Wednesday 9th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الاربعاء 25 صفر


قراءة في فكر الإمام الغزالي

ربط الغزالي المتوفى سنة 505ه 1111م ربطاً وشيجاً بين الدين والدنيا فهما مكملان لبعضهما البعض، ذلك ان الدنيا هي مزرعة الآخرة ولا يتم الدين الا بالدنيا فالدين والسلطان تؤأمان فالدين اصل والسلطان حارس وما لا اصل أو اساس له مهدوم وما لا حارس له ضائع, ولا ينتظم امر الدنيا في رأي الغزالي الا عند القيام بعدد من المهن والصناعات مثل الزراعة والحياكة والبناء وغيرها، ولكن واحدة من اهم اصول تنظيم الدنيا هي السياسة التي بها يتم التعاون والاجتماع على ضمان اسباب المعيشة وضبطها, وفي هذا المجال تكلم الغزالي عن اربع مراتب للسياسة هي:
1 - سياسة الانبياء والمرسلين.
2 - سياسة الملوك والسلاطين.
3 - سياسة العلماء المتخصصين في دين الله.
4 - سياسة الوعاظ.
ويبين الغزالي ان سياسة الأنبياء والمرسلين تهدف الى اصلاح ظاهر وباطن جميع الناس، اما سياسة الملوك والسلاطين فترمي الى اصلاح ظاهر الناس، اما سياسة العلماء بالله المتخصصين في دينه فينبغي ان توجه لاصلاح باطن النخبة الحاكمة والمتميزة اما سياسة الوعاظ فترمي الى اصلاح باطن العامة.
ويؤكد الغزالي على اهمية التعاون بين الملوك والسلاطين والعلماء لصلاح السياسة ونجاحها, الا ان الغزالي ينبه الى وقائع هامة في تاريخنا الاسلامي منها انه بعد نهاية الخلافة الراشدة اضطر الخلفاء والسلاطين للاستعانة بالعلماء والفقهاء لاستفتائهم في احكامهم، الا ان علماء العصر الأول ظلوا مستنكفين عن التعاون الكامل مع اولئك السلاطين، والحَّ الحكام في طلبهم والتودد اليهم، ولما رأى الناس عز العلماء واقبال الحاكم عليهم اشرأبوا لطلب العلم لنيل العز والجاه وطلبوا الولايات فمنهم من حرم ومنهم من نجح في مطلبه لكن الذي نجح لم ينجح من ذل الطلب ومهانة الابتذال وهكذا تبدل حال العلماء فاصبحوا طالبين بدلاً من ان يكونوا مطلوبين وعلى ذلك يقسم الغزالي العلماء الى صنفين: علماء الآخرة وعلماء السوء ويتم صلاح السياسة بالتعاون بين السلاطين وعلماء الآخرة, اما علماء السوء فحذر منهم الغزالي كثيراً مستشهداً بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم هلاك امتي رجلان: عالم فاجر وعابد جاهل وخير الخيار خيار العلماء وشر الاشرار العلماء .
ويعدد الغزالي في كتابه الذي ضم كثيراً من آرائه السياسية التبر المسبوك في نصيحة الملوك عشر نصائح ينبغي على الحاكم العمل بها وهي:
1 - معرفة خطورة الولاية واهميتها.
2 - التقرب الى علماء الشرع والابتعاد عن علماء السوء.
3 - مراقبة الوزراء والمسؤولين.
4 - عدم التكبر والغضب.
5 - الا يرضى للرعية ما لا يرضاه لنفسه.
6 - قضاء حوائج الناس وبسرعة عدم تحقير اصحاب المصالح.
7 - البعد عن الشهوات.
8 - اداء الأمور بالرفق والبعد عن الشدة متى امكن ذلك.
9 - ان يجتهد في طلب رضاء الرعية ويكون له معتمدون يسألون عن حال الرعية.
10 - الا يرضي احدا عن طريق مخالفة الشرع.
ويبين الغزالي ان الحاكم الظالم شؤم لا يدوم في الحكم ذلك لان الملك بالجند والجند بالمال والمال بعمارة البلاد وعمارة البلاد بالعدل في البلاد او باستعمال مصطلحات معاصرة ان الدولة لتقوم وتبقى بحاجة الى الجند والموظفين وغيرهم وهؤلاء بحاجة الى اموال ورواتب تصرف لهم وهذه الأموال لا تأتي الا عن طريق التنمية والتنمية لا تقوم وتزدهر الا في ظل العدل.
ويلخص الغزالي اسباب انهيار الدولة في اسباب منها: الاستبداد بالرأي واهمال الشورى التي هي الاساس المكين لنظام الحكم في الاسلام الذين استجابوا لربهم واقاموا الصلاة وامرهم شورى بينهم ثم سوء التدبير في الايرادات والمصروفات ثم انتشار الغرور والجهل في الطبقة الحاكمة بحيث لا يشعرون بمواطن الضعف ولا يسارعون الى اصلاح ما يؤدي الى تدهور الاوضاع, وكذلك من اسباب انهيار الدولة اسناد الأمر الى غير اهله الذين لا تتوفر فيهم صفات الكفاءة والقدرة والامانة وهذا يؤدي الى تذمر الناس.
ويعتبر ابو حامد الغزالي عالماً فذاً عاش في عصر يعج بالتطورات السياسية والثقافية والاقتصادية وباحتدام الصراع الفكري والمذهبي وفي وسط ذلك الصراع صدع الغزالي بكلمة الحق مطالباً بالعودة الى تحكيم القرآن والسنة في جميع أمور المسلمين, واحب الغزالي التوسط في المسائل الخلافية ومن ذلك تلاحظ تأثره بأبي الحسن الأشعري في مسائل العقيدة والشافعي في مسائل الفقه, اما في الخلاف بين عقلانية اليونان وغنوصية فلسفة الشرق فقد حاول الغزالي التوسط هنا ايضاً الا انه أُسيء فهمه كثيراً نظراً لتأليفه كتاب تهافت الفلاسفة الذي ينتقد فيه عقلانية المنطق الاغريقي بينما لم يقم بجهد كبير لتفنيد ادلة الفلسفات الشرقية مما حدى بالبعض للاعتقاد برفض الغزالي لمبادىء العقلانية, وقد عاش الغزالي في عزلة اختيارية في اواخر ايامه في بلدته طوس حيث عكف على التأليف هادفاً الى ارجاع الناس الى القران والسنة ففيهما انتشر الاسلام وبالابتعاد عنهما كثر الصراع والتشتت.
ردود:* سعادة الدكتور محمد بن ناصر الكثيري، الرياض:
* الاستاذ حمد بن حسون الحسون، عنيزة:
* م,س,ه, الرياض عذبي العقيل الرياض، معيض القحطاني الرياض:
- كان لكلماتكم ابلغ الاثر في نفسي شاكرا ومقدرا تفاعلكم مع مقالتي السابقة وارجو ان اكون دائماً عند حسن ظنكم.
يمكن مراسلة الكاتب على البريد الالكتروني:
Lheedan*yahoo.com
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الفنيـــة
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
المحرر الأمني
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved