بيني وبين لقائك المتجافي
ظلماتُ داج وامتداد فياف
وكواكب ظمأى وشوق حائر
وحديث أطيافٍ الى اطياف
إن قلت: قد جفَّ الضياء بناظري
فانظر الى طلل الغرام العافي
فلقد رأيت بناظريك بدايتي
ولقد رأيت نهاية التطواف
من قبلك الدنيا يباب كلٌّها
جمدت على برد السكون الضَّافي
وبعيدَ نأيك كل لحن ناطق
بحفيف حشرجة ونوح غُداف
لو تدركين مدى الحروف ووحيها
لسرى بقلبينا لقاءٌ شاف
ولأيقنت تلك المهامه انها
تغفو على جنبات نهر صاف
فجنيت منها وهي مرت سبسب
ما شئت من زهر ومن اصداف
عندي الليالي الناعسات وسحرُها
وعبيرها الفوّاح بين شغافي
لم انس وحي سكونها ونجومها
إذ دبّ في اعماق قلب غاف
فجلا له يسرّ الحياة بنشوة
علوية كم تنتسب لسُلاف
حتى اذا خبت استعاد فلم يجد
الا مدامع واله مِسياف
ذابت بها الاتراح في افراحها
في ساعة ملمومة الاطراف
هذا الزمان بطبعه متلوّن
لا يستقر على هدى الانصاف
فلئن رضيت بما اتاه فإنه
لا ينثني ولما اردت مُناف
هيهات يُقصر ذاك من غلوائه
او يستفيق لتوبة وتلاف
ان كان اظهر لي وفاق مسالم
حينا فليس وان وفيتُ بواف
فكِه ولكن شاب شهد رضابه
بنقيع حنظلة وسم زُعاف
والموت اصل والحياة تحرك
في ساكن من دهرك المتنافي
تمشي بنا الايام قسراً لا نرى
الا طريق تفرق وتجاف
هذا الجميع الى مدى وكأنما
يلهون بين مودِّع ومواف
جيل على آثار جيل لا ترى
الا بقية ثلَّة اخياف
نحروا على نصب الهوى اعمارهم
فأتوا بكل جهالة وزِياف
جلّت عن العبث الحياة فباطل
اغضاء مهضوم على اجحاف
ولقد وقفت بمنطقي في موقف
ناء عن الاسفاف والالحاف
جاءت قوافي الشعر وهي خواضع
حتى وقفن بموقف الاعراف
فجمعت بين فريدها وشرودها
وطرحت كل مضافة لمضاف
حتى اتيت بها كأحسن كاعب
من غير تشبيب ولا اوصاف
صيغت لها حلل البيان قلادة
منظومة بعواطف وقو اف
تختال سافرة بطرف ساحر
ناء عن الاقواء والاصراف
لم تشنأ الاوزان عاجزة ولم
تنظر الى ماجدَّ نظرة جاف
ليست بشمطاء الذوائب كهلة
تمشي باقدام لغبن ضعاف
بل عانقت عصر الشباب وحلَّقت
من لفظها بقوادم وخواف
حوراء واضحة الترائب تكتسي
ثوبين ثوب هوى وثوب عفاف
مرتجة الارداف في حركاتها
وبميلها مهتزة الاعطاف
ترنو بعينيها لكل متيَّم
في حسنها فيطوف اي طواف
يستكشف الحسن القريب بوحيها
ويظل يجهل كل حسن خاف
لمع الخيال بها فاصبح درُّها
نورا يشع من الفؤاد الصافي
اوفي العقول معارفا وتخيلاً
في بحرها ان رام غوصاً طاف
خيلاؤها بخيالها وجلالها
بالفاء غير ذليلة الاكناف
تستنزل الالهام من ابراجه
من غير إلحاف ولا اسفاف
كم فكرة فيها كأن فحيحها
قبس اضاء بحالك الإسداف
اشباحها للسابقين وظلها
للاحقين وقلبها لي واف
سارت على شفتيَّ صادقة الهوى
سكرى على نعم الزمان الغافي
اودعتها نجوى الفؤاد فأترعت
وترنحت طربا على اسيافي
فبها قضيت ذمام نفسي مادرى
خلّي الوفي ولا مريد خلافي