Sunday 6th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 22 صفر


القاص, ناصر العديلي
الكاتب والبطل وجهان لحياة النص

البطل الحقيقي أو الرواية في تقديري هو الكاتب نفسه او جزء منه في معظم الاحيان,.
وهذه الحقيقة تخلقت مع الايام لكتابة القصة والرواية على الاقل لدي,.
كنت في البداية اكتب لان لدي دافعا ورغبة قوية للكتابة,, اجد الراحة عندما اكتب قصة اجمل مما اكتب أي نص آخر ُوجدت في القصة مجالا رحبا للتخفيف من معاناتي خصوصا عندما اكتب بصدق عن تجربتي الحياتية,.
لم اكن ادرك في بداية كتابتي للقصة القصيرة اني اكتب في قصصي وان كنت اشعر بطريقة او باخرى بانني اكتب عن جزء من شخصيتي وقد يكون الجزء واضحا، وهناك جزء اخر مختف لا ادريه ولا ادرى ان اكتب عنه, ام لا.
كنت في البداية لا احبذ ما كتبت عنه لانه تعبير عن معاناتي وهي بضع قصص لا تتجاوز الاربع اوالخمس لم اضمنها مجموعتي الاولى (الزمن والشمس اللذيذة),.
ولكن عندما استمررت في التعب اللذيذ للكتابة احببت ما كنت اكتبه عن شخصيتى اوجزء منها ثم شرعت في التجريب وانتقاء ابطال اخرين من البيئة المحيطة وما اكثرهم وقتذاك خصوصا كنت اعيش الحياة من خلال تفاعلات الناس ونبضهم في اكثر من مدينة وفي اكثر من موقف لاني وقتها كثير السفر والترحال بين عدة مدن بحكم الحياة العائلية والدراسة(حائل - الرياض- الجنوب- الطائف- جدة وغيرها ) وحقيقة لم اكن مرتاحا وانا اعبر عن نبض الاخرين لاني اجد صعوبة في تقمص شخصية بعض الابطال، وان كنت اسقط عليها اشياء عديدة من تفاعلي وانفعالاتي مع الاشياء المحسوسة في البيئة والتغير السريع خصوصا فترة التسعينات الهجرية( السبعينات الميلادية) اقول لم اكن مرتاحا بالفعل لنقل تجارب الاخر وكنت اجد نفسي في التعبير عن ذاتي لعينة للبطل من جيلي - هنا اعبر اكثر صدقا خصوصا اني اميل الىاسلوب تيار الوعي في اكثر قصصي لاني اجد فيه الراحة والقدرة علىالغوص في الشخصية وسبر اغوارها
ولا شك ان الشخصية الرئيسية او البطل في العمل الفني قصة ورواية له دور فاعل في نسج النص والمعنى وكسوته لحما ودما وفنا نابضا في الحياة والدهشة والثراء والتنوع والتمرد احيانا,.
وربما يكون السبب لطبيعة الفن القصصي او الروائي نفسه، لانه انعكاس للحياة نفسها وصدى لنبض البيئة المتجدد والمتغير فالروائي او القاص يعيد كتابة الحياة او يعيد رسمها بلغة الفن السحري الجميل، والحياة هي الخامة الاولى للفن وما الكاتب والبطل الا وجهان لعملة واحدة هي الحياة
فن الحياة علمنا من خلال كتابة القصة والرواية ان الكاتب الحقيقي لديه هم واحد يكتب عنه طول حياته مهما تنوعت الاساليب ومهما تعدد الابطال ومهما تراوحت او تمردت اللغة فهو يكتب عن قيم ( العدل والحق والجمال والحرية المسئولة) وتظهر هذه الحقيقة عندما يتعمق الكاتب في جماليات الفن القصصي والروائي لكبار الكتاب العالميين من مختلف الجنسيات ويعيد قراءتهم اكثر من مرة,.
تجربتي القصصية المتواضعة هي نقطة صغيرة في جمال بحر القصة والرواية العربية والعالمية، عندما بدات في كتابة القصة كنت اكتب عن تجربتي الشخصية، واعتقدت اني واهم مع الايام فبدأت اختار شخصيات من الواقع الاجتماعي المحيط والمتغير بسرعة آنذاك، ثم بدأت احس انني مازلت اكتب عن الاخرين من خلال رؤيتي الشخصية وهكذا توطدت العلاقة مع ابطال قصصي الذين ارى فيهم شيئا مني,, ولم يطل استغرابي عندما قرأت نجيب محفوظ في الثلاثية واكتشفت انه هو احمد بن عبدالجواد كما علمت ان جيمس جويس هو الفنان في شبابه ومارسيل بروست هو بطل اعماله وهو ممن يبحث عن الزمن الضائع وكذلك البير كامي هو الغريب وسهيل ادريس هو نفسه في الحي اللاتيني وتوفيق الحكيم هو عصفور من الشرق وماركيز ويوسف ادريس في بعض قصصه وحنا مينه ومحمد شكري وجبرا إبراهيم وربما غازي القصيبي وتركي الحمد في عمالهم الاخيرة,.
ولاشك ان القصة هي مواقف ومستويات شتى احيانا ياتي الي البطل ويحدثني عن رغبته في الحوار والاعتراف وطرح موضوع ملح فاعطيه مايريد، وقد اسير بجانبه حتى تنتهي القصة واحيانه اعقد جلسة مع البطل ونشرع في الحوار وافاجأ بتركه اياي فاترك النص غير مكتمل وقد اكمله في وقت آخر وقد لاياتي بطل القصة ويظل النص معلقا ولدي نماذج عدة في انتظار البطل الغائب الذي قد ياتي وقد لاياتي.
واحيانا اخرى يتخلق البطل من سياقات السرد وتساهم اللغة في تكوينه، وتشكيله حسب الموقف او الظروف والاحداث,,ولكن تظل القصة متجددة باسلوبها تجدد الماءوالزمن ابطالها هم خليط من رؤية الكاتب حلمه امله وهاجسه وفي احيان اخرى اجد ان البطل للقصة هوالمكان او الزمان او كلاهما معا فثمة قصص ابطالها غير الانسان وقد تكون اللغة احيانا هي البطل الخفي في النص القصصي او الروائي,.
ولكن بشكل عام في معظم قصصي انا البطل ,, وانا الشاهد.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
ملحق الدعوة
الاقتصـــادية
المتابعة
ملحق المذنــــب
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved