عُرف عن صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن عبدالعزيز حب الخير، ووضع الإنفاق في موضعه، وقد سُررت كثيراً عندما قرأت في صحيفة الرياض بتاريخ 27/2/1420ه خبر تبرع سموه لتعبيد طريق الخماسين الهضب، ذلك أن الطريق المذكور يتكون من رمال يصعب تجاوزها، فالمعاناة اليومية لسالكي الطريق قائمة، والتفات سموه إلى معاناة سالكي الطريق سينهي تلك المعاناة إن شاء الله.
إن اهتمام ولاة الأمر بشؤون المواطنين يسير عبر قنوات، قد يقدم فيها الأهم على المهم، ومن هنا يبرز عمل البر والخير في مجالاته المختلفة والمتعددة، فبلادنا مترامية الأطراف، وخدمتها تتسع لبذل الحكومة وبذل المواطن الذي يجد في ماله سعة للإنفاق, إن فئة من المواطنين الموسرين لا يعرفون البذل داخل الوطن، ولكنهم يستجيبون لداعي التنبيه خارج البلاد، فيتسابقون في البذل لأفغانستان والبوسنة والهرسك وكوسوفا، وتلك أعمال خير وبر، يشكرون عليها، ونرجو لهم المثوبة من الله، ولكننا نريد منهم الاستجابة للمنكوبين في المملكة، فيجمعون بين الحسنيين، لقد قرأنا في الصحف منذ أشهر أن بعض سكان منطقة حائل فقدوا أغنامهم بسبب مداهمة السيول والبرد، فأين أصحاب البذل؟ ولماذا التراخي من قبل القادرين على تخفيف المصيبة؟, إن كثيراً من الأسر تفقد عائلها في كل يوم بسبب حوادث الطرق، والأسرة التي فقدت الأب بحاجة إلى المال، فتوجه الموسرين إلى المحتاجين داخل المملكة لا يقل عن توجههم إلى مساعدة المحتاجين خارج المملكة, إن فئة من الموسرين تتلمس أوجه الخير والبر في تعبيد طريق أو علاج مريض، أو تعليم صبي يتوسم فيه النبوغ، أو حفر بئر لإرواء العطشى، ومن تلك الفئة الجميح عندما قام بتعبيد طريق النفود الذي يفصل شقراء عن الحمادة قبل خمسة وثلاثين عاماً، ومنهم عبدالعزيز بن موسى الذي عَبَّدَ عقبة في جبل العرمة قبل ربع قرن، وعمل الأمير عبدالرحمن في تعبيد طريق الهضب من ضمن تلك الأعمال الخيرة، وفي السنوات الأخيرة تنامى التوجه إلى البذل داخل المملكة، فأخذنا نسمع عن التبرع لشراء أجهزة غسيل كلى للمستشفيات، بل إن عدداً غير قليل من الموسرين توجه إلى البذل في بناء المدارس، كما عمل العُليَّان، وبناء المستشفيات، والمستوصفات، ونرجو أن يتسع الإحساس بحاجة الوطن إلى مجالات أرحب وأوسع.
إن الدولة تقوم بأعمالٍ على امتداد الوطن، والتعريف بتلك الأعمال يقع على عاتق الإعلام، فالإعلام هو الذي يوقف المواطن على منجزات الدولة الكثيرة، لقد نقل إلينا الإعلام افتتاح سد وادي بيشة قبل عام، ولكنه قصر عن متابعة تعريف المواطن بهذا المخزون المائي الكبير، الذي يعد من أهم المشروعات المائية في المملكة العربية السعودية، إن المواطن في المملكة العربية السعودية يعيش هاجس الماء في كل بقعة، فإذا توافر الماء بتكاليف غير مرتفعة فإن ذلك نعمة من الله كما هو الحال في سد وادي بيشة حيث تغذيه الأمطار ولله الحمد والمنّة,إن بلادنا الواسعة تحتاج إلى الماء، وقد بذلت الدولة الأموال الطائلة في سبيل جلب مياه البحر المحلاة إلى كثير من المدن والقرى، ولكن اتساع المملكة لا يتيح وصول الماء إلى كل بقعة، ومن هنا تبرز الحاجة إلى الآبار، فالإنفاق في حفر بئر من قبل الموسرين بر وخير، فإذا كان بعض أصحاب الثراء يتقدمون إلى وزارة الشؤون الإسلامية لبناء المساجد، فلماذا لا يتقدمون إلى وزارة الزراعة لحفر بئر في حفر العتك، أو في أي موضع يحتاج سكانه إلى الماء؟, أعود مرة ثانية إلى إسداء الشكر والعرفان إلى صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن عبدالعزيز جزاء ما قدم من بذل لوطنه ومواطنيه.
د, عبدالعزيز بن محمد الفيصل