(خالد): شاب يعيش في بيت عمه الثري فقد ابويه عندما كان صغيرا، خالد مثال للشاب النموذجي فهو شاب طموح مكافح يطمح للمعالي دائما يحمل قلبا طيبا يتسع لاحزان العالم بأسره يعيش خالد بين ابناء عمه الثلاثة وعمه وزوجة عمه وابنة عمه الوحيدة (وفاء) وعلاقته طيبة بالجميع فهو يحب الجميع ويحبونه,, يتميز دائما على ابناء عمه فهو كما هو الانسان النموذجي في حياته هو الطالب النموذجي بالمدرسة المحبوب من مدرسيه والذي يتمتع بذكاء وقدرات علمية هائلة والتي ربما ان الله سبحانه وتعالى قد عوضه بذلك فقد والديه خالد هذا لا يهدأ ابدا فهو في طموح دائم ورؤية شاملة تبشر بمستقبل عظيم وكان عندما ينزوي في غرفته في الليل تراه ادار هذا العالم بأسره بين ناظريه وخطط ورسم مستقبله واخذ يتحسسه ثم بعد ذلك يستسلم للنوم على هذه الاحلام والطموحات وهذه هي حياة خالد من تفوق الى تفوق ومن حلم الى حلم حتى انتهى به المطاف الى بداية الرحلة الى بداية الانطلاق الى هذا العالم الرحب حيث الثانوية العامة وبالتأكيد اختار القسم العلمي والذي يبرع فيه خالد دائما يشعر خالد انه ليس بينه وبين تحقيق احلامه الا هذه السنة وهو في قرارة نفسه اقسم الا يدع مجهودا الا ويبذله في سبيل تجاوز هذه المرحلة وبتفوق كما هي العادة وسارت الامور على خير ما يرام حتى اقتربت الامتحانات واقترب خالد من معانقة ملامح مستقبله وبالفعل بدأ خالد مشواره واخذ يصل الليل بالنهار من اجل احلامه وتجاوز عقبة الفصل الدراسي الاول وبالفعل فقد حصل على ما يريد وكما توقع الجميع وبتفوق علمي يحسده عليه الجميع ومن حيث انتهى من هذه المرحلة بدأ بالتفكير الجدي للمرحلة الثانية للفصل الدراسي الثاني وبدأت ملامح هذا الفصل تتضح وأعد خالد العدة وبدا وكأنه قد اقترب اكثر من الاعتلاء على متن رحلته الاولى الى حيث المستقبل المزهر ولكن ويا سبحان الله فكما كتب لخالد النجاح الدائم والتفوق كتب له ايضا ان يتعرض لمحنة قبل بداية امتحان الفصل الثاني وكأن هذه المحنة هي اختبار لخالد لمعرفة مدى ايمانه بالله سبحانه وتوكله عليه دائما فقبل بداية الامتحان بأيام يتعرض خالد لوعكة صحية كادت تفقده حياته لولا عناية الله سبحانه وتعالى به فقد تعرض لآلام مختلفة في جميع جسمه وارتفعت درجة الحرارة حتى انه لا يستطيع الحركة بل انه لا يستطيع ان يحرك ساكنا لكن جميع من في البيت قاموا على خدمته العم وزوجته وابناء عمه لم يقصروا في حقه فأولوه الرعاية الكاملة ولم لا اليس ابنا لهم تربى بينهم يسهرون على راحته كلهم بلا استثناء لكنهم في الليل يستسلمون رغما عنهم للنوم ظانين ان خالدا بدأ يتحسن لكن خالد ومع قرب الامتحانات ورؤيته لنفسه وهو طريح الفراش وانه لا يستطيع الاقتراب من كتبه بدأت نفسيته تزداد سوءا وكأنه لا يستطيع اكمال المشوار واحس ان العالم الذي كان ينتظره بدأ يقفل عينيه عنه ويسدل الستارة شيئا فشيئا على طموحاته بدأ خالد في حيرة قاتلة وفي دوامة مستديمة وايضا في رجاء دائم متى أشفى باذن الله ومتى استطيع ان اقترب من رفع ستارة عالمي قبل ان تغلق لكنه ورغم ذلك كان في داخله ايمان عميق بالله وبأنه بيده كل شيء اخذ خالد يدعو ويبتهل الى ربه في هدأة الليل ان يشفيه لتشرق شمسه من جديد, جميع من في البيت استسلموا للنوم الا خالد الذي مازال المرض يصارع احلامه بين مد وجزر وبينما هو كذلك اذ أحس بيد حانية تلامس جبينه وكأن هذه اليد تطمئنه على مستقبل مشرق لم يلتفت خالد فقد قال في نفسه ان هذه اليد ربما تكون يد عمي او زوجة عمي جاءا ليطمئنا علي ولم يرد خالد ان يتحرك ويوحي للجميع بانه نائم لكي لا يزعجهم ولكنه شعر ان هذا الشخص مختلف استدار برأسه فاذا بها (وفاء) نعم وفاء التي شعرت بآلام خالد شعرت بنفسه المنهارة وراحت تخفف عنه الآمه,, ابتسمت في وجهه قائلة: كيف انت الآن يا خالد اشعر وكأنك بدأت تتحسن هز خالد رأسه وابتسم في وجهها قالت له: لا تخف يا عزيزي لا تخف يا ابن عمي ستشفى ان شاء الله وستعود كما كنت وستحقق احلامك نعم احلامك التي اراها في عينيك ابتسم خالد مرة اخرى وتغيرت ملامحه وكأنه بدأ يستعيد شيئا من نشاطه هز رأسه مرة اخرى ولم يستطع صد دموع عينيه وقال نعم احلامي اجل احلامي اتعرفين ما احلامي يا وفاء (ياوفائي) هل تذكرين هذا الاسم انه الاسم الذي اناديك به عندما كنا صغارا ابتسمت هي الاخرى وكأن احلام خالد اصبحت هي احلام وفاء بدأ خالد يسرد على (وفائه) احلامه التي كادت الاقدار ان تغتالها.
بدأ يسرد احلامه وبدأ يبين لاول مرة لوفاء انها جزء من احلامه بل وجزء كبير ومهم ولكنه لا يستطيع ان يبوح بذلك فكيف يحدث منه ذلك وهو الشاب المثالي بشهادة الجميع بدأ يسرد لها احلامه عندما كان صغيرا وانه لا يستطيع ان يفارقها وحتى عندما كبرا تعلق بها اكثر ولكنه اقفل على كل شيء في قلبه اخذ يقلب عينيه في ابنة عمه وفي داخله اشياء واشياء يريد ان يبوح بها ولكن مثاليته تمنعه من ذلك ايضا وايضا بدأت وفاء تلمح اشياء واشياء في داخل ابن عمها وقبل ان تذهب قالت: لا تخف يا خالد سوف تعود كما كنت انا متأكدة من ذلك متأكدة انك اقوى من كل شيء وبهذه الكلمات دبت الحياة والنشاط من جديد في نفس خالد وفي اليوم التالي بدأ خالد يستعيد نشاطه وكان اول ما فعله هو انه تناول كتبه واخذ يبحث فيها هذه المرة ليس عن احلامه فقط ولكن عن احلام (وفائه) ايضا وفعلا اجتاز خالد المحنة بايمان عظيم وبدأ الامل يلوح من جديد ودخل الامتحانات وفيه عزم وارادة اقوى مما كان وفعلا حقق خالد ما تمناه ونال الشهادة الثانوية بتفوق علمي مذهل وفرح الجميع وعمت السعادة ارجاء البيت جميعهم فرحوا بشفاء خالد ونجاحه وبدأ الكل يسأل اين ستذهب يا خالد هل ستذهب لهذه الجامعة ام لتلك الجامعة لكن خالد فاجأ الجميع بطلب لعمه حيث قال: اني اريد منك شيئا ياعم.
قال العم ماذا تريد؟ قل يا ابني ولا تخجل قال خالد اريد ان اكمل دراستي الجامعية في الخارج اريد يا عمي ان احصل على اعلى الشهادات من هناك قال العم ولكن يا خالد! قال خالد ارجوك يا عمي وافق, العم: حسنا لك ما تريد دمعت عينا خالد من الفرح وكأنه يرى ان العالم بأجمعه يرقص فرحا له وبدأ خالد يحزم حقائب سفره الى الخارج وودعه جميع من في المنزل جميعهم قالوا في امان الله يا خالد ورمق خالد ابنة عمه بنظرة تغني عن جميع الكلام ودعها بنظراته وهو يقول انا ذاهب ليس لتحقيق احلامي ولكن لتحقيق احلامنا وهناك بدأ الشاب رحلته ولم يتغير فيه شيء لم يغيره الغرب بل زاده تمسكا بدينه وعروبته اخذ ينهل من علومهم واخذ يغزو مؤلفاتهم وكتبهم حتى اصبح خالد الطالب العربي الوحيد الذي يشهد له الجميع بالكفاءة والتقدم العلمي تفوق على الجميع حتى على عباقرة الغرب حصل على البكالوريوس ثم الماجستير بتقدير مذهل وبقيت له الدكتوراه وبدأ الجميع يتحدثون عن خالد بدأ خالد الشغل الشاغل لجميع من في الجامعة الكل يسأل عنه الكل يتحدث عنه الكل يتمنى مصادقته ويتمنى محادثته لكن خالد لا يختلط بأحد لا يريد ان يشغله احد عما جاء اليه ولكنه كان يعامل الجميع باحترام والكل يشهد له بالمثالية.
ولكن وكما هي عادة الغرب لا يريدون التقدم ولا التطور لشيء اسمه العرب يكرهون العرب جدا رغم انهم يبتسمون في وجوههم ولكنها ابتسامة الغدر! في داخلهم حقد دفين يزداد حينا بعد حين ومن هذا المنطلق لم يعجب مجموعة من الطلبة في الجامعة هذا التفوق لهذا العربي الذي يزداد يوما بعد يوم نعم لم يعجبهم ويا سبحان الله كيف يعجبهم, اصبح خالد هو هم هذه المجموعة وقضيتهم للاطاحة بهذا الصرح العربي الشامخ لقد كان اهتمامهم بخالد اكثر من اهتمامهم بالجامعة بدأوا يخططون وبدأت الافكار الشيطانية تدور في رؤوسهم حتى انبرى منهم ذلك الشيطان وقال الحل عندي فلو استمر هذا العربي بهذا التفوق فسوف يكون له شأن كبير ولابد من إيقافه,, وفي ليلة من ليالي غدرهم المعهودة تسلل هؤلاء لغرفة خالد وقد اخفوا معالمهم فهجموا عليه واشبعوه ضربا وركلا واغمضوا عينيه ونقلوه بسيارتهم الى احد المستشفيات القذرة والتي تلطخت بدماء البشر نعم نقلوه الى المستشفى ليضعوه على السرير وهو مقيد ليحقنوه بتلك الابر والتي لا يعرف خالد عنها شيئا ولا يعرف لماذا جيء به الى هنا اصلا وبعد فترة اعادوه من حيث اتوا به ورموه في غرفته هو مغمى عليه ثم ولوا هاربين فرحين بجريمتهم وبعد مدة استيقظ خالد وكأنه قد مر بكابوس طويل يكاد لا ينتهي رأى نفسه وهو ملقى على الارض وحاول حتى انقذ نفسه لا يعرف هل ما حدث له حقيقة ام انه من عالم الاحلام احس في اليوم التالي بتعب شديد ورقد على سريره عدة ايام ليذهب بعدها بتثاقل الى المستشفى ليرى ما اصابه وعندما فحصه الطبيب طلب من خالد ان يقوم بتحليل للدم وافق خالد وقام الطبيب بفحص دمه ولم يطلعه الطبيب على النتيجة وقال له لابد من ان تعود مرة ثانية وبعد فترة عاد خالد وقام الطبيب بتحليل دمه مرة اخرى وقد تأكد هذه المرة نعم لقد اصيب بذلك المرض بل بذلك الموت المحقق ولمح خالد في عيني الطبيب شيئا غريبا وشيئا عجيبا ليسأله ماذا وجدت يا دكتور ليجيب الدكتور أنا آسف يا سيد خالد انت مصاب! مصاب! مصاب! اجل انت مصاب بالايدز؟! صعق خالد من هذا ماذا تقول يا دكتور هل جننت انا مصاب بالايدز ولكن كيف ومتى حدث هذا وبدأ خالد يسترجع ما حدث له نعم لقد فعلها المجرمون نعم لقد فعلها بي ولم يتمالك خالد نفسه فانفجر ببكاء مر ولكن على ماذا يبكي هل يبكي على فقد مستقبله ام يبكي على تلك القذارة الغربية التي علقت بجسمه ام يبكي على اشياء يراها ماتت في داخله وبقي خالد يبكي ويبكي وقد اصيب بهستيريا من البكاء ويردد كيف حدث هذا لي وكيف اصنع اخذ يبكي وهو يقول لا اريدكم اني اكرهكم واكره علمكم فقد دمرتم مستقبلي بقذاراتكم بل لقد دمرتم حياتي اعيدوني نعم اعيدوني الى حيث هناك الى حيث عروبتي الى حيث النقاء والى حيث الصفاء نعم اعيدوني الى هناك نعم الى هناك الى حيث تكون (ابنة عمي).
علي معازر الرويلي
القريات
***
** رسم الشخصية في العمل الفني احدى القضايا الكبرى التي شغلت النقاد منذ القدم وخارج هذه الدراسات النقدية والتي لاشك تتميز بوجاهة فان العامل السيكلوجي في التلقي يقرب ما بين القارىء والشخصية في العمل الفني او يباعد بينهما بسبب تلك الملاحظات التي حددتها الكتابات النقدية فمثلا ينبغي ان نتعرف على (اخلاق) الشخصية من سلوكها وليس من تدخل الكاتب لوصفها وهنا يفاجئنا الكاتب بهذا الوصف الخارجي يتطوع به - ككاتب - خدمة للشخصية تضر بها، (خالد مثال للشاب النموذجي) كان ينبغي ان نعرف نحن ذلك من سلوك خالد كي نصدقه وليس من وصف الكاتب له.
لكن صديق الصفحة على الرويلي فيما يبدو يتبنى تصورات اساسية عن كتابة القصة تستطيع ان تتبين من عمله انها تقف عند مفهوم الحكي بمختلف اشكاله حكي يشرح اخلاق الشخصيات مثلما يصف الحدث برؤية مراقب يراه دون ان يترك لهذا الحدث مجالا يتخلق بنفسه فيه ليعبر عن وجوده فعلا بدلا من هذا الوصف الذي لا يتجاوز رؤية مشاهد كما اسلفنا.
استخدام ضمير الغائب في حكي القصة تعني ان الراوية قد مدد الزمن الفني للقصة واربكه فضلا عما يدفع به من شكوك حول احداث القصة فهكذا في فقرة قصيرة انتقال الى ايام الصبا ولهو خالد مع ابنة عمه ونجاح في الثانوية العامة وافراح تعم البيت,, الخ، قفزات زمنية سريعة ومتباعدة تكاد تنسينا اللحظة الفنية التي يخرج منها كل هذا السرد الوصفي لحظة ان لامست يد وفاء جبين خالد هذا كله من ناحية ومن ناحية اخرى يكشف الراوية عن خصوصية بريئة في علاقة الطفولة بين خالد وابنة عمه واول الاسئلة التي تدور في ذهن القارىء كيف عرف هذا الفضولي الذي يروي القصة اسرارا لم يكن طرفا فيها؟
وبالتالي قد يصدقها وقد لا يجد في نفسه قناعة كافية بصدقها وامعانا في هذا التدخل يتبنى الراوية موقع البطل ليتحدث باسمه ,, (أتذكرين يا وفاء يا وفائي هكذا كنت اناديك) فمن اعطاه هذا الحق؟
كذا تبدو القصة تقليدية في ابسط اشكال القص الذي لا يتجاوز مفهوم القصة (الحدوتة) حتى اننا مع نهايتها لا نكاد نستبين من اجل اي شيء كتب الكاتب هذه القصة؟
أهو فقط من اجل ان يعيد علينا وقائع ذكريات حرفيا على نحو ما جرت في الحياة؟
ومع هذا كله والذي لاشك فيه ان صبر الكاتب ودأبه يستحقان مؤازرة وتشجيعا مثلما يدفعان بنا الى توجيه صديق الصفحة علي الرويلي الى محاولة (التشذيب) دائما لاستبعاد كل التزيدات التي لا تحرك شيئا في الحدث وان يسترشد في ذلك بقراءة مكثفة لكتاب القصة القصيرة المعروفين خصوصا وان صديق الصفحة علي الرويلي يمتلك موهبة قصصية حقيقية تسعى الى ان تعبر عن نفسها بشكل افضل دائما.