عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,, وبعد:
طالعت خبراً في جريدة الجزيرة منذ عدة أشهر مفاده ان وزير التربية والتعليم بدولة الإمارات العربية المتحدة اتخذ قراراً بإلغاء التخصصات في المرحلة الثانوية، بمعنى ان تكون مراحل الثانوية ثلاث مراحل بدون تخصص، وتعتبر هذه الخطوة جريئة في الوطن العربي الذي يتميز دون غيره بجعل الثانوية وبعد السنة الاولى على تخصصات: علمي وأدبي او طبيعية وشرعي، على اختلاف في المسميات، فدول العالم عدا العالم العربي لا تقسم الثانوية إلى تخصصات بل تجعلها مرحلة واحدة، وإذا تخرج الطالب من الثانوية العامة فإنه يتخرج بتخصص عام، وهذا بمنظري الأصوب والاحسن لعدة أمور من أهمها:
1 - الطالب عادة في السنة الاولى من المرحلة الثانوية يتراوح عمره ما بين الخامسة عشرة والسادسة عشرة، وليس لدى الغالبية منهم الإدراك الكامل والشامل بفكرة التخصص، ولم يفكروا بعد في مصيرهم بعد التخرج، فاختيار الطالب للتخصص بعد نجاحه من الصف الاول، اما يكون مجاراة لزملائه او بحثاً عن الاسهل او جهلاً بطبيعة التخصص، فإذا كبر ووصل الصف الثالث علمي أو أدبي فإذا بالبعض يكتشف الخطأ من سوء الاختيار، لكن لو ألغي التخصص لكان الطالب على بينة من امره ولعرف المواد طيلة ثلاث سنوات ولسمع من زملائه السابقين والأقران ومن محيطه الذي يعيش فيه.
2 - الضرر لايقتصر على الطالب نفسه، بل يشمل المجتمع كله، إذ تخسر الدولة طاقات مؤهلة للتخصصات العلمية لم يكن بمقدورها اللحاق بالكليات العلمية لأن شهاداتها أدبية والعكس.
3 - إلغاء التخصصات سيترتب عليه إعادة النظر في كثير من المواد التي كانت تدرس في الصف الثاني والثالث وهذا - إذا احسنت صياغة المناهج - سيجعل من المعلومات التي يتلقاها الطالب طيلة ثلاث سنوات عامة سيجعلها مادة ثقافية له .
4 - هنالك امر هام وحيوي جداً في مسألة التخصصات الثانوية وهو ان الذي يحدث بالفعل في المرحلة الثانوية هو ان الطلاب الأذكياء والنابهين يختارون التخصصات العلمية وخلافهم - عادة - يذهبون للتخصصات الأدبية، ومعلوم ان التخصصات العلمية كالطب والهندسة والزراعة ونحوها هي بمثابة خدمات للمجتمع بينما التخصصات الادبية كالإدارة والشريعة والتربية والسياسة ونحوها هي قيادات المجتمع الفكرية، ولايختلف اثنان على اهمية ونباهة اصحاب القيادات، فنحن نريد الإداري الذكي، والقاضي النبيه، والمسؤول المحنك، والتربوي الناجح,, الخ,, واخيراً فالتعليم في العالم العربي مر بمراحل كثيرة ما قبل الاستعمار واثناءه وبعده وهو في حاجة ملحة إلى اعادة نظر في كثير من جوانبه المختلفة، حتى ينهض العرب من كبوتهم ويستخرجوا كنوز ارضهم لانفسهم، فارض العرب هي اخصب ارض في الكرة الارضية، وتقول الدراسات المختلفة ان الإنسان العربي بطبيعة ارضه ومناخه وتاريخه العريق وإسلامه العظيم هو اذكى من اي جنس آخر، إذ ان الصحراء مثلاً لها تأثيرها المباشر في الذكاء والفطنة وقوة الذاكرة, وإن الأمل ليحدونا جميعاً لبناء الإنسان العربي فهذا هو المكسب والمغنم وخير ماتفتخر به الأمم والشعوب, والله من وراء القصد.
فهد بن عبد الله الصالح
المجمعة