خرج وزراء الإعلام العرب من اجتماعهم الأخير يتحدثون عن نجاحات وتفاهمات تمت, وكم كنت أتمنى لو أنهم بحثوا وضع الفضائيات العربية وهذا ما يهمني لأني اعتقد أن بعضها يمثل الخطر الحي ذا الأبعاد الكارثية على أمتنا سواء على المدى القريب أو البعيد,, فمما يؤسف له أن هذه القنوات تتمتع بدعم رجال الأعمال والمتعاملين معها من مشاهير الفن وغيرهم، وقد أعجبني وصف دقيق وصفها به الإعلامي عائض الردادي في محاضرة له عن البث المباشر فقد قال: إنها قنوات غربية الثقافة عربية اللغة , وقديما وحديثا لم يكف المثقف العربي من تحذير الأمة من الغزو الثقافي غير أن الزمن يكشف زيف ادعاءات بعض هؤلاء، فنراهم اليوم يقودون هذه القنوات السامة أو يتعاملون معها دعما لمسيرتها المباركة نحو تغريب العقول وفي أحسن الأحوال تسطيحها!
إن مطالبة وزراء الإعلام بالتدخل المباشر أو فرض مواثيق معينة على تلك القنوات مسألة ما زلت أفضل تجنبها وخصوصا أنه توجد طرق عديدة للوقوف في وجه سموم هذه القنوات ومحاربتها وفق قواعد اللعبة عينها: فالذي يسمح لهذه القنوات بافساد الذوق والأخلاق وتشويه المبادىء يسمح لوسائل الإعلام الأخرى بما فيها القنوات الفضائية الملتزمة بفضح أساليب تلك القنوات المشبوهة وكشف أهدافها وثمة سلاح رجل الأعمال وهو أمضى الأسلحة حيث تعيش تلك القنوات على اعلاناته.
وأدبيا يفترض من المشاهير الذين يعلنون صباح مساء التزامهم بقضايا أمتهم أن يتخذوا موقفا من تلك القنوات (الكباريهات) ويرفضوا صراحة قبول لقاءاتها بدل الهرولة إليها, وأخيرا هناك علماء الدين الذين ينبغي لهم أبدا اجماعهم على ما تبثه تلك القنوات من برامج، أما ما يتعلق بالجهات الرسمية فإنني اعتقد أن التحكم في البث عبر (الكيبل) سيكون فعالا بدرجة كبيرة جدا خاصة في ظل هذه الفوضى التي استغلت انفتاح الحكومات العربية بصورة يحار المرء في وصفها.
إن أكثر من ثلاثين قناة فضائية عربية مهددة بالتوقف أو الاندماج بسبب تدني مستوى دخل تلك القنوات وضعف انتاجها التلفزيوني في مقابل صرف مبالغ طائلة على الأعمال والبرامج الأجنبية, وقد تصورت حال المسؤولين في هذه القنوات وهم يبحثون عن وسائل يحافظون بها على عروشهم فتنبهت إلى أن الحال سيكون أسوأ، فالمتابع لهذه القنوات يدرك أن أفسدها يستحوذ على حصة الأسد من الإعلانات، مما يعني للأسف أن بعض هذه القنوات المهددة ستحذو حذو قنوات (الكباريهات) وهذا مفزع وخطر جداً بل ان تصريحا آخر ينبىء أن العجلة قد بدأت بالفعل فقد أعلنت مسؤولة عن قناة مشفرة بأنها تفتخر بأن قناتها هي اول قناة تعرض الأفلام الممنوعة رقابيا,, وهي لم تختر هذا الوقت بالذات لتصريحها الترويجي من فراغ علما أن المنع سببه أخلاقي بحت,, وهي تفتخر.
وبقيت كلمة أهمس بها في أذن من يهمه الأمر وهي أن جميع الدراسات والأبحاث تؤكد أن (الإعلام هو المستقبل)، ولكن إعلاما نابعا من هوية صاحبه لا تابعا مذيبا في هوية الآخر.
حسين بالحارث