Monday 7th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأثنين 23 صفر


المحرج تستوقفه قصيدة
هذه القصيدة لم تعط حقها,, ولكن

** الشعراحساس معبر بكل صدق وواقعية عن مشاعر الانسان تجاه موقف او حدث او شخص في هذه الحياة.
ولذلك لا يمكن ان تعبر عن مشاعر الآخرين وتهديهم هذه القصيدة لأنك لم تعش الموقف ومن هنا فالتعبير كاذب مزيف يجب ان يموت في مهده, من هذا الاتجاه (التعبير الصادق) سوف نأخذكم عبر قصيدة نشرت في جريدة الجزيرة بتاريخ 9/12/1419ه وقد تكون مرت على الكثيرين دون ان يلقوا لها بالا ربما لانها لم تكن موقعة باسم احد الاسماء التي يخدمها الاعلام قبل ان تخدم نفسها وانا القي باللوم على الاخوة في مدارات شعبية.
لا يهم كل ذلك ولكن دعونا نقرأ هذه الابيات التي هي عبارة عن نزف مستمر مؤلم من زوجة عاشت اصعب المواقف وامرة اللحظات في حياتها، وهي ترى اقرب الناس اليها زوجها يتوفى على طريق عام بعد ان تبعثرت الاحلام وتقاطرت الآلام لكي تزيد من نزف هذه الزوجة المسكينة.
تقول في اول ابياتها:
صرت أتمنى وصل خالد بالاحلام
ياليت حلمي ذا تحول حقيقه
حزني دفين كان مقبور لعوام
واليوم قلبي عاجز ما يطيقه
نعم فالشوق يزداد ويشتعل الفؤاد حرقة كلما ابتعد الاحباب، ايا كان هؤلاء الاحباب ولكن عندما يكون الفراق ابديا ولأقرب الاحباب شريك العمر تكون الاشواق محرقة للاعصاب ومدمرة للمشاعر خصوصا اذا قامت على ذكريات سعيدة مبنية على الود والمحبة، وهذا ما يبدو من الابيات، ثم ان هذا الموقف المحزن المبكي جدد احزان الشاعرة التي ربما كان للفقيد دور في ازاحتها عن حياة الشاعرة وهنا يكون الموقف الصعب مزدوجا في حياة هذه المرأة ثم تقول:
يا موقف عشته مثل بعض الافلام
شفت الحبيب مغرق الدم ريقه
والموت له مقبل يرفرف بالاعلام
وعلى الحضين خذته وانا اسمع شهيقه
من روعتي صايحت بالآه وآلام
ليته سمع صوتي وكمل طريقه
تصور موقفها الذي لم يكن مستوعبا بالنسبة لها في نفس الوقت الذي حدث فيه هذا الموقف ودائما الانسان لا يستوعب عظم الحدث الا بعد وقت من هول الصدمة التي قد لا يتحملها اقوى الرجال فما بالنا بامرأة يسقط امامها ذلك الصرح العظيم والجبل الذي تتكىء عليه في هذه الحياة بآلامها وآمالها وهو الرفيق في هذا الطريق الوعر المتجدد المصائب والمصاعب.
ولكنه الايمان الذي يسكن قلبها ويوجه النفس المؤمنة بكل احاسيسها وفي أصعب وأمر المواقف هي تدرك ان الحبيب في هذه اللحظات يودع الحياة الفانية الى حياة خالدة باذن الله ولكن ليس بيدها من الامر شيء الا الاستسلام لقضاء الله وقدره.
عندما يكون الموت فجأة والانسان قبل لحظات يعيش بصحته وعافيته واحلامه في هذه الحياة ثم تتوقف كل هذه الاحلام والطموحات عند نهاية غير متوقعة في لحظة حرجة تكون ردة الفعل التي تكون غالبا لاارادية وانما هي الطبيعة البشرية الهشة.
ثم تواصل الحديث في ابياتها والوصف المحزن,.
ليته توانا لي وللايام قدام
لافديه عمري دون كل الخليقه
وهذا الموقف المتوقع ممن احب بإخلاص والمرأة بطبيعتها الحساسة وتقديمها في معظم الأحيان الاخرين على نفسها فكيف يكون الامر للحبيب.
حظي من ايام الصغر ما بعد قام
ومن يوم قام وجاه شيء يعيقه
تشتكي هذا الحظ المتعثر الذي لم يكن في صالحها منذ ان عرفت هذه الحياة ولكنه عندما بدأ يسري الماء في عروقه مع هذا الانسان عصفت به تلك الحادثة فاعادت الحظ اسوأ مما كان عليه لأنها معه احست بطعم الحياة ثم فقدته فما امرها من حياة بعد السعادة,.
صارت فجيعة يوم تحكي بالايام
وأصبح عزا خالد ابقلبي حريقه
ضاع الكلام وجف صبري بالاقلام
وفي داخل قليبي جروح عميقه
نعمة النسيان من نعم الله سبحانه وتعالى على العباد والا لما امكن احدنا ان يحمل احزانا ومآسي وذكريات تفقد الانسان صوابه ولكنها نعم الله التي لا تعد ولا تحصى.
رغم ذلك الا ان بعض المواقف لا يمكن ان نتسى خصوصا في مثل هذه الحالة.
كلما ألم بها امر سوف يتمثل امامها هذا الركن الذي كانت تستند اليه وكلما شاهدت زوجا معه زوجته تذكرته وكلما رأت طفلا مع والده خيل انه امامها وكل هذه التصورات بدأت منذ اليوم الاول للعزاء حيث يتوافد الناس للمواساة والوقوف بجانبها ولكن تعود وحيدة بعد حين وهي تحترق خسرة على فقده ووحدتها بعده, نعم اللسان ينعقد والتعبير يخون في مواقف عادية فما بالنا في مثل هذا الموقف لامرأة امام موقف عاجزة ان تتصرف وهي كلها الآم وجراح ونزف مستمر واخيرا وكما هي النفس المؤمنة المطمئنة الواثقة تعود لتسال رب الارباب وجابر كسر الاحباب ان يثبتها على الصبر وتحمل هذه المصيبة بعد ان ايتمها هذا الحدث بفقد اغلى من تراه في هذا الوجود وتطلب له الرحمة والمغفرة,
ولها نقول جبر الله عزاءها وخفف عنها مصيبتها واعانها على هذه الحياة ورحم فقيدها وأسكنه فسيح جناته.
واخيرا اقول لعل هذه الكتابة المتواضعة تفي شيئا من حق هذه الشاعرة وهو جهد متواضع اتمنى ان يفي بالغرض.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته,, .
عبدالله المحرج

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الفنيـــة
الثقافية
ملحق الدعوة
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
الطبية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved