Wednesday 2nd June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الاربعاء 18 صفر


أدب الطفل غائب
قبل المدرسين,, نريد مربين

عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,, وبعد
هل من الممكن فصل التربية عن التعليم؟!
وهل الاسلم والاسهل للمعلم ان يحصر اهتمامه في تقديم المادة العلمية بشكل مقبول وكفى؟!
اعتقد ان من يرى الاجابة على هذين التساؤلين بنعم، قد ساهم في اضعاف دور المعلم وجعل تأثيره لا يتعدى باب فصله، وبذلك تقلص دور المدرسة وانحصر تأثيرها فما عادت تمثل مركز اشعاع في المجتمع كما هو مطلوب منها، فاذا فقدنا الفضيلة من منبعها فأين ترانا 1 نجدها؟!
ان احداً لا ينكر ان التربية اشق واعسر من التعليم، وهي بطبيعتها اكثر شمولية لان البناء التربوي يحتاج الى جهد متواصل لا تطيقه الا القلة من الافراد، لان الانسان يملك الحرية والارادة خلاف الكائنات الاخرى ويحب التعامل معه ابتداءً من هذا المنطلق، لذا لا يمكن فصل التعليم عن التربية لان في ذلك موت كليهما.
ذكر لي من اثق به ان مدرساً سأل طالباً قائلاً له امام بقية الطلاب: ما عندك فيلم جديد؟!
وعندما نُصح هذا المدرس بأن ماقاله للطالب يخدش المروءة ويتنافى مع رسالة المدرسة التربوية: اجاب قائلاً: كلها للتسلية، يا للعجب أتطلب الرذيلة في بيت الفضيلة؟!
اما كلمات: يا زفت، يا حيوان، يا بهيمة، فيعتبرها بعض المدرسين وسيلة مداعبة يداعب بها طلابه بين فترة واخرى اثناء شرح الدرس، ترى لو سألناك ايها المعلم الفاضل: اذا صح قولك بأن من امامك في الفصل ماهو الا زفت او حيوان، فكيف يمكنك ان تعلم هذا الزفت فضلاً عن ان تربيه؟!
وللاسف الشديد ان مثل هذه الالفاظ ليست بمستغربة عند بعض واكرر بعض المدرسين -فمثلاً- احد مدرسينا من جنسية عربية وكان عندما لا نفهم الدرس ينعتنا باننا حمير، المهم في احدى المرات التي نعتنا فيها بهذا اللقب دخل علينا بعد نهاية الحصة معلم فاضل واظنه سمع ما قاله ذلك المدرس حيث عند مراجعته لنا في الدرس الماضي، القى علينا سؤالاً ثم قال الحمار فيكم يجيب، فلما لم يجب احد، قال اذن كيف ترضون ان ينعتكم المدرس الفلاني بهذا اللقب وانتم قد كرمكم الله، وانه سيتمادى ان سكتم عنه، وان كنتم تخافونه فأبلغوا المدير وهو سيتصرف، وبالفعل طوى المدرس هذه الكلمة من قاموسه ولم يعد يرددها على اسماعنا، وفي هذا المثال يظهر الفارق بين من يبني شخصية الطالب وبين من يسعى لهدمها، لان التعليم متى ما تفلت من ضوابط التربية اصبح معول هدم وفأسا تتحطم به قيم المجتمع، فالمدرسة التي ارادها المجتمع ان تكون مركز اشعاع تصبح في حال غياب الضوابط التربوية عاجزة عن معالجة ما ينتاب المجتمع من امراض، بل تصبح عاجزة عن اصلاح نفسها فضلاً عن ان تصلح المجتمع، لذا فمطلوب من كل معلم ان يتحول منذ اللحظة الى مرب يهتم بطلابه من جميع النواحي الروحية والنفسية والجسمية، ينصح ويوجه ويقوِّم دون ملل ودون ضجر، يقدم نفسه بصمت وهدوء قدوة صالحة لطلبته، شعاره التربية اولا وحذار ان يصادم سلوكه قوله او ان يناقض مظهره ولباسه سلوكه، عندها تعظم المصيبة وتتصدع الثقة التي هي اساس الطاعة والرضا، انه من الجنون ان يهدم المعلم ما يجب ان يبنيه، لذا على المعلم ان يشغل مكاناً مرموقاً في قلوب طلابه وكلما ازداد منهم قرباً سهلت عليه قيادتهم، وعليه ايضاً ان ينصر الفضيلة واهلها وان يمقت الرذيلة ودعاتها، وعليه ايضاً ان يصحح المفاهيم المغلوطة في انفس الطلاب.
وفي النهاية لابد من الاشارة الى ان من العوامل التي ساهمت في ضمور التربية بشكل عام غياب ادب الطفل عن الساحة الفكرية فهو اما قليل او غير مناسب في مجمله لعقلية الطفل، وهذا الغياب دفع الكثير من الاطفال الى متابعة الافلام الكرتونية الاجنبية مثل باباي وتوم وجيري و ميكي ماوس ولما كان هناك اختلاف في الاساس التربوي الذي راعته تلك الافلام عما هو معروف عندنا، فان الناقد سوف يجد ثغرات تربوية كثيرة في تلك الافلام، الا ان عدم وجود البديل ساهم في تعلق اطفالنا بها، حيث ان ادب الطفل لدينا لايزال بعيداً عن تحقيق الاهداف المرجوة منه، وقد كنا ولا نزال نأمل ان يساهم ادب الطفل العربي الاسلامي في تعزيز المعاني والمفاهيم الصالحة مع توسيع آفاق المعرفة وتوكيد الذات والتعريف بالقيم الحضارية التي عاشتها امتنا وتنمية حسن الانتماء لها.
علي بن زيد بن علي القرون
محافظة حوطة بني تميم
(1) بتصرف واضافة من مقالة نُشرت للأستاذ عادل الرفاعي في مجلة الجندي المسلم عدد (93).
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
شعر
عزيزتي
الرياضية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved