ضج الحجاز وضجت ساحة الحرم
واستحكمت روعة حلت بذي سلم
وانهال دمع بدار المسلمين غدا
هو اطل المزن تحكي لوعة الألم
وأظلم الافق من أهوال فاجعة
تقض مضجعنا في الصبح والغسم
مشارق الأرض غابت عند مأتمه
ومغرب الشمس ألقى صفحة الضرم
هذي جموع بني الإسلام في لهف
بكت وأبكت فما في العين غير دم
يمضون في سكرة حيرى وقد وجمت
كل العقول فماج الحق بالحلم
ينعون بدراً أزاح القبر طلعته
وغيب اللحد نورا شع في الظلم
وانهدّ طود الهدى من فوق شامخة
كان الملاذ لأقوامي من الغمم
شيخ به تصلح الدنيا إذا فسدت
وينجلي الليل وتخبو فتنة العمم
سد منيع أمام الفتنة العميا
حصن حصين لهذا الدين من لمم
نبكيك ياشيخ والدنيا بها سحب
مصابك اليوم كسف حل بالأمم
يبكيك يا شيخ محراب وموعظة
سُدت الأنام بها في موطن القمم
يبكيك يا شيخ نصح الناس في مهل
ودعوة الحق في رفق وفي رُحم
يبكيك ياشيخ دعاة المسلمين إذا
حاروا بمعضلة نادت بمحتكم
يبكيك ياشيخ يتامى باتوا في رغدٍ
وصافحتهم يد الإحسان والديم
تبكيك ياشيخ دروس العلم ما فتئت
منارة للهدى والسلسل الشبم
تبكيك يا شيخ ابواب مفتحة
للخير والعلم والفتيا وللكرم
(نور على الدرب) قد جفّت محاجره
إذ غاب عنه رخيم الصوت والكلم
لا تسألوا عن مصاب هز امتنا
فالمسلمون بكل الأرض في سأم
ما كنت والله في حال أسرّ بها
من صدمة النبأ المشؤوم لم أنم
ياساعة الحزن كُفي عن مدامعنا
لم يبق ماء بها من فيضها العرم
تترى علينا مقادير الإله بها
مواعظ للورى، ذكرى لكل عم
لابد من موقف يُبكى على بشرٍ
فسنة الله نالت كل ذي نسم
إنا إلى الله إنا راجعون له
مفرج الكرب ومحيي بالي الرمم
لكن عزانا بأن الشيخ ذو أثر
بالناس متصل كالعقد مرتسم
محاسن الشيخ في الأسفارقد نظمت
ونبعه الثر قرين الحاذق الفهم
ابشر فأنت إمام العصر في زمن
عز المثيل به في لجة الدهم
نستودع الله من وافاه موعده
وغاب عن صفحة الدنيا سنا العلم
يا رب فاغفر له واجزل مثوبته
وجازه جنة الفردوس بالنعم