جاء وضع اسم اللاعب الدولي فيصل ابو اثنين على لائحة الانتقال من قبل ناديه الهلال كأول ثمرة ناضجة ذات طعم مميز ونكهة مميزة، وحجم مميز ايضاً,, من ثمرات الاحتراف الذي مضى على تطبيقه ما يقارب السنوات الثماني، وتشكل اول مبادرة من هذا الحجم سواء على مستوى النادي او اللاعب، ممثلة خطوة غير مسبوقة على صعيد الاندية، وليس على صعيد الهلال فقط.
والحقيقة انني لم اكن انوي الدخول في هذا الموضوع ومناقشته لاسباب لا حاجة لذكرها هنا، لكن رفع نادي الهلال الموضوع الى الاتحاد السعودي لكرة القدم مما يعني صبغه بالرسمية وأخذه منحى جدياً,, جعلني اتوقف عنده,, وأدلي بدلوي فيه وفق وجهة نظر شخصية,.
على ان موضوعاً كهذا يمكن تناوله من ناحيتين,, او وفق حالتين احداهما عامة والاخرى خاصة.
ففي الحالة العامة:
اعتقد انها ظاهرة صحية في ان يقوم ناد ما بوضع لاعب بارز ونجم من نجومه يتمناه كل ناد,, على لائحة الانتقال، وهي ترجمة لاحد اهداف الاحتراف,, ولها اسبابها,, ومردوداتها الايجابية التي هي نتاج طبيعي لهذه الاسباب.
فقد تنشأ خلافات بين اللاعب والنادي نتيجة اختلاف في وجهات النظر بحيث تصل الامور الى طريق مسدود,, يصبح المناخ العام,, غير مناسب لكي يعطي اللاعب مالديه، ويشارك بفعالية، وهنا يصبح الانتقال هو الحل الوحيد,, للبحث عن مناخ جديد وملائم يجد اللاعب نفسه فيه، ويقدم امكاناته، خصوصا عندما يكون اللاعب على مستوى من النجومية، وهذا بدوره ينعكس على مستوى اللاعب، ومن ثم على مستوى الكرة السعودية بصورة عامة، بدلاًمن ان يجد اللاعب نفسه خارج اسوار النادي، وبعيداً عن الكرة كخيار وحيد مضطر له كما كان سابقاً وقبل زمن الاحتراف.
وقد يكون النادي يمر بضائقه مالية، ويرى ان الحل الوحيد للتغلب عليها عرض احد نجومه للانتقال، وهي خطوة مقبولة، وطبيعية وتطبقها كثير من الاندية العالمية.
ويأتي تحديد النجم المعروض وفقا لمواصفات معينة,, مثل توفر نجم آخر لشغر مكانه,, او توافر عدد من النجوم في الفريق لتعويض غيابه، وربما لعدم استفادة الفريق منه نظرا لتميزه وعدم وجود فريق متكامل يسانده على البروز للاستفادة منه,, الخ.
وقد تكون رغبة ذاتية لدى اللاعب نفسه بالبحث عن موقع آخر قد يجد نفسه فيه من خلال خوض تجربة جديدة للاستفادة من بعض الخبرات المتوافرة في ذلك النادي والتي قد لا تتوافر في ناديه.
وربما لتقديم عرض مالي مغر للنادي واللاعب يعتبر فرصة عمر للطرفين للاستفادة منها وقد يستفيد النادي من المبلغ لشراء عقود اكثر من لاعب، او دعم خزينة النادي للاستفادة منه في بنود اخرى، ومصاريف اخرى.
والمهم في الموضوع:
ان انتقال اللاعب من ناديه الاصلي الى ناد آخر,, يجب ألا يغير من نظرتنا كجماهير لهذا اللاعب وهذا لا يعني تغيرا في الانتماء او الميول، فالانتماء شيء,, والعمل شيء آخر اذا نظرنا الى الاحتراف كمهنة ومصدر رزق، ويجب ان نرتقي بتفكيرنا ونظرتنا سواء كجمهور سابق للاعب او جمهور جديد في التعامل معه، والتفاعل مع عطاءاته.
هذا بصورة عامة,.
اما الحالة الخاصة: فهي التي بين يدينا الان واعني قضية فيصل ابو اثنين، ونادي الهلال، والتي يمكن ان تندرج تحت السبب الاول من الاسباب التي اشرت اليها آنفا ضمن مسببات لجوء النادي -اي ناد- الى وضع اسم اللاعب على لائحة الانتقال، وان كان البعض خصوصا ابو اثنين نفسه يرى انها لا تندرج تحت هذا البند بمفهومه الحقيقي والواسع بقدر ماهي خلاف شخصي بين اللاعب ورئيس النادي بما يشير ضمنا الى ان القرار هو قرار الرئيس وليس قرار مجلس الادارة بما يخرج القضية عن كل الاسباب السابقة واعتبارها حالة خاصة على الاقل بالنسبة للاسرة الهلالية وامكانية معالجتها، اما بمفهوم الاحتراف ولوائحه فقد اخذت الجانب الرسمي ولا يمكن التراجع عنها الا وفق اللوائح والانظمة.
على ان وصول القضية الى هذه المرحلة لا يعني خروجها عن اليد الهلالية فمازالت تحت سيطرته وبامكانه التراجع وفق اللوائح كما اشرت وهو امر سهل وهين.
والسؤال الذي يطرح نفسه كنتاج طبيعي لهذه القضية او اية قضية مشابهة:
هل مجرد وجود خلاف شخصي بين اللاعب اي لاعب ورئيس النادي اي ناد يمكن ان يؤدي الى هذه النتيجة وهي وضعه على لائحة الانتقال؟!
واللاعب اي لاعب عندما وقع عقده الاحترافي مع رئيس النادي اي ناد ، هل وقعه معه بصفته الشخصية,, ام بصفته ممثلا للنادي؟!
بمعنى آخر
هل العلاقة هي بين اللاعب والرئيس ام بين اللاعب كلاعب,, والنادي ككيان؟!
هذه الاسئلة تطرح نفسها لتحديد اطر العلاقة بين اللاعب اي لاعب ، والنادي اي ناد .
وفي موضوع ابو اثنين والهلال يتضح بعض من هذه الجوانب يؤكدها تصريحات اللاعب وعدم نفي الادارة، مما يعني انها لم تصدر من فراغ,, والاصل في الشىء انه ثابت مالم يأت ما ينفيه.
وفي قضية فيصل ابو اثنين والهلال ثمة حقائق لا يمكن اغفالها,, او نفيها، من ابرزها:
ان ابو اثنين صرح في اكثر من مرة انه ابن الهلال,, سواء من بداية ظهوره على الحياة او من خلال تدرجه في الهلال كناد بدءا من مدرسة البراعم ثم الناشئين فالشباب فالفريق الاول,, الى ان اصبح يشعر بان الهلال جزء منه,, ورئة ثالثة يتنفس منها.
ان اللاعب نفسه صاحب مستوى متميز والهلال بحاجة لخدماته,, خصوصا في ظل المستوى المتأرجح لخميس العويران، وقرب وداعه للملاعب وحاجة المنتخب لخدمات العديد من اللاعبين,, الخ
ان ابو اثنين نفسه عقلية علمية ناضجة وذو مؤهل اكاديمي عال,, يندر وجوده في ملاعبنا التي بحاجة بالفعل لامثال فيصل.
وعندما اقول مثل هذا الكلام فلست في مجال الدفاع عن فيصل ابو اثنين الذي لا تربطني به اي نوع من العلاقة,, حتى المقابلة الشخصية لكنني ارى فيه هذه الصفات,, وهي واضحة معروفة، وفي الوقت نفسه لا انفي عنه الخطأ باعتباره بشرا معرضاً للخطأ كما هو معرض للصواب كما انني لا انفي ذلك عن الادارة الهلالية.
ان ابتعاد لاعب بمستوى فيصل فنيا وعلميا,, ليس خسارة على الهلال فقط,, بل على الكرة السعودية والرياضة بصورة عامة في وقت تحتاج فيه لمثل هذه القدرات والكفاءات كنماذج يحتذى بها في الوسط الكروي.
واعتقد ان الامر بيد الهلاليين انفسهم وبيد فيصل ابو اثنين.
الهلاليون ممثلين في سمو رئيس مجلس الادارة الامير بندر بن محمد واعضاء المجلس وايضا اعضاء مجلس الشرف,, والذين تهمهم مصلحة الهلال بالتدخل الشخصي في الموضوع,, وان يكون هناك تنازلات,, وقناعات مشتركة من جميع الاطراف بما لا يؤثر على شخصية او مبادىء اي منهم ويحفظ لكل منهم قيمته الاعتبارية.
واثق ان كل طرف يملك من العقلانية وحسن التصرف ما يجعله قابلاً للحلول المطروحة.
والحديث هنا ليس الهدف منه مصلحة شخصية لطرف دون آخر بقدر ماهي مصلحة عامة لكل الاطراف.
فرئاسة النادي ذاهبة,.
واللاعب ذاهب,.
واعضاء الادارة,, واللاعبون ايضا وحتى الجماهير,.
وتبقى الكيانات فقط,, الى اجل مسمى فتلك سنة الحياة
وعلينا ان نعمل دائما من اجل الكيانات لان بقاءها,, يعني استمرار اداء رسالتها نحو المجتمع.
والعمل من اجل المجتمعات اكثر نفعاً واجدى، واكثر بقاء.
انه كالنبتة الطيبة التي تؤتي ثمارها كل حين,, عكس العمل من اجل الافراد الذي مهما كانت قيمته واهدافه,, فانه ينتهي بانتهاء ا لفرد! وما اسرع ذلك,والله من وراء القصد