لان الادب لغة الاعماق،
فإنه يخلق - منه - قراءة الجدد,.
ولان الاعماق اشراقات، فهي سيرورة إشكالية لن تنتهي ، ولن نتوقع الوصول إليها.
أليست هي المتاهة المتسائلة,, حيث اعماق المبدع توحي للغتها - للغة الاعماق - فتنفرج اللغة عن احتمالٍ قد ندخلُ إليه، او لا ندخل,, فإذا دخلنا تفقدنا حواسنا وقلبنا وحدوسنا,, وغامرنا دون ان نتمسك بذاك الاحتمال الذي ابتدأنا منه، لانه سينفلت منا,, سيتولد ,, يتشظى,, ينكمش,, يتناسل,, يومض، ويغيب,, في ذات الآن.
لكن،
ماهو الضائع من غيب النص في حضورنا، من حضورنا في غيب النص,,؟
أهو الروح، ام الحدس، أم النص,,؟
أهو ذلك جميعاً,, وأشياء مجهولة اخرى,,؟
كيف ندور فينا,, أندور حول تحولاتنا الباطنة، ام حول نواة الابجدية المغلّفة بالتصورات الحدسية والحسية، الزائلة والمتجددة، المتلاشية واللاحقة وتلك التي ستأتي - الغائبة بين القلب ومخيلته,,؟
القارئ بصيرة، وسيلته ذائقته الجمالية، فإذا ماحذف الدوران الغائب، فإن اثر وحركة وهلام هذاالدوران هو ذاك المتجلّي الحاضر,.
أي، أن القارئ يحذف الغيب ليبقى منه فيه ذاك الروح المتخفّي في النص,.
والنص حدوس لغة، وليس لغة فقط, ودرامية حساسية النص، هي النواة التي ندور حول بواطنها، فتدور حول تحولاتنا,, وثيمة هذا الدوران انه متبادل بشكل طردي,, نتيجته، حركية متعددة التحاور والسير والترائي والاحتمال والاشكال,, وهذا عائد بدوره الى البعد المستمر في التحول والتثاقف.
بلاغة البصيرة اذاً,, توحي بحذف احادية النص، وبمطاردة اثر الحذف، رغبة في ايجاد الضائع، وفي تضييع الموجود، وذلك من خلال ما توتره البنية الحذفية من تصورات متلاشية، لاحقة ، وستتكون,, وهي، نهاية، ما اسميه ب ابجدية الحذف والخلق .
ألذلك يمحي الشكل في المضمون، ويمحي المضمون في الشكل؟
هنا فقط، في نقطة التقاء المحوين، ننطق اللغة، فنجعل داخلها يقول خارجها، وخارجها يقول داخلها,, حينئذ اللغة تمارس قراءة اللا قراءة اي ، مجازها الاختلافاني,, بحيث اللغة تنطق اللغة، فتحرضها علىقراءةنفسها، وهذه هي عملية اللاقراءة التي يسعى اليها كل نص.
وعلى هذا فللغة ان تنمو في اللغة، ان تجتاز نفوسها، حيواتها، ارواحها,, وهي حين تفعل ذلك ، فإنها تشرق بلغة تكتب اختلافها، فيكتب اختلافها لغتها,.
وعلى هذا ايضا، فللقارئ ان يشرق من الكتابتين كتابة اللغة لاختلافها/ كتابة الاختلاف للغة , ولن يتم ذلك الا اذا ادرك القارئ ان هذا العماء المشع - وليس العدم - هو جداء عملية لاتعرف الثبات:
الاختلاف اسراء مستمر في اللغة
اللغة اسراء مستمر في الاختلاف,.
عملية حيوية، لامرئية، لكننا نجد ميكانيزماتها في النص الكينوني الذي يهدم اللحظة ويبنيها بهيئية متجاوزة، قد لاتشبه حتى ذاتها,.
أيعني ذلك ان ندخل النصوص كي نهجرها,,؟
اننا مابين الدخول والهجرة، نستطيع ان نكشف عن مجاز الاختلاف، عن ذلك الجوهري للفن والحياة,, تلك المكاشفة التي نسيها الكتاب والنقاد والتفتوا الىخلافاتهم البدائية حول الشكل والوزن والنثر والعناصر الثابتة لكل جنس أدبي.
تُرى، انسي اولئك ايضا أن العمل الادبي وقائع لغوية، تستند على معادلة طرفها الاول طاقة الكاتب المنعكسة (بضيقها، باتساعها، بجزئيتها، بشموليتها,,) على طاقة القارئ كطرف ثان متفاعل.
وحده القارئ المتمركز في بؤرة التأويل النصية، قادر علىمحاولة الدخول والهجرة، وذلك عندما يستوعب بان هذه الحركية هي ماهية التعامل مع اللغة كحامل ومحمول في آن معا, ووحده يدرك بان اللغة واقع, وبان لهذا الواقع احتمالاته المتعددة، المغايرة،المناورة، المنسجمة والمتناشزة بحلمية جمالية,.
أليس وجودنا، واقعاً، ارتباط اللغة وجريانها في دمنا واقعاً، ثقافتنا واقعاً، الآتي,, واقعاً,, ايضاً، أليس الذي لم يأت، واقعاً,؟
اذاً,, فمهما كنا تجريديين، فنحن واقع يتوحد مع اللغة لنستشف ماوراءها,, بمعنى، نحن نتراءى، لنكتب انفسنا، لنتعرف عليها.
وكلما تعرفنا عليها، انوجدت في نص سيصير ظلاً، وهذا الاخير سيصير وجوداً قابلاً لترائيات لامتناهية, وعلة كونها لامحدودة، كامن في مصدرها ومصبها، اي (الذات/النص/ اللغة), فمن تعامد الطاقتين القارئة والمقروءة، تنتج الذات النصية كوشيعة تتوالد، تتحول,, لاتثبت ولاتعرف السكون,, ولايعرفها الا العقل الفاعل والمكون، والذي ابتدأ ينفض عن مكوناته، الزمانية الصدئة.
العقل العربي الذي ادرك كيفية انبعاثه من رماده,,, تماماً كما يفعل طائر الفينيق الخرافي,,.
ماالكيفية التي تقصد,,؟
انها المساهمة في خلق الحداثة الفعالة التي تضيء جوانية الانسان والعالم، دون ان تكرر ذاتها الجمعية، ولاذاتها الخاصة.
وهذا يعني ان عليّ كمبدعة ان ارى مالم تره الذات العامة (الذاكرة الجمعية/ الموروث) وان ارى مالم تره ذاتي الخاصة، واحاول ان ارى ما لم يره الآتون (الذات الآتية التي لم تأت بعد),, حينها اكون قد فاعلت رؤاي وانجزت فرادة ابداعية تؤسس لثقافة عربية ستظل حديثة، وهذا مايتحراه مبدعونا, لا حصراً, (ادونيس/ محمود درويش/ عصام ترشحاني/قاسم حداد).
ولان الثقافة لغةالاختلاف، لا، التشابه, فلقد ادرك القارئ العربي، في الفترة الاخيرة، بان النقد عملية مكاشفة، وتراءٍ، ومشاركة للكاتب في انتاج النص، من خلال حفر بنياته وسبرها وصولاً الىتعدد احتمالاته، الى ذلك النص الغائب الحاضر، والماكث تحت النص المحدود ظاهراً بالشكل,, اي وصولاً الى النص المشترك بين الكاتب والقارئ، والمتحرك كنص لامكتوب، يخفيه السواد، ويجليه البياض بالوانه المتنوعة والتابعة لمدى مثاقفة طاقة القارئ مع طاقة النص,.
تلك هي قراءة اللاقراءة، الفاعلة والمتفاعلة، والقابلة لتحليل وتفكيك وبناء عناصر النص: رؤى، لغة، صورة، حدث، درامية، اثر ، لا اثر، صوتيات الحلم والمعنى والكلمة,, الخ,.
بناء علىهذه الجدلية المكثفة ، نتساءل:
- كيف تعامل النص الاماراتي مع الحداثة,,؟
- وكيف لنا ان نهاجر منه اليه,,، أهوالاغتراب,,؟
ان رفض مادية العصر،جعل الكاتب العربي يوغل في الروح ليغربها في النص,.
هناك,, حيث تمارس حلمها وصمتها الناطق، وحفرها في المخيلة والذاكرة النصية، منتجة فضاءات جديدة، تحمل مناهجها النقدية في طياتها الابتنائية المختلفة.
ولم يجد الكاتب الاماراتي بُداً من هذا الاغتراب الذي ضاعفته اضافة الى الظروف العربية المشتركة مرحلة النفط التي قسمت اللحظة المكتوبة الى جزأين : اولهما ، ماقبل النفط، وثانيها مابعد النفط.
وكان لذلك تأثيره على الجوانية اللغوية ومغامرتها وتجريبيتها في المعاصرة والحداثة.
وعلى ذلك,, كيف فهم الكتّاب الاماراتيون الحداثة,,؟ وكيف تعاملوا مع اللغة؟ وكيف بنى النص ارواحه، حيواته، وكيف هدمها بغية بنائية ميكانيزمية تشعب احتمالات توترها، او، توضح كيفية مزجها بالواقع لترتفع الى مافوق الواقعي,,؟
سبق وذكرنا بان الحداثة فاعلية تنتج معطيات جديدة مبنية على الموروث، ومضيفة اليه ذاك الذي لم يره,, ولان الكاتب الاماراتي عكس ذلك من خلال نصوصه ، فانه ادرك بان اللغة ظاهرة وعالم قابل للخلق والتحول والتغير من داخله، وذلك بعدما بدأ بتجاوز المؤثرات الداخلية والخارجية والتي اقسمها الى اطوار ثلاثة:
1) طور العزلة:
حيث الحياة البدائية المنعزلة عن منابع الثقافة، والمتخلفة كالواقع الذي تأخر فيه ظهور التعليم، فلقد افتتحت اول مدرسة للبنات في الشارقة عام 1953م وهي مدرسة غير نظامية، ثم تلاها افتتاح مدارس اخرى في الامارات واضاف افتتاح جامعة (العين) حركة للتواصل مع الثقافة والاطلاع علىاتجاهات الادب الحديث، مما ساعد علىخروج المجتمع من التخلف والعزلة الىمرحلة التطور الاجتماعي والاقتصادي والثقافي.
فقبل التعليم النظامي في المنطقة كان هناك شعراء معروفون يكتبون باللغة الفصحى ، منهم الشاعر (احمد بن سلطان السليم) الذي كانت له محاورات شعرية مع شعراء الكويت نشرت عام 1928, وكان في الشارقة عدة شعراء منهم الشيخ (صقر القاسمي) الذي طبعت له ثلاثة دواوين :
(وحي الحق)، (الفواغي)، (في جنة الحب) الذي صدر عام 1961 (1) .
والشعراء (سالم بن علي العويس/مبارك الناخي/ العقيلي/ خلفان بن مصبح / سلطان بن علي العويس).
من هنا نلاحظ كيف ابتدأ جيل الرواد كتاباتهم، وكيف كانت تنبني علىمعاشهم المتوازي مع مرحلة 1920 وما تلاها الىان ظهرت حركة جديدة تكمل حلم الابداع.
2) طور الخروج:
حيث اختلطت حياة ما قبل النفط بما بعده، فافرزت حياة متحاكية مع المؤثرات الخارجية كالتكنولوجيا والانفتاح علىالعالم وعودةالشباب المتعلم من الخارج، والاحتكاك بمظاهر الثقافة الحديثة وانتشار النوادي الثقافية الاجتماعية، اضافة الىمشاركة المرأة الفاعلة في التنمية, وهذا ما توجّب طوراً ثالثاً.
3) طور النهضة:
الى اي مدى تم استثمار مؤثرات طور الخروج، والى اي مدىتم ادخالها في الحياة اليومية المعاشة, وما مؤثرات هذه المؤثرات,, : سلبية، جعلت البعض يغترب، ام ايجابية ساعدت علىابتكار رؤى ومواقف جديدة من الحياة بكل صعدها (الذاتية/ العامة/ العالم)؟
ربما ما اتى في صيغة السؤال حمل جزءاً من الاجابة بثنائية السلب والايجاب اللذين اصطدما في اعماق الانسان الإماراتي وحملاه علىالقبول والرفض في آن معاً,.
هذا الصدام الذي كشفت عنه نفسية الكاتب وعن مدى اختلافه وتآلفه مع ابعاد الحياة الاخرى وخاصة الاجتماعية التي لم تتناسب طرداً مع الاساليب الحياتية الاخرى، بحيث ظلت منحسرة عن تجاوز ما انتجه البعد الاقتصادي المتطور والمتناسب مع البعد العمراني والتكنولوجي,.
ويتشعب هذا الطور الى :
أ) مرحلة السبعينيات (المحاكاة): تلك المرحلة التي ابتدأت حركة النشر فيها، وذلك بعد تطور وسائل الاعلام المختلفة.
ومن اهم الصحف المحلية التي ظهرت في هذه الفترة (الخليج ، الاتحاد، الفجر،الوحدة، البيان) فقد اتاحت هذه الصحف المجال أمام الكتابات الشابة الواعية ولاسيما مجلة (الازمنة) العربية التي تهتم بالسياسة - الاقتصاد - الاجتماع - الادب، والتي شجعت التوسع في النشر امام المرأة الكاتبة فنشرت الشعر والقصة القصيرة والمقالة (2) .
وفي هذه الفترة بدأت التجربةالادبية تشق طريقها، فكانت الكاتبة (شيخة الناخي) صاحبة اقدم قصة قصيرة ورائدة لها (الرحيل/عام 1970) ومظفر الحاج مظفر، محمد علي المري، علي عبيد علي (ضحية الطمع/1972)، وراشد عبدالله الذي يعتبر اول من كتب الرواية في الامارات (شاهندة / 1973), وعبدالله صقر (الخشبة 1973), عبدالعزيز خليل، محمد دغباش، علي عبدالعزيز الشرهان (الشقاء)، اسماعيل شعبان علي.
عبدالقادر احمد نور, محمد حامد السويدي (دانة يابحر دانة).
ويذكر عبدالحميد احمد أن أول قصة نشرها (قلوب لاترحم) كانت في اواخر الستينيات وذلك في نشرة نادي النصر.
ب) مرحلة الثمانينيات (التجريب):
وتبدأ منذ 1979م حيث انعطف الادب الإماراتي عن اطواره السابقة، وبدأ يثبت فاعليته في الساحة الثقافية، وذلك بقوة غايرت نفسها ودخلت تجريبيتها في مختلف المجالات (الشعر/ الرواية/ القصة/ الفن التشكيلي/ المسرح) ولن يغيب عنا دور الاندية واتحاد كتاب وادباء الامارات, ذاك الدور الفاعل الذي ترفده ايضاً الحركة الاعلامية المقروءة (مثلاً مجلة الرافد/ شؤون ادبية/ المنتدى,,) والحركة الاعلامية المسموعة والمرئية, اضافة الى المعارض الدولية (في) و(خارج) الامارات وهذا مادفع العرب لان يختاروا (الشارقة) عاصمة لثقافتهم لعام 1998م.
والدارس لهذه المرحلةيتبين ان مايترسب في البعد الاجتماعي من حنين الىعادات وتقاليد واعراف مرحلة ما قبل النفط، قد انعكس في التجربة الادبية متناسلاً علىهيئة رموز موروثة ومنغرسة في الذاكرة النصية الجديدة، منها: (النخيل/ البحر/ الصحراء) حيث باتت رمزاً ثابتاً ومشتركاً، تباينت دلالاته تبعاً لطاقة كل كاتب، وتبعاً لإحالة هذا الرمز الى احتمالات متغيرة ومتنوعة وازت ببعدها الثقافي الابعاد الناتجة عن مرحلة ما بعد النفط، واستقرت في الرواية والقصة القصيرة والشعر.
1) متواليات السردية:
برزت نتاجات روائية وقصصية تراوحت بين الواقعية والتعبيرية والرمزية والرومانسية، ومن اهم هذه التجارب: راشد عبدالله (شاهندة)، محمد حسن الحربي (احداث مدينة على الشاطئ/ حكايا قبيلة ماتت / الخروج علىوشم القبيلة), علي ابوالريش (الاعتراف/ السيف والزهرة), عبدالإله عبدالقادر (رحيل النوارس/ هموم علوان الاحدب/ النخلة والسنونو/ مرثية لجلجامش), علي محمد راشد (ساحل الابطال), ماجد بوشليبي.
علي عبيدعلي , شيخة الناخي, ظبية خميس، عبدالرحمن الصالح، ليلى احمد، محمد المر، امينة عبدالله بو شهاب،عبدالله صقر أحمد، ابراهيم مبارك، علي عبدالعزيز الشرهان، مريم جمعة فرج، سلمى مطر سيف، عبدالحميد احمد، عبدالرضا السجواني، فاطمة السويدي، جمعة الفيروز، سعيد الحنكي، عائشة السيار، حصة عبدالله، موزة خميس، خيرية ربيع، كلثم عبدالله، رفيعة عبيد غباش، فرح مختار، شيخة الراشد، عائشة السويدي، باسمة محمد، سارة النواف، منى الشمري، محمد المزروعي، ابتسام الملا، سعاد زايد العريمي، ناصر جبران، ناصر الظاهري، حارب الظاهري، صالحة غابش، محمد غباشي (دائماً يحدث في الليل), اسماء الزرعوني، فاطمة محمد، عبدالعزيز خليل، وغيرهم,.
تراوحت سمات هذه التجارب بين الاحادية والتعددية, بمعنى، ان السرد كلغة حاملة لعناصر القص اخذ هيئات مختلفة منها: المباشرة والحكائية، السرد الواصف، والسرد المركب الذي ثاقف بين عناصر القص الاخرى كالحدث والحبكة والشخوص والمنطقة المحيطة بالشخوص، والزمكانية على اختلافها (النفسية/ الطبيعية/ النصية), والحوار بمفصليه: الديالوج، المونولوج.
وعلىهذا، تنوع السرد التركيبي بدوره، فاتى فجوة توترية، ايماضية، شعرية تكثف جملتها وحياتها ومواقفها وتمرداتها وانسجاماتها واختلافاتها، جاعلة من البنية القصصية ذروة متفاعلة بين البنيتين:
المكتوبة، واللامكتوبة، الظاهرة والباطنة، محولة القصة الىعالم له (مخيلته/ حواسه/ ارواحه/ جراحه/ احلامه) ومركبة في هذا العالم رؤية الكاتب المتحركة من الخلف ومن الخارج، بحيث في حال المزج مابين الرؤيتين نجد ان القصة الحديثة تتكون مشكلة ما يسمى (قصة الحالة) التي نجدها في نتاج عدد من الادباء مثل (عبدالحميد احمد/ ناصر جبران/ ظبية خميس/ صالحة غابش/ و,,)
1) الزمكانية:
تلامحت الزمكانية بمكونات رئيسة ثلاثة:
أ) الزمكانية الطبيعية: البحر/ البيت/ مكان العمل/ وسائل النقل/ اليوم / النهار/ الليل/ الغروب/ الشروق,.
ب) الزمكانية النفسية: انعكاسات حالةالكاتب علىالامكنة الطبيعية وتوسل عناصر هذه الامكنة بغية الوصول الى مرآة المعنى المنعكسة علىالذات الكاتبة من خلال (الرمل/الشجر/المساء/الفجر/ والرموز الاخرى,,)
ج) - الزمكانية النصية: وهي تلك الزمكانية المتحركة بين لغة القص وبنياته الاخرى والحاملة ايضا للزمكانيتين السابقتين (أ/ب)
2) الحدث:
اتخذ الحدث ظهورات مختلفة منها:
1- حدث ظهر بكامل ملامحه المتنقلة من الرؤية (من الخارج) الىالنص (مثلاً تجربة محمد المر).
2- حدث اخفى بعض ملامحه، بحيث تزاوج متنه الحكائي مع صيغته (مثلاً محمد حسن الحربي، ناصر الظاهري، ناصر جبران).
3- حدث هَلَّمَ ملامحه وشكَّلها بلا حدود بحيث غلبت الرؤية من الداخل علىالنص (مثلاً: عبدالحميد احمد/ ظبية خميس / سعاد العريمي/ حارب الظاهري,,)
3) الشخصيات:
انقسمت (الانا) الكاتبة الىانوات اخرىكانت الظلال الناطقة ل (انا الكاتب) الصامتة، او المتباوحة، او المعلنة, حيث أخدت الأنا الاخرى تحولاتها الظلالية من شخصيات (قديمة، معاصرة، خرافية) ودغمتها في الانا المتخيل,, والسمة الملاحظة لاغلب الشخوص هي القهر، التمرد، الاتجاه الى: الموت او الفراغ او الحلم.
4) الحوار:
تنامت بعض القصص بحوار داخلي وخارجي وحوار ثالث شخَّصته اللغة وذلك في السرد المركب.
5) درامية القص:
1) دراما اتباعية حاكت الذاكرة الجمعية، وظلت في دائرتها المصغرة,, حيث لم تفلح في هدم تلك الذاكرة بغية بنائها من انقاضها ومضيئها المشع فيها، بل ظلت تدور كالفراغ فيها وحول نفسها, وثيمتها الهبوط بمستويات البناء القصصي ورده الى الحكائية، او الواقعية، او التصويرية.
2) -دراما احتدامية تصارعت مع الموروث الجمعي، فجعلته رماداً فينيقياً، حلقت باجنحته، ووترت بنياتها الاخرى من خلاله, ولم تخرج عنه، الا لتطوره وتبعث فيه حركية التصاعد والاشتجار ، تلك الحركية الظاهرة حتى بين هذه الدراما وبينها,, اي حتى في داخل الدراما الاحتدامية التي سببت في رفع الواقع عن الواقع لتجعله ميتا واقعياً، لا مألوفاً، يناور على شبكته واصلاً الحلم بنسيج مائي، ناري، ترابي، هوائي.
تلك هي اهم السمات العامة للسردية,, فماذا عن الشعر؟
2) مغايرة الرؤيا:
مع ظهور القصيدة الحديثة في الامارات، بدأت الرؤيا الشعرية بالانبثاق من فضاء لغوي اختلافاني وذلك على صعيد التعامل مع الصورة الشعرية وحواسها ومقدرة الذات الشاعرة على الدخول الى المتخيل المتراكم في الجواني النصي والمتضمن للهموم الذاتية والوطنية والقومية والجوانب الانسانية الاخرى.
ومن اهم التجارب الشعرية: حبيب يوسف الصائغ، ناصر النعيمي، سعود الدوسري، عبدالرحيم عبيد عبدالله، عبدالله راشد بن خصيف، نجوم الغانم، ظبية خميس، صالحة غابش، جعفر الجمري، عبدالعزيز جاسم، ثاني السويدي، خالد بدر، سالم الزمر، عارف الخاجة، كريم معتوق، عادل خزام، محمد خليفة بن حاضر، ظاعن شاهين، ميسون صقر القاسمي، هالة حميد معتوق، ابراهيم محمد ابراهيم، ابراهيم الملا، ابراهيم الهاشمي، سالم بوجمهور، شهاب غانم، احمد امين المدني الذي يعتبر اول من ادخل (قصيدة التفعيلة) مانع سعيد العتيبة، عارف الشيخ، احمد راشد ثاني، وغيرهم,.
لكن,, هذا التحول الى اين,,؟
لاشك ان مابُني على باطل فهو باطل، ومابُني على النور فهو الذي سيستمر فينا، في النص، وفي الزمن الآتي,.
وعلى اعتبار ان مانلمسه يسرع نحو التطور,, فإننا نتوقع المزيد من النتاج الادبي المنفتح على مدارات اخرى، اكثر توهجاً واضافة لمرحلة الانعطاف المغايرة والتي ابتدأت منذ الثمانينيات، والتي اعتبرها انطلاقة مؤسسة لطور رابع سيتألق مع مطلع الألف الميلادية الثالثة.
(1) ليلى محمد صالح/ أدب المرأة في الجزيرة والخليج العربي /ط1/1983/ص 342.
(2) ليلى محمد صالح / نفس المرجع السابق/ ص 343.
|