التذوق الفني يختلف من شخص لآخر,, والذائقة الفنية لدى المتلقي تختلف عن المتخصص,, من هنا ومن منطلق الايضاح لبعض جوانب الموسيقى بشكل مقرب,, وبشكل دقيق في تقديم المعلومة الموسيقية تطالعكم زاوية انطباع بما هو مفيد لكل قارىء محب للموسيقى وتهمه الأحداث القائمة في ساحة الغناء وبشكل متخصص وقد اخترت عنوانا رئيسا انطباع لأن ما في هذه المقالات ما هو إلا انطباع ذاتي مجرد من أي تأثيرات شخصية!!
لا جديد
* خالد الشيخ:
قال في آخر لقاءاته أن الجملة الشعبية في الموسيقى الخليجية أصابها ورم وتضخمت.
* تعليق:
أنا أقول أن الجمل اللحنية في الموسيقى الخليجية أصابها التعفن.
* عصر التقليد:
عندما كانت الأغاني المكبلهة ذات رواج كان الفن الخليجي متلقنا لكل جمل مصر اللحنية، فبدأ محمد عبده وطلال مداح بعمل أغان اعتمدت على تنوع المقامات والإيقاعات ولكن بكلمات محلية وانتشر هذا اللون خليجيا وقام الملحنون آنذاك باستنساخ ممل الى ان تذكروا تراثهم واتجهوا لأعمال شعبية ذات جمل لحنية قصيرة وصغيرة وبإيقاع واحد طوال الأغنية واستمروا على هذا المنوال.
* عصر الجملة الشعبية:
هنا ظهر ملحنون اهتموا بتطوير التراث وغاصوا في بحره العظيم ومن ثم اكتشفوا انهم مازالوا في خضم البحث أكثر وأكثر وتناسوا جانبا مهما هو الابتكار واكتفوا بالتطوير وها نحن ندخل القرن الواحد والعشرين وهم مايزالون يكتبون في أعمالهم فلكلورا او تراثا مطورا.
* لست ضد,, ولست مع:
أنا لست ضد الأغاني ذات الجمل الشعبية ولكن انا مع وجود أغان اخرى تحمل روحا فيها من الابتكار ما يبهج.
هناك تجارب جميلة ولكن لا يوجد من يهتم بها لأن الجمهور مغرق بالشعبية البحتة الى رأسه ولا أحد ينشر وعيا موسيقيا يرتقي به.
ولو لاحظنا الفترة الأخيرة لوجدنا ان هناك خطوات اعتقد اصحابها أنهم يطورون وهم أدرى الناس بأن ما يفعلونه ما هو إلا تنقيب من القديم وإعادة روحه بتوزيع موسيقي جديد معتقدين ان هذا ما هو إلا ذكاء من هم الأسبق له.
فرابح صقر قدم شريطا شرقيا وآخر غربيا ولم اقتنع أنا بذلك فالنقطة الأساسية هي الجملة اللحنية وليس الإيقاع أو التوزيع او طريقة التقديم وهذا مجرد رأي فالغربي له طريقة تلحين مختلفة ومغايرة تماما لما قدمه رابح فكل ما فعله هو ان قدم جملته اللحنية بشكلها التقليدي ومن ثم أعاد توزيعها مع تغيير الإيقاع وأطلق عليها صفة الغربي.
واعتقد ان فنانا معاصرا مثل رابح يعي تماما ان ما قدمه ليس نمطا غربيا بقدر ما هو إعادة توزيع بشكل مغاير فقط.
أما نبيل شعيل فقد استهوته اللعبة وصدق بأن السبيل الوحيد للوصول للعربية هو تمصير أغانيه إن صح التعبير فما يقدمه ما هو إلا إساءة لتاريخه وإساءة لصوته المميز والذي يقوم هو بدفنه بتلك الأغاني المملة مثل عينك على مين وما أروعك ومنهو إنت ونصيحة أقدمها علها تجدي بأن أقول له اين أنت الآن من الله ياخوفي أو ما تضيع فالسيد/ نبيل شعيل خامة رائعة حرمنا من جمالها بأغان لا تمت لتاريخنا بصلة.
اما عبدالمجيد عبدالله ومحمد عبده والكثير غيرهم فوجدوا ان إيقاع الهيدا هو طريق الوصول للعربية وأن مشابهة هذا الإيقاع للمقسوم سيضمن لهم الوصول وإن تكلم أحد فسيردون بأن الإيقاع محلي وأنهم وصلوا بمحليتهم للعالم العربي، وياله من رد واهٍ لايحتاج لتعليقي عليه ولكن لن أنهي مقالتي متحسرا وسأرد عليهم بأن الوصول للمتلقي ليس بالإيقاع وإنما بالتفرد والتخصص وأن يكون الشكل الموسيقي العام جديدا عليه وجذابا لدرجة الإبهار فالوصول لا بد أن يكون وصولا موسيقيا قبل أي شيء.
* محاولات:
لعل خالد الشيخ هو الوحيد لا بل هو الوحيد فهو القادر الآن على صنع جملة موسيقية مميزة ومتفردة أما أعماله فقد حملت طابعا جميلا جديدا محلقا خارج سرب التقليدية الشعبية الضحلة.
فشريط عودته بعد انقطاع حمل ثمانية أعمال موسيقية خلاقة ستضمن لخالد الشيخ ان يكتب اسمه بأحرف من نور في سجل اولئك الملحنين ذوي الابتكار المتفرد خليجيا.
اما عبدالله الرويشد فتلك الأعمال التي غناها منذ شريط مسحور كانت تحمل صبغة جميلة حملت روح الابتكار ولكن تظل تجربته مميزة بتعاونه مع عمار الشريعي وخالد الشيخ وسلمان الملا سابقا وأعني بسابقا أعمال سليمان الملا مع ساهر فهي فعلا مميزة وما سواها من تجارب لحنية أخرى لا جديد فيها لسليمان.
أما من الشباب فسيظل راشد فارس هو الوحيد الذي يبحث عن جملة مميزة وشريطه الأخير كان محملا بثلاث تجارب فعلا حملت طابعا مميزا ولعل أهمها هي أغنية تصبح على خير فالملحن صلاح محمد استطاع ان يقدم نقلة نوعية لراشد فارس جديرة بأن تحترم.
* ختاما:
أود أن أشكر خالد الشيخ على نضاله البناء وأدعو له بالاستمرار فهو الوحيد القادر على تغيير الوجهة الموسيقية اللحنية لفننا الخليجي ولن أنسى صلاح محمد من السعودية وهناك أيضا الإماراتي أحمد الهرمي، اما الكتاب الغنائيون ولا أبرىء ساحتي فمطالبون أيضا بنقلة أكثر إشراقا على الفن الخليجي.
* تواصل:
شكرا لكل من كتب عني سواء مادحا او ذاما لكل ما أكتبه فالقراء الذين كتبوا عني أسعدوني كثيرا وسعدت بتواصلهم مع انطباعاتي فلهم عظيم شكري وامتناني ورجائي بألا ينسوا بأن ما أكتبه ما هو إلا انطباع ذاتي، اتمنى ان يحوز على رضاهم.
إبراهيم بن سواد