Tuesday 1st June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الثلاثاء 17 صفر


شهادات
اتصالات وتحديات شابة!
د,،سعد البازعي

حين اقترح عليّ الاخ الصديق تركي الماضي قبل اسابيع فكرة ان اكون ضيف القسم الثقافي بالجزيرة اتلقى اتصالات اصدقاء صفحاتها التي تنشر ما يرسله الموهوبون من الشبان والشابات،قلت له مازحاً: لكنّ احدا لن يتصل يا تركي,, الا اذا استضفتم مطرباً او لاعب كرة تتصل به الجماهير ثم تلتفت الي على سبيل المجاملة!!
الى ان جاءت تلك الامسية الاربعائية وجئت مكاتب الجزيرة افعل ما يفعله المشاهير من اصحاب الركل والطقطقة كنت انتظر تحقق المفارقة المحزنة التي توقعت, لكن المفارقة الحقيقية جاءت بما خيب المتوقع, وكما كانت خيبة مدهشة وجميلة! كانت فشلاً رائعاً لكل من يتوقع كساد سوق الثقافة والادب الجاد, فقد جاءت المكالمات - ولن اقول انهالت كي لا ابالغ، فمكالمات الادباء والنقاد تجيء اما النجوم الحقيقيون فتنهال اقول جاءت الاتصالات بعدد مدهش، تسأل وتناقش وتحتج ومرة اخرى لن ابالغ فاقول ان ذلك لم يرض بعض غروري، فنحن اصحاب النقد خاصة لم نتعود الاحتفاء الجماهيري على عكس بعض الكتاب المبدعين ممن تصفق الجماهير لقصائدهم) فالتصفيق ليس من نصيب القراءات النقدية او الابحاث التي تنشد الدقة والصحة والعمق, لكن الاهم في ذلك الاهتمام الذي وجدته هو انه لم ينصب على شخصي وانما على بعض المسائل التي تهم الساحة الثقافية بما تعج به من مشكلات وطموحات, لقد تألقت الاصوات الحديثة في تلك الاتصالات وهي تناقش مسؤوليات الادب والنقد الادبي، تطرح الاسئلة الصعبة وترسم التحديات:
هل تقرأ ما تنشره المواهب الشابة؟
ماذا ينبغي ان تقرأ؟
ماهي الحدود الفاصلة بين العمل الادبي وشخصية صاحبه؟
فهمت السؤال الاول على انه يحمل مساءلة ضمنية لكل المشتغلين في دراسة الادب ووضعهم امام مسؤولياتهم في متابعة ما ينشر, وكان جوابي حائراً كما سيتضح للقارئ حين يطالعه, ثم تعثرت في السؤال الثاني بالكم الهائل من الكتب الذي تذكرت عجزي عن قراءته ، فما بالك بمن ينتظر وجهة نظري.
اما السؤال الثاني فقد وقف بي امام معضلة لست ازعم معرفة الجواب القاطع لها، ولكن كانت لدي افتراضات اعمل في ضوئها، تشكلت منها اجابتي عن السؤال, واود هنا ان اضيف الى ما قلته بشأن السؤال الاخير ما اراه جديراً بالتأمل، ولا سيما انه يتصل على نحو مباشر بما اطالعه احياناً من ابداعات شابة, فقد تراءى لي ان منشأ اللبس الذي يجعل البعض يمزج شخصية الكاتب بعمله هو ان بعض الكتاب الناشئين ينكبون على تجاربهم الخاصة يسعون الى استثمارها ابداعياً فيخرجون باعمال غارقة في العواطف البكائية غالباً وذات الطابع الشخصي اجمالاً، وذلك انطلاقا على ما يبدو من مفهوم ان الادب - والشعر بشكل خاص - ليس سوى بوح عن المعاناة الفردية.
والواقع ان هذا البوح يشكل نسبة كبيرة من الادب - الشعري خاصة - في اي مكان, لكن تحوله الى ادب جدير بالقراءة مقرون بعاملين رئيسيين: احدهما تجاوزه للبعد الشخصي او الفردي ودخوله في آفاق انسانية ارحب تجعله قابلاً للتماهي بتجارب الاخرين، والثاني تمتعه بلغة مجازية تحقق جمالها من خلال جدتها وتفردها, العامل الاول متصل بالعمق وسعة الافق، اي بقدرة الكاتب على تحويل تجربته الى تجربة اكثر شمولاً من حدود شخصيته، لا بان يلغي حضوره الشخصي وانما ان يتجاوز به، والعامل الثاني متصل بتخطي المباشرة في التعبير (دون الوقوع في الابهام طبعاً) وتجنب الاكليشيهات التعبيرية، او العبارات المحفوظة التي قتلت استعمالا حتى غدت جثثاً هامدة.
هذان عاملان سيتحقق بتحققهما ان شاء الله المستقبل الادبي الرفيع الذي يتطلع اليه ذوو المواهب الشابة، ونتطلع اليه معهم، نحن الذين ننتظر ذلك التحقق لعلنا نجد ما يجدر بالقراءة,, والنقد! هذا مع امنياتي للجميع بالتوفيق.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الخدمة المدنية
الثقافية
جبل الدعوة الى رحمة الله
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved