Wednesday 16th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الاربعاء 2 ربيع الاول


مع قدوم موسم الصيف وانتشار أمراض الحساسية
شجرة البرسوبس المثيرة للجدل مسؤولة عن إصابتنا بالحساسية

* تحقيق: ناصر الفهيد
تنتشر بين الحين والآخر أمراض الحساسية التي تصيب الأطفال والرجال والنساء بمختلف الأعمار,, والحساسية من الأمراض المنتشرة التي تصيب عدة أعضاء من جسم الإنسان,, فقد تصيب الرئتين فتسبب مرض الربو,, وقد تصيب الجلد أو الأنف أو العينين,, ولكل نوع من الحساسية أعراضه الخاصة التي تصيب الشخص المبتلى بها,, والذين يعانون من الحساسية يعدون بالآلاف حيث تمتلئ اقسام الطوارىء والعيادات بالمرضى الذين يأتون بحثاً عن العلاج من هذه الحساسية التي تكاد تفتك بهم ولا يجدون علاجاً نهائياً لها,, والمتهم في حدوث الحساسية العديد من المواد التي تحدث نتيجة لتفاعل الجسم وتحسسه منها والتي تصل إليه إما عن طريق التنفس,, وإما بملامسة الجلد,, وإما مع الأكل,, ومن أمثلة تلك المهيجات أو المواد المثيرة حبوب اللقاح والأتربة والغبار وبعض أنواع النباتات أوريش الطيور أو غير ذلك من المواد الصناعية,, وتتفاعل أجسام المصابين بأمراض الحساسية مع تلك المواد بشكل يفوق مالدى غيرهم من الأصحاء,, فتحدث تبعاً لذلك أعراض الحساسية التي يشتكي منها المريض,, كأزمة الربو في حالة حساسية الصدر أو حكة الجلد أو جفافه أو سيلان الأنف وحكته وهكذا,, وفي منطقة القصيم مثلاً الكل متفق على أن المتهم الأول والأخير في هذه الحساسية التي تداهمهم هو الأشجار وبالأخص البرسوبس,, والتي يدافع عنها زارعوها بينما يدينها المصابون بالحساسية مع سبق الإصرار والترصد,.
الجزيرة التقت مع عدد من المصابين بالحساسية لأخذ آرائهم في ذلك والأسباب التي أدت إلى انتشار الحساسية بهم وآثارها ومحاولات العلاج.
يجب أن نجهز غرفاً خاصة!
في البداية تحدث المواطن عبدالله بن سليمان النودلي وقال اصبت بالحساسية منذ اربع سنوات وكنت قبلها سليماً لا أشعر بشيء وتتمثل الحساسية في الصدر مع كحة شديدة وبلغم زائد وحكة في العيون,, ولم تفلح الأدوية التي استعملها في تخفيف هذه الحساسية التي تضطرني للتنويم في المستشفى كل خمسة عشر يوماً عندما تكون في أوجها,, وأوضح النودلي أن الحساسية تتزايد لديه وقت لقاح الأشجار فتصل الحساسية لمعدل عال لا يستطيع حينها التنفس إلا بالاكسجين والأدوية المريحة وقتياً,, واقترح لكل من يسكن في القصيم ويصاب بهذه الحساسية ان يبني غرفة مجهزة في منزله تجهيزاً كاملاً ببخاخ أكسجين ومغذ لأنه في الوقت الراهن لاتوجد إزالة لمسببات هذه العلة التي تكاد تقتلنا,.
أليست الوقاية خيراً من العلاج ؟
المواطن أحمد بن إبراهيم العييري قال إن الأجسام تعبت، والعيون إحمرت,, والصدور تحشرجت,, هذا ما اشاهده في بريدة في هذا الوقت من كل سنة حيث تعبث الحساسية الموسمية بأجسادنا,, وتدور الأسئلة ولا تجد جواباً مقنعاً فلماذا تقف الجهات المسؤولة دون حراك؟ مع أن هذا الجانب يتعرض لصحة الإنسان وقد يتطور إلى ربو مزمن قد يحتاج علاجه بعد ذلك لمبالغ باهظة,, أليست الوقاية خيراً من العلاج ؟!,, إن ما اصابني من حساسية لم أجد له علاجاً فقد زادت بي الحساسية وكل طبيب أزوره يقول لي ان السبب هو أشجار البرسوبس!! لذلك أخذت العلاجات ولم تفد ثم راجعت مستشفيات الرياض وبعدها غادرت إلى القاهرة للعلاج وعملت التحاليل التي اثبتوا لي أيضاً أنها بسبب الاشجار,, فماذا نفعل؟ عندما أكون في بريدة تكون الحساسية ملتهبة وعندما أغادر خارج المدينة أرتاح وتذهب الحساسية,, هل آخذ إجازة من عملي وأغادر أم أنقل عملي وأرحل إلى الشرقية أو الغربية,, إنني لا أبالغ إن قلت هذا الشيء بل هي حقيقة وأنا لا أدري من هو المسؤول,, هل هي وزارة الصحة؟ أم وزارة الشؤون البلدية؟ أم وزارة الزراعة؟ فأنا مدرك أن هذه الجهات تعمل في حلقة واحدة إذا لزم الأمر لذلك نتمنى أن يجدوا حلاً لايقاف زحف هذا الداء المرهق وهو إزالة أشجار البرسوبس التي تملأ شوارع بريدة ولماذا لا نزرع بدلاً منها أشجاراً أخرى إذا كان المقصود تجميل المدينة لأن الآثار التي نتجت من هذه الأشجار أكبر بكثير من مسألة التجميل!!
الأنظار تتجه للبلدية
أما المواطن فهد بن علي العمر ويبلغ من العمر أربعة عشر عاماً فيقول إن الحساسية داهمتني منذ ثلاث سنوات وحتى الآن لم استخدم أي علاجات كيمائية حيث أركز على الدواء الشعبي الذي أرتاح له وهذه العلة لست مصاباً بها لوحدي في العائلة بل إن أربعة من اشقائي يعانون من هذا الشيء وأوضح أن الحساسية لديه تتمثل في كحة مستمرة وحكة في اليدين وتزداد عندما يمر بجوار اشجار البرسوبس ووجه الاتهام إلى البلدية لزرعها هذا النوع من الأشجار بشكل كثيف في شوارع المدينة على الرغم من أن البلدية المجاورة أزالت هذه الأشجار بعد ان عرفت خطرها على جسم الإنسان,, لذلك يطالب بإزالة الأشجار نهائياً من الشوارع حتى تعود الأجسام صحيحة وسليمة وتذهب الحساسية نهائياً.
يئست من الأدوية
أما المواطن عبدالعزيز بن عبدالله الضبيب ويبلغ من العمر ثلاثة وعشرين عاماً فيقول أن الحساسية بدأت لديّ منذ عام 1407ه وراجعت المستشفى في تلك الفترة ثم انقطعت عن المراجعة عندما يئست من العلاج في المستشفيات لعدم وجود الفائدة على الرغم من أن الدكتور يقول إن للحساسية علاجاً زهائياً ولكن لم أشاهد ذلك ولا أعتقد صحته!,, وأوضح الضبيب أن الاشجار المنتشرة في الشوارع هي السبب في إثارة الحساسية لديه ويستغرب من أن البلدية لم تقم بإزالة هذه الأشجار والتمادي في زراعتها بشكل اكثر كثافة,, وقال إن شقيقه أيضاً مصاب بالحساسية التي تصيبه دائماً بالإرهاق لدرجة كبيرة وغير معقولة.
كل الأسرة مصابة بالحساسية!
صالح العبدالله الرشودي ويبلغ من العمر أربعين عاماً قال إن الحساسية لها أكثر من عشر سنوات معي وأصابت كل افراد أسرتي بحساسية في الشعب الهوائية والكحة وضيق في التنفس وحكة في العيون والعطاس والسبب الذي اتفق عليه الأطباء الذين زرناهم أن أشجار البرسوبس ولقاحها المتطاير في الهواء هو الذي اصابنا بالحساسية,, وهناك حالات كثيرة أعرفها مصابون بالحساسية التي لم نجد لها علاجاً شافياً حيث جربت وأسرتي أغلب ادوية الحساسية ولم تقاومها أبداً,, لذلك نريد الحل النهائي وهو إجراء دراسة لهذه الاسباب التي أجزم ومعي كثيرون أن أساسها أشجار البرسوبس.
صديق المستشفيات
أما المواطن محمد بن موسى المبرك 80 عاماً فيقول أن الحساسية داهمتني منذ تسع سنوات ومنذ ذلك الوقت وأنا اراجع المستشفيات بحثاً عن العلاج وقد أدخلت للمستشفى عدة مرات حتى استعيد نشاطي وأخرج ثم أعود بعدها بأسبوع وهكذا,.
الأطباء الذين تناوبوا على علاجي طوال السنوات التسع الماضية جميعهم اتفقوا على أن الأشجار المنتشرة في الشوارع والطرق هي السبب وان عليّ أن أتجنبها وأنا أحاول أن أبذل قصارى جهدي للتخلص منها ولكن ماباليد حيلة فهي منتشرة بشكل خيالي في جميع شوارع وحدائق بريدة ومن هنا لا أستطيع مكافحتها إلا بالمكوث في المستشفيات عند اشتداد الأزمة التي هي عبارة عن كحة شديدة وضيق في التنفس.
ابن عمي توفي بسببها!
محمد بن ابراهيم الأحمد 34 سنة يقول أن الحساسية اصابتني منذ ست سنوات فذهبت إلى المستشفى وافادني الدكتور المعالج أن الحساسية ناتجة من أشجار البرسوبس وخاصة في أوقات الربيع والخريف الذي يكثر فيه اللقاح وتطايره في الجو إلا أنها تخف عندما أذهب إلى منطقة أخرى واصبح شخصاً سليماً لا أعاني من أي شيء ولكن عند عودتي فتنقلب الأمور رأساً على عقب وتبدأ الحساسية دورها في صدري من كحة وعطاس شديد لا تنفع معه الأدوية.
وأوضح أن الحساسية كانت السبب في وفاة عمه عبدالله بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى حيث زاد معدل الحساسية في صدره وشعر بضيق في التنفس وأسلم الروح إلى بارئها كذلك ابن عمه عبدالكريم العلي,, لذلك يطالب الأحمد بأن يبحث عن حل نهائي لمسببات الحساسية في منطقة القصيم.
إصابات بعد زراعة الشجرة
خالد الرشودي 26 سنة قال: إن بداية الحساسية بدأت معي قبل حوالي سبع سنوات عندما غرست البلدية أشجار البرسوبس حول المنزل وفي الشارع المقابل!,, وبعدها أصبت بالحساسية الشديدة التي أصابتني في الصدر والجيوب الأنفية فسببت لي ضيقاً في التنفس والحكة وحكة العين وعطاساً مستمراً,, واتهم الرشودي بلدية بريدة في اصابتنا بالحساسية لأنها زرعت البرسوبس بهذا الشكل وهي تعلم أن مضاعفاته وأخطاره كثيرة ومع ذلك لم يقوموا بإزالته لذلك لا أدري ماذا نفعل؟,, هل نقتلع الأشجار التي بجوارنا وتغرمنا البلدية أم ماذا؟!
حساسية القصيم السبب!
اسماعيل عبدالله سلمة قال: إنني مصاب بالحساسية منذ أثني عشر عاماً وأراجع المستشفى منذ ذلك الحين باستمرار وشخّص الطبيب حالتي بأنها حساسية القصيم التي تحدث من شجر البرسوبس وجفاف الجو وخلوه من بخار الماء لذلك يجب عليّ الابتعاد عن أي شيء يثير الحساسية من الأشياء التي ذكرها الطبيب لي وها أنا ذا أحاول أن أتجنب الحساسية التي تصيبني بالكحة والعطاس وضيق التنفس وحكة في العيون وأتمنى أن ينتهي موسم اللقاح لكي تخف قليلاً عنا مادام أن المسببات لا يمكن أزالتها كما سمعنا!
حالات التنويم كثيرة
خليل بن سليمان المطوع 33 سنة يقول بدأت الحساسية منذ عشر سنوات معي وهي حساسية موسمية عند موسم اللقاح في أشجار الشوارع وأتعبتني الحساسية كثيراً وخاصة في ضيق التنفس والعطاس ورشح في الأنف,, والحقيقة أن الحساسية منتشرة بشكل كبير في القصيم بشكل لا يصدق وحالات التنويم كثيرة جداً بسببها كما سمعت عن حالة وفاة لأحد المصابين بالحساسية,,! وهذا المرض لا يصيبني سوى في القصيم أما عندما أذهب للرياض فأنا أرتاح كثيراً وأنساه تماماً وكأنني لست مصاباً بالحساسية لذلك فإن أصابتنا بالحساسية في المنطقة دون المناطق الأخرى لابد وأن يكون وراءه الأشجار المنتشرة في الشوارع وبالذات شجر البرسوبس الذي يسبب الحساسية بشهادة الأطباء جميعاً,.
بحث كويتي يدين البرسوبس
وقبل ان نختتم تحقيقنا هذا حول الحساسية نورد بعضاً من النقاط التي احتواها بحث عن الحساسية وأسبابها من إعداد وزير الصحة الكويتي سابقاً الدكتور عبدالرحمن العوضي والذي أعده قبل نحو خمسة وعشرين عاماً أي في عام 1974م والتي تم بعدها منع زراعة وغرس أشجار البرسوبس في دولة الكويت.
وتقول خلاصة البحث إن الكويت هي دولة خليجية تتفق مع جميع دول الخليج في الجو الحار والجاف صيفاً والبارد الرطب شتاء,, وتكثر العواصف الرملية في فصلي الربيع والصيف,, الجو مليء بغبار الطلع والفطريات وغبار طلع البرسوبس الذي يشكل الغالبية العظمى في الجو بنسبة 61,1% هذا غير البترول والمصانع الكيماوية التي لها علاقة في زيادة الحساسية,, وتاثير النباتات كان كبيراً في الحساسية حيث لوحظ زيادة في الحساسية بمختلف أنواعها مع ملاحظة أن الزيادة في الحساسية كان لها علاقة وطيدة وثابتة مع زيادة عدد أشجار البرسوبس المزروعة في الكويت,, وهذه العلاقة زيادة أشجار البرسوبس + زيادة الحساسية غير موجود في البلدان الأخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية,.
وقد وصل معدل أشجار البرسوبس إلى قمته في شوارع وأحياء الدولة عام 1964م واتهمت أشجار البرسوبس بأنها السبب في زيادة الحساسية لذلك بدأت البلدية بالتعاون مع وزارة الصحة بتقليل أشجار البرسوبس وتم اقتلاع حوالي الثلثين منها مما قلل كثيراً من الحساسية!!
وأشار البحث إلى أن أي مقيم أجنبي في الكويت يصاب بالحساسية بعد تواجده في الكويت في السنة الأولى بمعدل 14% وتزداد هذه النسبة إلى 50% عندما يمضي خمس سنوات اقامة وتزداد النسبة إلى 88% عندما يقيم لمدة اثنتي عشرة سنة متواصلة!!
والحساسية لها أنواع عديدة,, منها حساسية صدر 58% وحساسية أنف 35% وحساسية جلد 23% ووجد أن هناك اشتراكا بين حساسية الصدر والأنف والعين تصل إلى 48%.
أما علاقة فصول السنة مع الحساسية فقد وجد أن أشهر الحساسية هي أشهر يونيو ويوليو وأغسطس وتكون البداية في أبريل والنهاية في نوفمبر وهو الأقل حساسية,, كما لوحظ أن حساسية الصدر أو الربو تصيب سكان أوروبا في فصل الشتاء والربيع أما في الخليج فتأتي في فصل الصيف مع زيادة الطلع في الاشجار!!
وخلص البحث لنتيجة أن لأشجار البرسوبس دوراً في الحساسية عند غبار الطلع وقد اثبتت نتائج اختبارات الحساسية الجلدية في الكويت أنها كانت إيجابية بشكل كبير جداً وغير متوقع من غبار البرسوبس حيث بلغت النسبة 73%!!
وفي النهاية نقول كما قال أحد المرضى سابقاً: الأجسام تعبت,, والعيون إحمرت,, والأنوف التهبت,, والصدور تحشرجت,, فماهو السبب ياترى؟ وهل صحيح أن شجر البرسوبس يسبب الحساسية بالأجساد في هذه المناطق فينزع منها السكينة ويوقفها عن العمل؟ كما أثبت الأطباء والبحوث التي أجريت,, ولماذا تقف الجهات المسؤولة دون حراك؟! إنها تساؤلات تبحث عن إجابة وعن علاج لهذه الحساسية,, ونأمل برد عاجل من الجهة المسؤولة بتوضيح حقيقة هذا الأمر,, ونتمنى أن يكون التوضيح بشرى عاجلة تؤمل هؤلاء المصابين بالعلاج النهائي لأن الأمر أصبح الآن حديث المجالس والحقائق تتضح في أقسام الطوارىء حيث الطلب المتزايد على الاكسجين والأدوية المسكنة للعطاس والكحة وضيق التنفس.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
المحرر الأمني
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved