هكذا المضمون في النص القصصي,. فهد العتيق |
* نسبة كبيرة من النصوص القصصية المحلية والخليجية وبنسبة أقل العربية، التي قرأناها في العقدين الاخيرين كانت فقيرة على مستوى المضمون، او الموضوع، او الأفكار، وأظن ان تحول النص القصصي الى الاهتمام بالمضمون الآن، سوف يكشف الكثير من التجارب القصصية المحلية، وهذه نقطة ايجابية لصالح هذا النص، فقد مرت القصة بالذات المحلية بمغامرة مع اللغة، مغامرة قوية وجادة وهذا ما جعل المتلقي يصم هذه القصة بالغموض، وهذه المغامرة التي ربما كان هدفها بحث الكاتب عن لغته الخاصة جعلت حضور الأمكنة والشخوص والأحداث أقل وضوحاً، وكذلك الأفكار التي كانت في الغالب أقل عمقاً، لدى الكثير من النماذج القصصية المحلية او المجموعات القصصية المحلية التي صدرت في ذلك الوقت، وتلك المغامرة مع اللغة يفترض ان تكون قد افادت الكاتب في تطوير لغته وأدواته، عندما يريد الدخول الآن في تجربة اخرى جادة مع المضمون، يقول القاص والروائي العربي بهاء طاهر: التقنيات اللفظية على حساب الجوهر الانساني حوّلت الأدب الى العاب شكلية والفاظ زخرفية لا معنى لها ولا فائدة منها .
* ومن يقرأ الآن التجارب القصصية العربية والمحلية الجديدة التي اظهرت اسماء جديدة لهذا الفن، سوف يجد أن هذا النص القصصي الحديث قد اتجه نحو السهولة بعد تعقيد والى عمق الحياة اليومية وتفاصيلها بعد ان كان على ساحلها مع ابتكار صور وطرائق وكيفيات جديدة تُقدم بلغة شاعرية راقية وليس بلغة القاموس الصعبة والمظهرية، لغة طيعة وبسيطة وجذابة، لغة جدلٍ موحٍ يثير وعي المتلقي ويمنحه الفرصة للابداع وطرح اسئلة النص بطرق مختلفة تثري هذا النص وتُغنيه مثلما تثري وتُغني مخيلة المتلقي وواقعه اليومي المعاش، الذي يحتاج الى هذه المخيلة المتحركة لمحاولة فهمه، مع الافادة من كل الاشكال او المعماريات الأدبية: شعر، سينما، مسرح، مقامات، تصوير، نحت، ولكن بصوت اعلى للفكرة وللمضمون بشكل عام، المضمون القادر على اختراق المستتر والمخفي او المسكوت عنه في حياتنا بطريقة جديدة وبأدوات فنية متقدمة ولغة شاعرية فنانة بعيداً عن الزخرفة اللفظية وعن التعاطف الممجوج مع هذا الواقع وقريباً من المناطق المضيئة في حياتنا اليومية وفي واقعنا الذي يشتد جدله الآن معنا بطريقة اقل طلسمية واكثر وضوحاً، واقرب الى وعي الانسان العربي لتدشين مسار وعي آخر بعيد عن النمط وعن السائد.
* المضمون في النص القصصي العربي والمحلي يتحرر الآن من كل الزوائد اللفظية والشكلية، ويقترب من الانسان وهمومه بطريقة اكثر فنية، واذكر انني تطرقت الى هذا الموضوع عبر ملحق جريدة الرياض الثقافي في العام 1989م بعد ان نشر لي في ذلك الوقت قصص مجموعة (اذعان صغير) وهي شروق البيت وحصة رسم واذعان صغير، واظن انني ما زلت بعد مجموعة (عرض موجز,,) مخلصاً لعمق المضمون والفكرة في النص القصصي لكي نقترب اكثر من وعي المتلقي بأدواتنا الفنية واللغوية التي يفترض بعد هذه التجربة ان تكون اكثر تطوراً،
وهذا ما نأمله ايضا في اسماء ادبية محلية وعربية جديدة وواعدة جعلت من قضية الانسان وهمومه هدفاً لأدواتها الفنية ولمشاريعها الكتابية النابضة بالحس الوطني والعربي والانساني بشكل عام.
|
|
|