* القاهرة - أ,ش,أ
يتوجه نحو 125 مليون ناخب أندونيسي اليوم الاثنين الى صناديق الاقتراح لاختيار 462 عضوا من أعضاء البرلمان البالغ عددهم 500 عضو من بينهم 38 عضوا يتم اختيارهم بالتعيين من افراد القوات المسلحة, وتكتسب هذه الانتخابات أهمية خاصة في تاريخ اندونيسيا لعدة أسباب أهمها:
أولا: انها اول انتخابات عامة تشهدها اندونيسيا بعد تخلي الرئيس سوهارتو عن الحكم واختفائه من على المسرح السياسي بناء على ضغوط المعارضة الشعبية بعد الازمة الاقتصادية العنيفة التي واجهتها اندونيسيا عام 97م.
ثانيا: انها اول انتخابات حرة تجري في اندونيسيا منذ ما يقرب من 43 عاما، وتأتي نتيجة تسوية سياسية بين المعارضة التي ولدت مستفيدة من المظاهرات التي اجبرت الرئيس سوهارتو على الاستقالة بعد اقل من ستة اسابيع على اعادة انتخابه لفترة سابعة وبين السلطة القائمة التي لم تتغير بشكل جذري مع تولي الرئيس بحر الدين حبيبي الحكم,, ولذلك فان هذه الانتخابات تقدم فرصة نادرة للشعب الاندونيسي للوصول إلى مجتمع ديمقراطي اكثر من أي وقت مضى.
ثالثا: انها تجري في ظل التعددية الحزبية وللمرة الأولى في تاريخ اندونيسيا يشارك في الانتخابات 48 حزبا.
وكانت اندونيسيا قد سمحت بالتعددية الحزبية منذ عام 73 ولكن كان يسمح لثلاثة احزاب فقط بالمشاركة في الانتخابات السابقة طوال عهد الرئيس سوهارتو، وهي: حزب جولكار الحاكم وحزب الشعب الديمقراطي وحزب التنمية المتحد.
رابعا: ان نتائج هذه الانتخابات سوف تفتح الباب امام كل المساومات تمهيدا للانتخابات الرئاسية القادمة التي تشكل الرهان الحقيقي امام ارساء الديمقراطية في اندونيسيا، لأن الفائزين في هذه الانتخابات سوف ينضم إليهم 200 عضو سوف يتم تعيينهم فيما بعد لتشكيل مجلس شورى الشعب وهو أعلى سلطة تشريعية تتولى اختيار الرئيس الجديد لاندونيسيا ونائبه في نوفمبر القادم، وان كانت المعارضة تطالب بإجراء الانتخابات الرئاسية مبكرا عن موعدها، اي بعد شهر واحد من اعلان نتائج الانتخابات العامة.
وتدور المعركة الانتخابية في اندونيسيا بشكل رئيسي حول الشخصيات المتزعمة للاحزاب اكثر من السياسات والبرامج الانتخابية,, وتعد ميجاواتي سوكارنو بورتري ابنة مؤسس اندونيسيا من اقوى الشخصيات المتزعمة لكتلة حزبية واحدة وهي اقوى المرشحين لتولي منصب الرئاسة خلال الانتخابات المقررة في نوفمبر القادم.
اما فيما يتعلق بالسياسات فقد كشف استطلاعات الرأي ان رجل الشارع العادي يضع مسألة انعاش الاقتصاد في مقدمة أولوياته الانتخابية ثم الاستقرار الامني، وجاءت مكافحة الفساد في المرتبة الثالثة من الاهتمامات.
وتوقعت استطلاعات الرأي العام في اندونيسيا حصول المعارضة على اغلبية المقاعد خاصة بعد ان اعلن ثلاثة من اكثر زعماء المعارضة شعبية عن تشكيلهم جبهة متحدة ضمت حزب التفويض القومي بزعامة أمين رئيس والحزب الديمقراطي الاندونيسي من اجل الكفاح بزعامة ميجاواتي سوكارنو وحزب الصحوة الوطنية برئاسة عبدالرحمن وحيد.
وبالرغم من وجود اختلافات كبيرة بين هذه الاحزاب إلا ان الرغبة في الاطاحة بحزب جولكار الحاكم وانهاء سيطرته على الساحة السياسية ادت إلى تضييق الفروق وازالة الكثير من الخلافات بين احزاب المعارضة.
ويعتمد الحزب الديمقراطي الاندونيسي وهو من الاحزاب القومية على شعبية زعيمته ميجاواتي سوكارنو التي بدأت مشوار المعارضة للحكومة في اعقاب توليها زعامة الحزب في عام 93 ونجحت مستغلة اسم والدها وتاريخه السياسي في الحصول على تأييد العمال والطبقة المتوسطة والشباب الذين يمثلون 20 مليون ناخب، وبذلك اصبح انصار الحزب ينتشرون في كل انحاء اندونيسيا.
أما المشاركون الآخرون في الجبهة المتحدة فهم حزب التفويض القومي ويتمتع بشعبية بين المسلمين في المدن وحزب الصحوة الوطنية ويتمتع بشعبية بين المسلمين في الريف والمعروف ان اكثر من 60 في المئة من سكان اندونيسيا البالغ عددهم 220 مليون نسمة يدينون بالاسلام,, وقد طالب مجلس العلماء الاندونيسي وهو اعلى سلطة دينية حكومية في البلاد الناخبين بالتصويت فقط لصالح الاحزاب الاسلامية التي ترشح اكبر عدد من المسلمين في قوائمها الانتخابية.
وبالرغم من توقعات استطلاعات الرأي العام بفوز المعارضة وحصول الجبهة المتحدة على 40 في المئة من الاصوات يشير المحللون الى ان المعركة الانتخابية اليوم في اندونيسيا لن تكون سهلة لان حزب جولكار بالرغم مما لحق به من عدم مصداقية وفقدانه الكثير من شعبيته بسبب الازمة الاقتصادية في اندونيسيا والاستياء الشعبي من فترة حكم سوهارتو إلا ان الحزب ما زال قويا.
ويحظى الحزب بتأييد المقاطعات النائية كما انه يملك مصادر مالية كبيرة الى جانب تمتعه بالعديد من الامتيازات الدعائية مثل: استخدام الاذاعة والتلفزيون وغيرهما بدون تحفظ، وقد اختار الحزب الرئيس الحالي بحر الدين حبيبي مرشحا للرئاسة للفترة القادمة.
وأخيرا يتوقع المراقبون ألا يحصل حزب واحد خلال الانتخابات التشريعية في اندونيسيا على اغلبية تمكنه من الانفراد بتشكيل الحكومة، وتوضح المؤشرات الحالية انه سيتم تشكيل حكومة ائتلافية من المعارضة.
|