Tuesday 15th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الثلاثاء 1 ربيع الاول


أنواع الموظفين

قد نتفق على ان الأفراد يختلفون في سلوكياتهم واستجاباتهم في شتى تفاعلاتهم وتعاملاتهم اليومية معللين ذلك بتباين المواقف المتعددة ولكن ما بال الأمر لو علمنا باختلاف تلك السلوكيات والتصرفات رغم وحدة الموقف أو الحدث؟! وللتدليل على هذه الحقيقة انك عندما تزف نبأ أو خبرا مفرحا لشخصين أو أكثر فمن المؤكد سوف تفاجأ بتباين استجاباتهم وردود أفعالهم لذات الحدث وان بنسب متقاربة ليس فيما يتعلق بدرجة الانفعال فحسب بل بايماءات وتغير لون الوجه ايضا! وينسحب ذلك على تلقي الاخبار المحزنة أو مشاهدة مناظر مؤلمة وفي السياق نفسه الأمر لا يتوقف عند تلك الانفعالات الآنية بل ما يستتبع ذلك من سلوك وأفعال قد لا تظهر في ذات اللحظة! ومن هنا يمكننا التأكيد بأن الموقف أو الحدث يزول وتبقى آثاره وتبعاته عالقة في الذهن وان لم يستشعر بها الفرد! وأيا كان الأمر فالمقصد الذي يهمنا في هذاالطرح هو ان الظاهر من السلوك لابد له من باطن ومواقف سابقة قد ترجع الى سن الطفولة فالحقيقة التي لاجدال حولها ان لكل موقف استتباعاته وخلفياته؟! واستنادا لما تقدم يمكن القول بأن الموظف يعمل من خلال تنشئة اجتماعية وثقافة أولية تسبغ تصرفاته واستجاباته إزاء منظومة العمل فمن نشأ منذ الصغر على أسس قويمة كالصدق والاخلاص والتفاني وسوى ذلك من مفاهيم خلاقة فمن المرجح ان تأتي سلوكياته متسقة إن لم نقل مطابقة لما تشربه وتربى عليه, كما يمكن القول انه سوف يجتهد ما أمكنه الاجتهاد للتصدي لكل ما يتنافى مع تلك القيم والمثل ولعل ذلك يقودنا لتصنيف الموظفين حسب تنشئتهم,, فهناك موظف يتصل بتنشئة راسخة على معايير قويمة سابق الذكر وصاحب هذه التنشئة يتمتع بشخصية ثابتة مخلص لعمله لقناعته بأن التفاني للعمل سوف يعود بالنفع عليه وعلى مجتمعه فهكذا تعلم منذ نعومة أظفاره, وهناك موظف آخر صاحب تنشئة غير مستقرة فهو نشأ في بيئة اجتماعية بها الكثير من المتناقضات والمفارقات؟! ولتوضيح الصورة أكثر,, فهذا الموظف منذ كان صغيرا تلقى من المسؤول عن تربيته بعض المبادىء القويمة لكنه اصطدم بواقع مغاير فقد كان قدوته يقول شيئا ويفعل نقيضه؟! الأمر الذي افقده الثقة بمن حوله واصبحت المفاهيم بالنسبة له مشوشة فتجد تصرفاته تتراوح بين العطاء تارة واللامبالاة تارة أخرى! عدا ان شخصيته متناقضة غير مستقرة ولعل أبرز امارات ذلك قابليته للتحول المفاجىء أحيانا فمن موظف مخلص ومنتج الى متسيب والعكس صحيح؟! وهنا يمكن التنويه بأهمية بيئة العمل لهذه الفئة من الموظفين تحديدا كما يبرز دور المدير جليا بضمه ضمن افضل واكفأ شريحة من الموظفين ليتعايش معهم ويكتسب منهم ما لم يكتسبه منذ صغره؟! واليكم النموذج الثالث والأخير,, صاحب التنشئة السلبية فهذا الموظف نشأ في بيئة اجتماعية معتلة تسودها الفوضى وعدم الاكتراث بالمثل والمعايير فنجد هذا الموظف متسيباً ومتبلد الحس ولا يعير الأنظمة الادارية أية أهمية! وعلى الأرجح ان حظه من التحصيل العلمي متدن,, ومغزى القول ان سلوكيات الموظفين واستجاباتهم تعكس ما لديهم من تنشئات وهذا لا يعني الجزم بالمطلق بدور التربية في تحديد توجه ومنعطف الموظفين فمن المحتمل بل من المؤكد ان هناك موظفين تغيروا ان سلبا أو ايجابا على نحو يتنافى ونشأتهم! ولكن يبقى ذلك محدودا ورهن جملة متغيرات لعل أهمها استعداد الموظف للتغير كما ان المستوى التعليمي للموظف وما يتلقاه من دورات تأهيلية قد يسهم في تعديل وتنقيح سلوكه ولا يفوتنا في الحيز نفسه دور المدير ومهاراته في التعامل مع شرائح الموظفين والاهتمام بالجانب الانساني للموظف! والأهم من هذا وذاك طبيعة المناخ السائد في منظومة العمل وعلى أية حال تظل مسؤولياتنا كبيرة في تنشئة ابنائنا منذ السنوات الأولى وفق مبادىء ومعايير قويمة لتشكيل شخصياتهم لامداد المجتمع بكوادر واعدة قادرة على البناء والتطوير لتواكب مجالات التنمية بشتى ميادينها.
علي بن سعد الزامل

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
مشكلة تحيرني
منوعــات
القوى العاملة
عزيزتي
الرياضية
تغطيات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved