اذا كان هناك من كتاب مهمل ويعاني الكساد، فان أفضل طريقة لتسويقه وترويجه وجعله سلعة ثمينة ونادرة هو منعه من الاسواق، وتجريم صاحبه ونعته بالاوصاف العجيبة الغريبة، والتي بدورها تؤجج حماس المجموع، تجاه اقتناء هذا الكتاب ومن ثم قراءته.
وهذه هي المتوالية دائمة الحدوث في دول العالم الثالث، حيث يعتبر المنع للكتاب هو صفارة الانطلاق السرية لهرولة كبيرة اتجاه اقتناء هذا الكتاب بحد ذاته,, سواء من المهتمين او سواهم ولكنها متعة اقتناء الممنوع ومعرفته.
وعلى الرغم من هذا، فان الجهات المسؤولة ما برحت مصرة على قضية المنع والمصادرة ومن ثم التصفية الفكرية.
وآخر هذه التمثيليات هو الضوضاء التي تحدث هذه الايام في مصر حول كتاب (أبونا آدم) للمؤلف عبدالصبور شاهين.
والذي حاول ان يخرج ويفسر بعض الآيات القرآنية من خلال تخريج لغوي مبني على اجتهادات خاصة.
وهو في محاولته هذه حاول ان (يؤسلم) ان صح التعبير نظرية النشوء والارتقاء لدارون من وجهة نظر خاصة به مما ادى الى قيام ثورة عارمة ضده من قبل علماء الدين في مصر اوصلت الامر الى القضاء المصري 0وهذا المأزق الذي يقع فيه بعض البحاثة في علوم الدين والذين يحاولون تطبيق (النص الديني) على المكتشفات العلمية، فالنص الديني نص الهي مقدس يترفع عن جميع ادوات القياس (الأمبريقية) بينما تظل المكتشفات العلمية قابلة للتبدل والتغير طالما ان هناك بشرا يكتشفون ويخترعون.
ولكن القضية ليست ها هنا، ولكن بالزوبعة الاعلامية التي رافقت الكتاب والذي لا أظن انه يحمل قيمة فكرية بحد ذاته، عدا كونه معرضا للاخذ والرد والاثارة.
حتى ان طبعته قد نفدت من الاسواق واخذ في تصويره وتداوله بطريقة سرية ولا سيما بعد مطالبة بعض العلماء في مصر بتكفير صاحبه والتفريق بينه وبين زوجته.
ومن الواضح ان هذا هو اسلوب الحوار في دول العالم الثالث، حيث يلغى الجدل والموضوعية، ويحل بدلا منه التصفية والتهميش والالغاء للطرف المخالف الذي لا يشبهنا.
ملاحظة: مؤلف الكتاب الذي كفره جماعة من العلماء، كان قد كفر قبل مدة من الزمن كاتب مصري يدعى نصر ابوزيد وطالب بالتفريق بينه وبين زوجته!!!