عادة ما تكون الحروب الكبيرة بسبب تجاوزات بسيطة يمكن احتواؤها لو لا تعنت القادة الميدانيين الذين يورطون بلدانهم في حروب تلتهم قدراتهم الاقتصادية وتحصد أرواح جنودهم.
وما يجري الآن بين الهند وباكستان هو تأكيد لذلك، فالخروقات والانشطة التي يقوم بها الثوار الكشميريون في الجزء الذي تسيطر عليه الهند ليس بالجديد، الا ان الجديد في الامر هو توظيف العمليات العسكرية في الشأن الانتخابي، إذ ان الحزب الحاكم الهندي، حزب بهاراتيا جاناتا الذي خسر الحكم بعد فقدان ثقة البرلمان الهندي ووجوده في الحكم، حالة مؤقتة لحين اختيار ائتلاف جديد برئاسة حزب آخر ربما يكون حزب المؤتمر، ولذا فقد صعد حزب بهاراتيا جاناتا من الامر بحيث اعتبر تواجد عدد من الثوار الكشميريين في مناطق جبلية في قطاع كارجيل نوعا من الاحتلال الباكستاني وان الثوار مجموعة من الجند الباكستانيين والافغان، رغم ان الهنود يعرفون ان الكشميريين هم المتواجدون في جبال كشمير، إلا ان حزب جاناتا لم يرد ان تمر الذكرى الاولى للتفجير النووي الهندي دون ان يستثمرها لاثارة العواطف القومية لدى الهنود حتى يدعموا الحزب في الانتخابات القادمة بعد ان فقد حظوته لدى الناخبين الهنود، وخطورة الاجراء الهندي ان الحرب هذه المرة اذا ما اندلعت مع الجارة باكستان فلن تكون كسابقاتها الثلاث الماضية، فالجاران اللدودان يمتلكان اسلحة نووية وصواريخ بعيدة المدى ستصيب اي هدف في كل من اراضي البلدين وملاحظ ان هناك تباينا في مواقف كلا البلدين من المشكلة، ففي الوقت الذي يسعى الباكستانيون الى تهدئة الوضع ومحاولة حل الاشكالات عن طريق الحوار، نجد ان الهنود يصعدون الامر، ويدفعون بمزيد من القوات الى الحدود مع باكستان مع تواصل نشاط الطائرات المقاتلة الهندية وهذا يشير الى نزعة استعلائية، أوجدتها العنصرية الهندوسية التي تحكم تصرفات حزب بهاراتيا جاناتا، الذي يعاني مما يسمى بغرور القوة حتى في تعامله مع الطوائف الهندية غير الهندوسية داخل الهند نفسها، فهذا الحزب الذي بنى توسعه وشعبيته بين الهنود، يعتمد على ايديولوجية عنصرية موجهة اصلا ضد المسلمين الهنود والسيخ وغيرهم من الطوائف غير الهندوسية، وتعامله مع ابناء كشمير الذين هم من المسلمين جزء من هذه الايديولوجية، فالذين يطالبون بحقهم في تقرير المصير وحريتهم، لا يستحقون في نظر حزب بهاراتيا جاناتا الذي يحكم الهند سوى الابادة، وكون العمليات العسكرية جاءت قبيل الدعوة للانتخابات القادمة فإن كل الاحزاب الهندية الاخرى لا تجرؤ على معارضة ما يجري حتى وان ابيد اثنا عشر مليون كشميري مسلم,, او حتى لو ادى ذلك الى اشعال حرب رابعة بين الهند وباكستان.
جاسر عبدالعزيز الجاسر
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser * Al-jazirah.com