Tuesday 22nd June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الثلاثاء 8 ربيع الاول


بدون ضجيج
خبز الكلمة!
جار الله الحميد

أن تكتب يعني: أن تعيش!
ان تقاوم الموات الذي يجثم على الروح في لحظات الدمار الانساني البشع!
ان تنهض رغم جراحك النازفة دما يشبه الكلام, او كلاما يشبه شهقات الروح وهي تكاد تحتضر!
الكتابة هي الداء الذي يعلمك الصبر الذي لا يقوى عليه أحد!
هي التي تجمعك بالآخرين مهما كانوا! على بساط واحد, مهما يكن حجمه فانه يتسع لكم, ستجد من يجبر جملة مكسورة انزلقت منك وأنت تلهث إذ تكتب!
وتجد من يعترض على حكاية حكيتها لأنها لم تمثل له ما كان يأمل! تكونون أصدقاء ربما لمرة واحدة وربما للأبد! يمارس كل منكم دور الآخر المرة الأولى بخجل وما بعدها يصبح ليس بالامكان اسكات من بدأ يروي حكايته!.
والحكايات الجميلة!.
لأنها طالعة من شجيرات القلب.
هذه هي قصة حب الكتابة! ذلك الحب الذي لا يشبهه حب آخر, فهو غير قابل للتزييف، واللعب بمشاعر الآخر، وتكوين صفقات مشبوهة بين أطراف تجيد عقد صفقات الكلام, حب عذري كما سمعنا عن أجدادنا في كتب الشعر وحكايات المجانين الذين غادروا هذا العالم متوشحين جراح الحب الذي عصرهم حتى غدوا أشباحا لا تُرى إلا قرب الأطلال وبجانب النخلات المهجورة وآبار الماء التي هجرها الرعاة والصبايا اللاتي كن يملأن خوابي الماء على رؤسهن ويمشين كما يليق بشجر الورد ان يمشي!.
علاقتنا بالكتابة علاقة غير بريئة بمعنى غافلة أو ساذجة !.
بالعكس: إنها مليئة بالتلصص على عوالمنا.
على أفكارنا المتطايرة كأسراب الفراش!
على صباحاتنا التي تبدأ عادة بلا قهوة, ولا ترتيب, تبدأ بالورق ذي الرائحة المعطرة بتعب العمال والعتالين وقائدي أساطيل سيارات البيك آب التي تقوم بتوزيع كل هذا الورق الصباحي الذي نغرق فيه زمنا نعده من أزماننا الطقوسية فلا صباح بدون جرائد!.
هكذا تعودت أعيننا.
مثلما عودنا أصابعنا على الخربشة على البياض الذي يلمع مغريا بالكتابة وداعيا للبوح والشفافية وبداية الكلام مع الذين تتأرجح علاقتنا بهم في كل سطر ولكننا ندري أنهم يحبون الخلاف معنا, لمجرد خلق حالة صوفية ! لا يجدونها سوى على سواد الصفحات الطازج, مثلما لا نجد الخبز الأحمر الناضج إلا لدى لهيب الخباز الذي يدفىء صدورنا ودواخلنا.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
ملحق الخرج
مشكلة تحيرني
منوعــات
القوى العاملة
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved