاختطفه وودعني وكر راحلا للبعيد.
فقلت وقد انقشع السديم والآلام تنضب وينبوع احزاني بدأ يجف,.
تعالي لاحتويك رغم ان احتوائي لك لم يتوقف ولم يهن,,وأجلستها بقربي على الكرسي الهزاز الذي لا يتسع الا لكلينا,, لكلينا فقط,.
فنظرت في عينيها السوداوين فاذا اخر صفحة من اسفاري مرسومة على ابتسامتها في سديم آخر,,
والكرسي يربت على ظهري لأستكين وأنام.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
عزيزتي
ساحة الرأي
الرياضية
تحقيق
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved