Sunday 20th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 7 ربيع الاول


ديوان الأم والابن -8
تغريبة فلسطينية,, إلى أمي,, ومنها إلى أبي,,
قصائد: إبراهيم نصر الله

في حديثنا حول مشاغل الأمهات
,, وبمن سوف يولد
تنشغل الأمهات هنا
وبمن مات أو سيموت،
بمن غادر البيت ذات مساء
ولكنه لم يعد بعدُ
ثانية فبكته البيوت
وتنشغل الأمهات بمن سوف يمضي الى الحرب
نصف فتى
لن يقلن له أنت أصغر من أن تكون هناك
وأكبر من أن تظل هنا
كل نار تجيء
ستقتات من عشب أكبادهن وأكبادنا
فيجمعن أشلاءنا خلسة
ويخطن فراشات أرواحنا
,, ثم تنشغل الأمهات هنا
بمرور الجنود على العتبات
فيحصين ما قد تبقى لهن من الأبناء الصغار
ويحصين ما تركته الحروب
من الماء والشاي والأرغفة!!
ويرقبن قامات أبنائهن تطول ضحى
والأيادي على مهج خائفة
ثم تنشغل الأمهات بنا
كلما
طرقت في المساء أيادي العساكر أبوابنا
أو أيادي الضيوف،
ويبحثن بين أصابعهن النحيلة عنا
ويحترن في الفرق بين الدوالي وبين القطوف،
,, وتنشغل الأمهات هنا
برحيل أخ لصحارى الجنوب،
وموت أب هكذا دون معنى
هنا
وهنا
وهنالك
في كرنفال الحروب؛
وتنشغل الأمهات بعنوان قابلة واسمها
قبل ميلاد أحفادهن بعام،
وينسين ما شئن من خوفهن
علينا لكي لا يفرّ الغمام؛
وتنشغل الأمهات هنا
بطريق يؤدي لبيروت ليلا
وآخر يلقي بنا للرياح
وبرّ الشآم،
وتنشغل الأمهات هنا
خائفات
بنصف الكلام,.
,,, ,,.
أين يمضي النهار بهنّ
ولا شيء
غير زحام دماً في الزحام،
وغير الفروق الهزيلة ما بين شكل الغراب
واسم الحمام!!
في عتابها له
: لماذا سترحل؟
قالت له
حولنا الآن أولادنا,, عشرة
حولنا الآن أبناؤهم
,, ضحكهم
حولنا الآن منفى
نُعلِّمه
منذ خمسين عاما طقوس التواضع
حين يمرون في أرضه
أو يمرُّ بهم
إن مضوا للظلام
وان أشرقت شمسهم
فلماذا سترحل؟
قد جاءنا ألف موت
صبرنا
كسرنا دروب الرصاص الذي هب براءتهم بالعيون
الى أن تفتح نوارُهم
وظلل روحي وروحك - يا سندي- نخلهم
فلماذا سترحل
قالت له
بيتنا واسع!!
وعلى السطح شمس شتائية
لم ينل ضوءها أي عتم
وترتاح دافئة قربنا في الفِناء
لماذا سترحل
خمسين عاما غسلت لها وجهها بيديك
وعلمتها ان بيتك بيت لها
إذ يضيق عليها الفضاء
أين أمضي بها حين تأتي إليَّ
سيقتلنا برد هذا العراء
لماذا سترحل؟
جيء بنا كي نموت هنا
ولكننا - أنت تعرف- عِشنا
وفي كل بيت بنينا البيوت التي خلفنا وأطعنا الحنين
الذي في الليالي الطويلة فاض ليحملَنا
لمنازلنا في أعالي التلال وفي دمنا
فلماذا سترحل؟!
ها كل أولادنا ههنا
أنت ربيتهم مثل زيتونة
وانحنيت عليهم سهولا من القمح
أطعمتهم بيديك
وعلمتهم قلبهم,, صوتهم
وعلمتهم ان يحبوا كثيرا
وألا يضيِّعهم جريهم خلف صمت وقوت
لماذا سترحل
مثلك يا سندي لا يموت.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved