* توطئة لا علاقة لها بالموضوع:
مع أن حبر الأرض وأنهارها وبحارها لا تسع حروف فرحة النجاح التي تحسها أم عاشت لحظة بلحظة وثانية بثانية، شمساً شمساً ونجمة نجمة حيوية وشحوب النحول والفراشات وهي طوال سنة دراسية كاملة تركض في حقول الشكوك حافية لتلم رحيق المعرفة من تلك الكتب الجافة المضنية، فإنني أمام التزامي الكتابي بما يشغل المواطن لا بما يشغلني شخصيا وحسب سألوي أعنة جياد الكتابة لأوجل الكتابة عن الحبور بنتائج امتحانات الأبناء واكتب في موضوع قد تشكل أسئلته لو اسهبت فيها وان كنتُ لن أسهب امتحانا لنا جميعا وهو سؤال توطين الأموال المهاجرة, فهناك مثال طازج ولا أريده أن يبرد ولو أجلت الكتابة فيه إلى الأسبوع القادم فإن أخشى ما أخشى ألا يأتي الأسبوع القادم إلا وقد طارت الطيور بأرزاقها وربما بأرزاق غيرها.
* الموضوع:
لفت نظري على قناة CNN ليلة أمس في كلمة رئيس أمريكا بمناسبة حفل تخريج طلاب احدى الجامعات الأمريكية بولاية ميتشجن قوله إنه سيكتفي بالتعريج على قيادة أمريكا لحرب الناتو على صربيا بكلمة أو كلمتين بينما سيخصص صلب الكلمة على موضوع الاقتصاد الأمريكي في علاقته بالخريجين الجدد المقبلين للتو على سوق العمل,
إذ أشار في دعابة لم تبد خفيفة الظل بما يكفي لاضحاك الجمهور إلى أنه يضطر إلى تركيز كلمته إلى الخريجين على الشاغل الاقتصادي بشكل خاص نظراً لأنه لاحظ أن عدداً من الخريجين قد علق على صدر ثوب التخرج الأسود شارة بيضاء تقول: تجارة عادلة لا تجارة حرة (Fair trade not free trade) وإذا كان هذا المطلب في دولة هي زعيمة النظام الرأسمالي في العالم والقوة المحركة لمنظمة التجارة العالمية والنموذج الغربي المركزي الذي تدور حوله حركة التدويل والعولمة سواء في مستواها الاقتصادي أو في مستوياتها السياسية والقيمية الأخرى، فلننظر إذن ماذا عساها تكون مطالب الشعوب في الدول النامية؟!
من يستطيع أن يضع اسئلة دقيقة للامتحان أو من يستطيع أن يصل إلى أجوبة تقريبية للامتحان ونحن نقرأ دون تدقيق أو تمحيص أن هناك أموالاً محلية طائلة في القطاع الخاص خاصة، وأن حصلت على تأشيرة خروج وعودة فإنها تخرج ولا تعود ولو نوت أو أرادت وذلك أن سطوة حرية التجارة والمصالح الشخصية تكون (أحياناً) أقوى من سطوة حب الأوطان والمصلحة العامة.
وحتى لا تتعقد أسئلة الامتحان يمكن أن نشير إلى أن المثال النموذجي الطازج المعبر بشكل رمزي وواضح عن قلق هجرة الأموال, ذلك المثال الذي علق عليه يوم أمس بغيرة وشفافية د, عبدالله الدحلان في جريدة البلاد, وهو مثال صفقة التسعة بلايين ريال وهي ما تساوي نصف اجمالي ملكية أكبر بنك بالمملكة (البنك الأهلي التجاري) التي دفعها عدا ونقداً عدد من مؤسساتنا المالية الحكومية.
والسؤال الاستراتيجي والمفصلي في هذا القلق الوطني المشروع على هذا المثال وأمثاله هو مرة أخرى، هل ستصب هذه البلايين من الريالات السعودية في أحواض نخيلنا وأشجار صبارنا وظمئنا الصحراوي لإنعاش وصيانة وتطوير مشاريع التنمية التي أسستها الدولة وبعض الجهود الأهلية في مجال الخدمات الأساسية مثلا بما يساندها ويحرك عجلة التنمية حتى لا تصير التنمية مجرد ذكرى من ذكريات الطفرة النفطية,, أم أن هذه الأموال وسواها لن تلبث أن تجد طريقها إلى الخارج مثل فروع الفرع؟! هل ستفلت مثل هذه المبالغ من مصيدة البنوك والمشاريع الدولية التي يسيل لعابها إلى الركب لمثل هذه الأخبار وتكون فريسة سهلة للتسرب فيما المشاريع الوطنية تترك لفتات الأريحية العربية والنوايا الطيبة وبعض التبرعات من باب ذر الرماد في العيون ليس إلا؟!
وهنا تأتي أهمية تلك الشارة البيضاء على ثوب التخرج الأسود التي أشار إليها كلينتون التي لم يستطع كلنتون تجاهلها على صدور الطلاب،فحرية حركة رأس المال وحرية القرار تتطلب أوطانا حرة وتتطلب مواطنين أحرارا في حبهم لأوطانهم ليحموا حريته وحريتهم معاً في مجال المال والأعمال معاً ولله الأمر من بعد ومن قبل.
* خاتمة خارج الموضوع:
تهنئة للوطن ولبنات وأبناء الوطن بنجاحاتهم اليوم وغداً ودائماً بإذن الله.
|