بالاضافة الى ما ذكرته في الأسبوع الماضي من بعض السلبيات التي أراها وكثيرون غيري كذلك ، هذه السلبيات ذكرت منها الاسعار العالية وغير المراقبة وكذلك النظافة أو لنقل الحد الأدنى من النظافة ، فنجد ان الأسعار المطلوبة في كثير من الأحيان لا تتناسب مع ما يقدم مقابلها من خدمات, وربما انبرى من يقول بأن الأسعار نسبية وتزداد وتنقص حسب الموسم والمنافسة, اقول نعم ولكن الناس الذين يطلبون السياحة للراحة والاستجمام صنفان: صنف يستطيع الاختيار فيسافر للمكان الذي يراه مناسبا بغض النظر عن مكان وجوده أهو داخل المملكة أم خارجها, وصنف لا خيار له لأسباب كثيرة ليس هنا مكان تفصيلها، هذا الصنف الأخير يجد نفسه شبه مرغم على القبول بما هو موجود وان يدفع ما يطلب منه دون ان يجد فرصة حتى للمساومة.
قال لي بعضهم وقد مر بتجربة سياحية داخلية فريدة ووحيدة, سافرت بالسيارة الى احدى مدننا السياحية مع أفراد عائلتي بنية السياحة والاستجمام فوصلت بعد سفر طويل الى المدينة المطلوبة ليلا وقد بلغ مني الإعياء والإنهاك درجة لا توصف، وبدأت أدور أبحث عن مكتب سياحي ليساعدني في وجود مكان للنوم لي ولعائلتي ولم أتمكن من وجود مرادي، فسألت المارة والبقالات في الشوارع عن الفنادق أو الشقق فلم أوفق بفندق لديه غرف شاغرة، وأخيرا وبعد ساعات من البحث والدوران وقعت في يد سمسار يبدو أنه من أهل المدينة وكان الوقت متأخرا بعد منتصف الليل وقد بلغ منا التعب والإعياء مبلغا, قال السمسار بأن لديه شقة مفروشة قال صاحبي ففرحت بها فرحا وما صدقت خبرا لدرجة أني كدت أن اقبل رأس ذلك السمسار أقبلها لولا أنني تمالكت نفسي، قال ثم انطلقنا عبر شوارع وأحياء قديمة حتى انتهى بنا الأمر الى بناية قديمة كئيبة قال السمسار بأن الشقة توجد بها، قال فدخلنا ننظر فإذا نحن بغرف يمكن ان يطلق عليها تجاوزا شقة واذا أرضيتها كسيت ببساط ربما كان لونه في يوم ما أخضر أما الآن فلا لون له!, واذا مطبخها يعج ببعض الحشرات واذا الفرش قد تغير لونه ناهيك عن الرائحة التي لا يمكن ان تحتمل, قال صاحبي: فسألت السمسار كم تريد أجرة لهذا المكان؟ قال السمسار: 350 ريالا قال قلت في الاسبوع أم في الشهر؟ قال: بل في الليلة الواحدة!, قال صاحبي: فصعقت من هول المفاجأة، وقلت للسمسار ولكنها بوضعها الراهن لا يمكن ان تساوي أكثر من خمسين ريالا مجاملة لك وللظرف الذي نحن فيه, قال السمسار: إذن تستطيع ان تذهب لتواصل البحث عن مكان أفضل، ولا كلام عندي غير ما سمعت.
قال صاحبي السائح : لكم ان تتصوروا الحال التي أنا بها وأنا أرى أطفالي وقد كادوا يقضون من شدة الإعياء، فقبلت على مضض رأفة بالصغار والنساء ودفعت للسمسار ما طلب على أمل ان نخرج منها صباح اليوم التالي بعد ان نجد مكانا أفضل.
وفي الصباح ذهب صاحبي السائح يبحث عن مأوى مناسب له ولأولاده، قال: وكنت متفائلا الى درجة انني طلبت من أولادي أن يحزموا الأمتعة ويستعدوا لعودتي بعد ساعة أو ساعتين لأنقلهم للمكان النظيف المريح الذي سيقضون فيه بقية أيامهم في ذلك المصيف الجميل.
قال صاحبي: وعينك ما تشوف إلا النور !, فقد زرت عددا من الفنادق والشقق المفروشة فكانت الفنادق التي زرتها إما غالية جدا لا تتناسب مع ميزانيتي أو لا توجد بها غرف شاغرة, أما الشقق المفروشة فحدث ولا حرج، فالتي يمكن ان نطلق عليها شقة مفروشة: فأسعارها تحوم حول الألف ريال في اليوم، وما دون ذلك فهي لا يقبلها آدمي ليعيش فيها ساعة ناهيك عن أسبوع أو اسبوعين.
قلت فأين لجان التنشيط السياحي التي لا تخلو صحيفة من أخبارها ومن أخبار اجتماعاتها وتصريحات المسؤولين فيها؟ قال لعلهم يتنبهون الى بعض هذه السلبيات فيعملون على تجاوز ما يمكن تجاوزه ولو على مراحل.
د, عبدالله بن عبدالرحمن آل وزرة
email:awazrah*kus.edu.sa