في جنبات الحي الصغير الذي ولدنا فيه, والذي ترعرعنا في نواحيه,, وركضنا في دروبه ونشأنا وسط الساحات الواسعة والبساتين الخضراء فيه,.
كانت لنا هناك العاب فيه بسيطة تعللنا, متواضعة غير معقدة,, وكنا نستمتع بالوقت ونحن نقوم بتلك الالعاب, فما زالت مع تقدمنا في العمر عالقة باذهاننا, نحكيها في كل مناسبة للابناء والاحفاد,.
لم ننس بعد حينما كانت نداءاتنا تتردد في تلك الطرقات المتعرجة ب حينا الصغير لنعلب طاق طاقية والتي كان التلاميذ الى عهد قريب يلعبونها في مدارسنا الحديثة, ولم ننس بعد نداءاتنا لنلعب وسط ظلام الليل (عظيم ساري) وغيرها من الالعاب الكثيرة,, التي نتجت عن ذلك الخيال البسيط والعيش المتواضع الذي كان اهالي حينا يعيشونه,.
كنا نلهو على انغام السواني وعلى مقربة منها, وصوتها الشجي يشق عنان السماء ويتردد ليصل مسامعنا في الحي,.
وكنا نلهو على مقربة من الاباء والاجداد الكرام, وهم يرددون اهازيجهم وسط البستان ويكدحون فيه في سبيل العيش الكريم,.
وكنا نلهو ساعتها في لباسنا التقليدي البسيط ولم نتخل عنه, وكنا رجالا نكتسب في اثناء لعبنا من اصالة الماضي وعراقة تاريخنا القديم,.
فقد دفعتنا تلك الالعاب ب (حينا القديم) ومنها لعبة (الكعابة)الى التسابق ونحن صغار لحضور الولائم والاعراس التي كانت تقام بين الحين والاخر في حينا,, فنجتمع هناك بالاهالي والجيران والاقرباء,, ونسعد ساعتها الى جانبهم بالحصول على تلك (الكعابة) ونحن نستخلصها من مفاصلها, التي كنا نعرف الطريق اليها وسط اللحم الموضوع على الموائد,, وامر آخر يتعلق بهذه اللعبة, وهو اشتغالنا بالبحث عن مادة (الرصاص) واذابتها ثم صبها في جوف كعب معين بعد نقر وسطه لكي يكون وزنه ثقيلا, ويطلق عليه اللاعبون (الصول)لان اللاعب يصول به حين اللعب, ويتخذه خاصة ليضرب به (الكعابة) الاخرى واخراجها من داخل الخطة,.
فتعلمنا عند ذلك من تلك اللعبة وحدها الاجتماع باهالي الحي والحرص على حضور ولائمهم واجتماعاتهم, وتعلمنا النقر والحفر الذي يعتبر الان من اعمال النجارة الراقية, وتعلمنا اذابة وصب الرصاص الذي تقوم عليه في هذا الوقت الحاضر بعض اقتصاديات الدول,.
وحينما دارت الايام وطويت صفحاتها ومضت السنون تلو السنون,, وبعد تقدمنا في العمر وبعد ان صار لنا ابناء واحفاد,, رأيناهم يلهون في وقتنا الحاضر في موضع واحد لا يتعدونه عند الاجهزة العصرية بصخبها المرتفع والعابها التي تفوق الحصر والعد,, والتي يقال انها اثرت على صحة الانسان,.
كم اود هنا ان تستبدل تلك المحلات والاماكن,, باماكن ولو صغيرة فيها العاب هي اصلح للابناء والاجيال,, مثل ركوب الخيل وسياستها والسباحة والرماية ولعبة الشيش, ونحو ذلك مما يصنع منهم رجالا صالحين للغد,.
حسن بن سعيد الدوسري