أحاديث كثيرة - وآراء أكثر من الأحاديث - وملاحظات تقودها رغبات ورغبات تؤيدها الشائعات,, حول مدينة الرياض المترامية الأطراف التي تفصل بينها مساحات شاسعة تقدر بمئات الكيلومترات.
يقولون: إن هذه الأراضي ليست للدولة، إنها ملك لعقاريين كسبوها بعرق الجبين، فهي ملك شرعي محض لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ويقول آخرون: إن هذه الأراضي تتجاذبها الأيدي الطويلة فهي ما زالت بعيدة المنال عن التداول في سوق العقارات العام.
ومهما كثرت الأحاديث أو تعددت في هذا المجال فإن الأمر الذي من أجله وجدت إدارات تنظيم المدن يلزم أصحاب تلك الأراضي وضع سياج يحيط بتلك الأراضي ليعطي شكلاً جمالياً للمدينة تحيط به الإنارة التي تحول ليل المتاهات في هذه الأراضي إلى ليل نير مثل بقية الليل في مدينة الرياض وشوارعها الواسعة وحدائقها الغناء.
في يوم ليس بالبعيد سألت أمين مدينة الرياض الدكتور عبدالعزيز بن محمد بن عياف آل مقرن عن فرض رسم مالي حسب سعر المتر للأراضي البيضاء التي تقع على الشوارع العامة في مدينة الرياض، فكانت اجابته تعطي إشارة واضحة إلى أن البلديات لا يمكن أن تطبق مثل هذا الرسم إلا أنها تتمنى من أصحاب الأراضي أن يضعوا المسؤولية والوطنية أمام أعينهم عندما يطوفون شوارع الرياض وهم يتجهون إلى أعمالهم أو منازلهم أو مشاغلهم.
لماذا تبدو مدينة الرياض بهذا المظهر ولماذا لا تجد هذه الأراضي طريقها إلى مشروعات التنمية,, ولماذا لا يرى من يملكها أن أمامه مسؤولية كبيرة تضطره إلى استثمارها إما عن طريق البيع أو التأجير أو الاستثمار المباشر.
مثل مدينة الرياض عاصمتنا على مدى مائة عام مضت ليس فيها أرض أو مركز للمعارض الدولية,, ومثل مدينة الرياض عاصمتنا منذ مائة عام أو تزيد ليس فيها مركز ثقافي كبير يضم قاعة للمحاضرات وساحة للاحتفالات الوطنية.
إن مدينة الرياض عبارة عن أسواق مركزية ذات معمار متواضع لا يليق بمدينة الرياض ومستثمرون يريدون الربح على حساب جمال المدينة,, ولكن من الأولى أن تشرف أمانة مدينة الرياض الاشراف المباشر على مخطط سوق مركزي يتوسط أحد شوارع العاصمة الرئيسية، وما اكثر الأسواق التي تتوسط أهم شوارع العاصمة وتتمتع باعمار في غاية الضعف، بل إن الأولى بأمين مدينة الرياض أن يأمر بازالتها فورا, بل إن هناك أسواقا مؤقتة على طريق الملك فهد على هيئة صنادق (أعمدة الحديد والقماش) وهذه الأسواق ينظر إليها الغادي والرائح في مدينة الرياض.
أما الفرق بين أحياء الرياض الشمالية والجنوبية أو الشرقية منها او الغربية أو الجهات الفرعية, فهذه ظاهرة في كل مدن المملكة، بل في كل مدن العالم بما فيها عواصم الدول الأكثر تقدما,, وعلى ذلك فإن هذا لا يعفينا من التسامي إلى درجة الكمال وتجميل كل أحياء المدينة.
ولعل من أبرز المظاهر الممكن تغييرها ما نراه في الطرق أو الشوارع الواسعة داخل مدينة الرياض الذي كان من الممكن أن يشاهد المارة في تلك الشوارع بنايات متعددة الأدوار، ففي طريق الأمير عبدالله مثلا لا تسمح الأمانة سوى بدورين فقط لكل بناية أي أن الارتفاع الرأسي محدود بامتار قليلة في حين يسمح بالتمدد الأفقي.
لماذا كل هذه العوائق والأمانة تدرك أنها غير قادرة على ايصال الخدمات إلى الأحياء الجديدة؟ لماذا لا تعطي الأمانة الإذن والسماح بإنشاء الوحدات والبنايات السكنية لأكثر من 30 طابقا في كل شارع يزيد عرضه عن 60 مترا.
إن الأمانة لا تدفع من خزينتها هللة واحدة بل تزيدها آلاف الريالات فهذه البنايات سوف تنشأ فيها المؤسسات التجارية والمحلات التي تدفع للبلدية الفرعية رسوماً مالية.
هموم كثيرة تحتاج للنظر فيها ومناقشتها بشكل صريح وعندئذ سوف تتغلب على كل ما يحيط بنا من مشاكل ونمهد لحياة أفضل.
|