Sunday 20th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 7 ربيع الاول


أمثالنا الشعبية,.
ونظرتها إلى عشاق الحروب

الأمثال نتيجة تجارب قد تكون قاسية سيئة,, وقد تكون مفرحة سارة في اي شأن من شؤون الحياة,, وقد مرت على بلادنا العزيزة تجارب قاسية في الحروب والنزاعات التي لها بواعث متعددة,, منها حب السيطرة, وقد يكون من اسبابها التوسع في النفوذ وقد يكون ذلك ناتجاً عن التنافس وحب الظهور والسيطرة.
وقد تمخضت هذه الأمثال ونتائجها عن كثير مما يجري في زماننا أو قبل زماننا بقليل,, ومن هذه الأمثال العريقة العميقة - في نظري - قولهم: ولد العجوز ما يعطي الحق لين تنتف لحيته اي انه لا يخضع للقضايا العادلة الا بعد الاذلال والاهانة,, وقد تكون هذه الاهانة بارزة للعيان بحيث تبدو على وجهه,, فيظهر بلا لحية,, واللحية في عرف آبائنا واجدادنا عنوان الرجولة والفحولة والشرف!!.
وقد لقب هذا الذي يتجاهل أمور العدالة بولد العجوز لأن آبائنا وأجدادنا لهم نظرة خاصة في الأولاد,, فأولاد الكبار في السن اي العجائز يكون منشأهم من ضعف,, ومن نشأ عن ضعف يكون ضعيفاً,, والضعف قد يكون في الأبدان,, وقد يكون في التفكير والتقدير ولذلك فهم تعويضاً لنقصهم يصرون على آرائهم أمام خصوم هم اقوى منهم مادياً ومعنوياً,, فتكون النتيجة هي الهزيمة والخراب والذل والاهانة,, وأخذ الحق منهم بقوة الحق,, وقوة السلاح,, وكم في هذه الحياة من العبر والمواعظ,, ولكن كما قيل:
ما اكثر العبر وما أقل المعتبرين !!.
هذا مثل من الأمثال الشعبية الذي ترى ايها القارىء الكريم انه ينطبق على كثير من الخصومات والحروب التي تدور رحاها هنا وهناك,, ومثل آخر قد لا يكون اقل من اصابة للهدف من سابقه بل انه يعالج هذه الشؤون من عدة جوانب,, انه يقول: اذا جاك الواحد فقابله فإما ان تكون غالباً أو مغلوباً,, ولكن اذا جاك اثنان فحك راسك,, أي فكر وقدر الأمور بمختلف الموازين فان كان لديك السلاح الذي يفوق اسلحتهم,, ولديك قوة العضلات التي تفوق قوة عضلاتهم فعند ذلك اقدم على النزال,, اما اذا كان غير ذلك فابحث عن حل آخر غير المنازلة والصراع!!.
أما الدرجة الثالثة فهي تقول: اذا جوك ثلاثة فانحش اي اهرب فان لقاء واحد لثلاثة يعتبر مجازفة والقاء النفس الى التهلكة,, والكثرة تغلب الشجاعة!!.
إن من العجب العجاب أن ترى زعماء ينازلون جيرانهم وينازلون خصوماً هم اقوى عدة واكثر عدداً اضعافاً مضاعفة,, فيجلبون الدمار لبلادهم اقتصادياً وبشرياً,, ومع ذلك فانهم يدعون انهم هم المنتصرون,, ويقاومون مقاومات بسيطة,, وكأن لسان حالهم يق ول زيدونا خراباً ودماراً,, وحطموا ما تبقى من البقايا التي لم ينلها بعد خراباً!!.
والأعجب من ذلك والأغرب ان هذا الزعيم وقائد النشامى الذي عرض شعبه للدمار يهنىء قائداً آخر مثله ويثني على صموده وشجاعته ووقوفه في وجه تلك القوى التي لا قبل له ببعضها فكيف على الوقوف في وجهها مجتمعة!!.
انه جنون الغرور الذي يحرق الأخضر واليابس ويترك خلفه دماراً واسع النطاق في الأنفس والممتلكات,, والذي لا يمحوه الا كفاح سنوات متواصلة من الكفاح المرير والمجهودات المخلصة من جميع فئات الشعب!!.
والآن بقي ان نأتي بشاهد شعري لشاعر خفيف الدم والروح انه,, حميدان الشويعر الذي يقول في احدى قصائده الشعبية البديعة ثلاثة ابيات تستحق ان نقف عندها وقفات سريعة لأنها تتعلق بالحروب ومصائب الحروب,, يقول الشويعر:
لا تطلب صلحاً من جاهل
لين الحرب تثور تفقه
ويرش قبور لرجال
وينعي الناعي شيٍ طرقه
ثم اعذل فيهم يا عاذل
تخلى لك الرقاب صدقه
هذه الأبيات الثلاثة تشير الى اسباب بدء الحروب وان من اعظم اسبابها الجهل,, جهل القائد بقدراته,, وجهله بقدرات خصومه,, والتفق هي سلاح بسيط او بندقية بدائية,, كانت تستعمل في الحروب القديمة منذ ثلاثة قرون تقريباً,, وخلاصة هذه الابيات ان الجاهل يكون قاصر النظر ولا يفكر في عواقب الأمور,, فتدفعه العواطف الجامحة الخاطئة الى ان يدخل صراعاً مع قوى هي اكثر منه قوة,, فاذا رأى ما تفعله الحرب ببلاده ورجاله وشعبه,, فانه يتراجع عن غروه ويدعو الى الصلح ولا يطالب بشيء من التعويضات عما فقده من نفوس وأموال ذهبت وقوداً للحرب التي اشعلها!!.
هذه آراء خاطفة عن رأي الآباء والأجداد في الحروب ورجال الحروب في الأزمان الماضية,, وقد يكون لهذه الأحداث اشباه ونظائر في زماننا الحاضر غير انها تكون اشد آلاماً وانكى قوة بالمقارنة بما مضى والسبب في ذلك تطور السلاح وآلات الدمار التي صارت تقضي على الناس بالجماعات بدل ان تقتلهم بالأفراد.
أراني ايها القارىء الكريم قد انغمست في بحر السياسة المتلاطم الأمواج وأنا لا احسن السباحة فيه,, ولا اعرف زوايا السياسة وخباياها المظلمة التي لها ظاهر وباطن ولا يعرف ما بداخلها الا الذين مارسوا السياسة وعرفوها حق معرفتها.
لا يعرف الشوق الا من يكابده
ولا الصبابة الا من يعانيها
وما الذي خطه قلمي الا عواطف وانفعالات تزاحمت في دهني مما اسمعه وأراه من احداث وحروب يتلو بعضها بعضاً ولا أعرف من هو المستفيد منها.
هل هم الذين يصنعون اسلحتها,,؟! ام الذين يملكونها ويستعملونها؟!,, ام هم الذين يتاجرون فيها,,؟! ام ان مصالح الخراب والدمار مقاسمة بينهم كل يأخذ نصيبه منها ويحمل وزره ووزر من عمل مثل عمله الى يوم القيامة!!.
اللهم انا نسألك قادة مبصرين يعرفون ما لهم وما عليهم في الدنيا والدين والحمدلله رب العالمين.
عبد الكريم الجهيمان

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved