Wednesday 16th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الاربعاء 2 ربيع الاول


يارا
من سيربط عائلة الإمبراطور بوكاسا
عبدالله بن بخيت

أخيرا وضعت نفسي أمام خيارين يجب الالتزام باحدهما إما أن اغادر الوطن أو أن أتكيف مع رعب المرور أما البقاء على أمل ان يأتي اليوم الذي تصبح فيه القيادة في الرياض آمنة فهذا مطمع اليائسين وعليَّ ان اتخلى عنه, وحالتي هذه تشبه مدمن الدخان الذي يتعذب مع كل سيجارة فبدلا من أن يجلد نفسه يوميا عليه ان يعيش إدمانه ويقبل ضعفه وضعته أمام سيطرة النيكوتين والعادة على جسده لكي يتخلص على الأقل من العذاب النفسي الذي يسببه لنفسه لذا فقد قررت ان اتعايش مع رعب المرور فالأمر الذي لا تملك له دفعا اما بسبب ضعفك او بسبب خروجه عن سيطرتك وامكانياتك عليك التكيف معه ومعروف ان النفس قادرة على الخداع.
فمنذ اللحظة التي اخرج فيها وأنا أشعر بالتوتر حيث تبدأ من الشارع الذي يقع عليه بيتي, شارع بلا رصيف وبلا تخطيط وبلا تحديد اتجاه والسرعة مفتوحة وعليه لا تعرف من أين ستأتيك الضربة, ومن هو المخطىء منكما (حيث تنضويان تحت نظام المرور الدولي المعروف بتصالحوا) وعندما أنجو من شارع بيتي الصغير وأبدأ بالدخول في الشارع الأكبر فإذا وقفت انتظر ان يخلو الشارع لي حتى ادخل فيه بسلام يخرشني الذي يقف خلفي بالبوري ولا ألومه لأن الذي وراءه يخرشه أيضا بالبوري وهكذا انقض على الشارع حتى قبل ان يخلو لي ويصبح آمنا, وبنفس الطريقة انقض أنا وزملائي الذين خرشوني ببواريهم على طريق الملك فهد, هناك انتقل الى مرحلة جديدة من الصراع فالذي على يميني يسير بسرعة مائة وثمانين كيلومتر في الساعة والذي على يساري يسير بسرعة ستين كيلومتر في الساعة وبالكاد أتكيف مع هذه السرعات المقلوبة حتى يأتي الذي يسير خلفي على نفس المسار ويخرشني بالبواري والأنوار لأفسح له الطريق او ان ينقض علي, وعندما أقرر ان اعطيه الشارع كله أجد ان هناك من جهة اليسار من هو أولى منه لأنه طاير بسرعة أكبر بمراحل, فأقرر ان اخلي الطريق وانتحي في أقصى اليمين إلا ان صاحب الشاحنة المندفعة لن يرحمني, فأجد ان القرار الوحيد هو ان انضم الى هؤلاء واتمرجل, فأقذف برجلي على دواسة البنزين وأحط على السيارة فإذا كان الذي خلفي يسير بسرعة مائة واربعين اجعل سرعتي تتعدى مائة وستين وقد قيل (تعددت الأسباب والموت واحد) واكتشف ان هذا يفيدني لأنه سيسد الفجوة القانونية التي تفصلني عن الذي أمامي, لأن بقاء هذه الفجوة القانونية خطر يتهددك، فهي منفذ لكل من يريد ان يزورق بين السيارات, هذا الصراع عندما اكون وحدي اما اذا كان معي أطفالي فهذه لها عذاباتها الأخرى الداخلية, ولكن الأمر يهون علي عندما أشاهد أطفال الآخرين.
رجل يسوق وطفله في حضنه، وثلاثة أطفال يتقافزون في صحن الونيت والأم والأب في الغمارة وسيارة تسير بسرعة جنونية وطفلان يطلان بكامل جسديها من السيارة وكأنهما حرس ياسر عرفات, وأطفال آخرون يجولون بين السيارات عند الإشارة وسيارة كامري محشورة بعائلة أكبر من عائلة الامبراطور بوكاسا.
قريباً سيبدأ تطبيق نظام حزام الأمان الإلزامي, تطوف بي الأسئلة: هل الأطفال الذين في صحن الونيت سينطبق عليهم قانون حزام الأمان؟ هل الطفل الذي في حضن والده يحق له استخدام نفس حزام والده ام أن المرور سيفرض على موردي السيارات حزاما صغيراً خاصا بحمودي, وما الحل مع عائلة بوكاسا المحشورة في الكامري اذا عرفنا ان عدد الأحزمة الموجودة في السيارة لا تكفيها هل ستساهم إدارة المرور بتمويلهم بحبال لتربيطهم في المقاعد.
أشك ان الذي طرح فكرة الإلزام بحزام الأمان مولود في السويد وليس في السويدي!!
yara 2222 * hotmail.com
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
المحرر الأمني
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved