منظمة العدل الدولية احدى الوكالات المتخصصة التابعة للامم المتحدة حالياً رغم انها سبقتها إنشاء، حيث انشئت في اعقاب الحرب العالمية الاولى، وتحديداً في الحادي عشر من ابريل سنة 1919، جاء انشاء المنظمة تجاوباً مع المنظمات والاتحادات التجارية لكلا المعسكرين المتحاربين بل وحتى تلك التي في الدول المحايدة، حيث اصرت جميعها على ضرورة الاصغاء لصوتها في اي تسوية سلمية يتم التوصل اليها، وكان الهدف من ذلك تضمين اتفاق السلام احكاماً تستهدف تحسين ظروف العاملين، الذين كانوا من بين الطبقات الاجتماعية الاكثر تضرراً من تلك الحرب, وقد تكرر هذا المطلب في المؤتمرات العمالية المتعددة التي عقدت خلال الفترة مابين 1916-1919ه، هذه الضغوط اثمرت اخيراً، حيث تبنت دول الحلفاء، وبالذات بريطانيا وفرنسا فكرة تضمين اتفاقية فرساي التصالحية احكاماً قانونية تنظم شئون العاملين، وقد عهد بذلك الامر الى لجنة متخصصة، أفضت جهودها في نهاية المطاف الى افراد الجزء الثالث عشر من معاهدة الصلح للامور المتعلقة بالعاملين، وقد نصت احكام ذلك الجزء- من بين امور اخرى- على انشاء منظمة العمل الدولية، التي عهد اليها باختصاص اقرار الاتفاقيات والتوصيات المرتبطة بالعاملين, اما انضواء منظمة العمل الدولية تحت مظلة الامم المتحدة فقد كان سنة 1946 بموجب اتفاق خاص اعتبرت الاولى بموجبه احدى الوكالات المتخصصة التابعة للمنظمة الاممية تشمل منظمة العدل في عضويتها خليطاً فريداً تتمازج فيه ثلاثة عناصر مختلفة: الحكومات وارباب العمل والعاملين، اما ادارياً، فانها تتكون من ثلاثة اجهزة رئيسية: المؤتمر العام، ويتكون من ممثلين عن الحكومات وارباب العمل والعاملين، والهيئة الادارية وتتكون ايضاً من ممثلين عن الحكومات وارباب العمل والعاملين، وهناك ايضاً مكتب العمل الدولي، وهو بمثابة سكرتارية للمؤتمر وللهيئة الادارية واضافة الى تلك الاجهزة هناك اللجان الدائمة والمؤقتة المكلفة بممارسة انشطة في مجالات محددة، ومنها على سبيل المثال اللجنة الاستشارية الافريقية، واللجنة الاستشارية الاسيويةواللجنة الزراعية، وعدة لجان اخرى عهد اليها بدراسة المشاكل العمالية في المحيط الصناعي تنتمي اغلب دول العالم ان لم يكن جميعها حالياً الى عضوية المنظمة، اما عدد الاتفاقيات التي تم اقرارها برعاية المنظمة فقد وصل الى نحو 180اتفاقية ، ومايزيد على ذلك من التوصيات.
بعد ان وضعت الحرب العالمية الثانية اوزارها صدر عن مؤتمر العمال العالمي ما عرف ب إعلان فيلادفيا وذلك في مايو سنة 1944.
وقد أكد هذا الاعلان الذي يعتبر جزءا لايتجزأ من دستور المنظمة - على اهدافها وغاياتها, فقد اكد الاعلان على ضرورة احترام كرامة العامل وحريته في التعبير والاجتماع وحقه في الامن الاقتصادي والفرص المتكافئة, كما وضع الاعلان مجموعة من الاهداف المحددة لمنظمة العمل الدولية، اهمها بذل الجهود اللازمة للقضاء على البطالة في الدول الاعضاء ورفع مستويات المعيشة، وتقديم التسهيلات والارشادات التدريبية بما ينعكس ايجاباً على اجور العاملين وساعات عملهم وظروفهم العملية الاخرى، الامر الذي من شأنه ان يؤدي اخيراً الى ضمان حصة عادلة من الرقي والإزدهار للجميع، كما نص الاعلان على اهمية التعاون بين الادارة والعاملين لما لذلك من آثار ايجابية ظاهرة على الانتاجية وتحسين طرق ووسائل العمل في آن واحد, كما يطالب الاعلان ايضاً بضرورة تعاون ارباب العمل والعاملين في اعداد وتطبيق الاجراءات الاجتماعيةوالاقتصادية والتوسع في تطبيق مفهوم الامن الاجتماعي لضمان دخل اساسي لكل المحتاجين وكذلك تقديم العناية الطبية اللازمة لهم, لقد اهتمت منظمة العمل الدولية بوضع مستويات ومعايير معينة تحكم علاقة رب العمل بالعامل، وطالبت بضرورة مراعاتها، اما موضوعات تلك المستويات والمعايير فلم تخرج عن العمل الاجباري للعامل، الضمان الاجتماعي، عمل المرأة، حماية العمال صغار السن من العمل في مجالات لاتتناسب واعمارهم او العمل في اوقات خطرة بالنسبة لهم، التفتيش على العمل، الهجرة، عدد ساعات العمل، عمل النساء ليلاً، اصابات العمل المهنية، اجور العاملين، الامراض المهنية، الاجازات والاجور، حماية الامومة، البطالة.
تلك - باختصار - منظمة العمل الدولية وتلك اهدافها، والمؤكد انها من خلال اقرار تلك المعايير الدولية تسهم بشكل مباشر وغير مباشر في ترسيخ مفهوم الامن داخل المنشآت الصناعية.