Friday 21st May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الجمعة 6 صفر


محاكمات مشهورة
المجاهد الليبي عمر المختار
جهاد الشيوخ بروح الشباب

عمر المختار,, المجاهد الليبي الكبير الذي ناضل ضد الغزو الايطالي لبلاده سنوات طويلة منذ اللحظة الأولى الذي بدأ فيها الغزو في 3 سبتمبر 1911 وكان وقتها شيخا جاوز الخمسين من العمر, وحتى تمت محاكمته في 15 سبتمبر 1931, بعد عشرين عاما من النضال المتواصل.
وقبل ان نتعرف على تفاصيل محاكمة المجاهد الكبير عمر المختار نلقي نظرة على بعض صفحات كتاب جهاده المشرف.
فبعد أن تمكنت ايطاليا من احتلال ليبيا دون سبب إلا ادعاء حقوق وهمية مزيفة ترجع لأكثر من عشرين قرنا ظلت المقاومة الشعبية في ليبيا تتزايد في مواجهة الاحتلال الايطالي لها.
وفي الوقت الذي اتفقت فيه ايطاليا لتهدئة الحالة في ليبيا باتفاقها مع السيد محمد ادريس السنوسي الملك السابق الذي كان يتولى زعامة الدعوة في برقة على ان يحتفظ كل فريق بما تحت يده من الأراضي.
كانت الحركة الوطنية في طرابلس لها شكلا آخر، إذ اعلن الطرابلسيون الجمهورية في عام 1918، واندلعت الحرب بينهم وبين ايطاليا حتى سعت للتفاهم معهم على نحو ما فعلت مع أهالي برقة, فأصدرت دستورا لكل من طرابلس وبرقة، إلا أن الحكومة الايطالية برئاسة موسوليني عصفت بذلك وتجدد القتال وقاد حركة الجهاد الزعيم الكبير عمر المختار إذ كان شيخا لاحدى الزوايا السنوسية التي أنشأها في القرن التاسع عشر السيد محمد بن علي السنوسي 1797-1859 رغبة في تجديد الاسلام والرجوع به الى مصادره الأولى, ومشاركة في النهوض بالأمة الإسلامية .
مقاومة للنهاية
وقد كان للدعوة السنوسية الأمر الفعال في الصمود والمقاومة ومنازلة الاستعمار.
واستمرت حركة المقاومة قائمة، ودعم الايطاليون قواتهم لترتكب مزيدا من أعمال العنف والقسوة, وحاول ممثلو السلطة المستعمرة في برقة التفاوض مع عمر المختار ومنحه الهبات والمنح مقابل تسليم الثوار لأسلحتهم إلا ان المجاهد الكبير ظل على مبادئه وزعامته في الوقت الذي حاول الكثيرون ان يثنوه عن القتال للتفاوت الواضح في حجم القوات وتزايد العمليات الحربية في مواجهتهم.
وقد ظلت حركة المقاومة مستمرة ببسالة في معركة الحياة أو الموت وفي أول عام 1929 عين موسوليني وزيرا آخر للمستعمرات اشتهر في الحرب العالمية الأولى بالشجاعة والاقدام حتى يكون أكثر شدة وعنفا في واجهة المقاومة الشعبية المتزايدة.
* * *
وفي مساء 10 سبتمبر عام 1931 وبينما كان عمر المختار على رأس سرية من أصحابه فوجىء بطلائع من الجيش الايطالي وحاول المجاهد الكبير الفرار من العدو، إلا أنهم قصدوا اليه ودارت معركة غير متكافئة قتل فيها الكثير من المناضلين وقتل فيها ايضا حصان عمر المختار الذي رافقه في معظم سنوات نضاله، وجرح عمر المختار وتم القبض عليه وأسره، بينما كان يحاول النهوض وانتشر خبر القبض على عمر المختار بين القوات الايطالية فسادتهم فرحة كبيرة,, وحضر القائد الايطالي على عجل بالطائرة فرحا ليتعرف بنفسه على شيخ المجاهدين.
المحاكمة
بعد أن تم نقل عمر المختار الى السجن,, تحدد موعد لمحاكمته في 15 سبتمبر 1931.
وقد عقدت المحاكمة الخاصة أو المحاكمة الطائرة كما كانوا يطلقون عليها في القاعة الكبرى بمركز ادارة الحزب الفاشي، وهذه المحاكمة أنشئت في عام 1930 وهي محكمة عرفية تنتقل بالطائرة لمحاكمة الثوار في الميادين العامة، ولا يسمح للمتهمين بالدفاع عن أنفسهم أو سماع شهود النفي، ويحكم فيها بالاعدام ومصادرة الأملاك لأقل شبهة وتمنحها للمرتزقة الفاشيست.
وقدم عمر المختار للمحاكمة في الموعد المحدد، وكان يبلغ من العمر 73 عاما ووجهت اليه تهمة الاعتداء على سلامة الدولة وأمن البلاد وقطع الطرق.
وقد وجهت اليه الأسئلة التالية:
- هل أنت رئيس الثوار ضد إيطاليا؟
- وهل حاربت الدولة؟.
- هل شهرت السلاح في وجه قوات الدولة واشتركت في القتال اشتراكا فعليا؟.
- وهل أمرت بقتل الجنود الذين كانوا يحرسون العمال اثناء إنشاء الطرق؟!.
- هل أمرت بالغزو واشتركت فيه؟
- هل أمرت بتحصيل الأعشار من الأهالي.
وقد أجاب على هذه الأسئلة كلها بالايجاب.
ثم سئل عن قتل طيارين وقعا في أسره فنفى علمه بما حدث لهما.
وسئل عن عدد المعارك التي خاضها.
فأجاب: لا أدري.
ونفى أنه أعطى أوامره بتعذيب الأسرى أو بتر أعضائهم وقرر في خاتمة سؤاله أنه ليس نادما على ما فعل فتلك بإرادة الله.
ولاشك ان اجابته في المحاكمة عكست طبيعته الانسانية واحساسه بشعبه وقبل كل ذلك ايمانه العميق بدينه وطلبت النيابة باعدامه، وحاول الكابتن المعين للدفاع عنه ان يشير الى سن عمر المختار فطالب الحكم عليه بالسجن مدى الحياة إلا ان المحكمة قضت باعدامه شنقا.
وفي الساعة التاسعة من صابح 16 سبتمبر عام 1931 نفذ الحكم على عمر المختار بإعدامه صلبا على أعمدة المشنقة على مشهد من عشرين ألف نسمة من أهالي البلد سلوق وتم دفن جثمانه سرا حتى لا يعلم أحد بمكان الدفن، وهكذا نفذ حكم الاعدام ولم تراع شيخوخته ولا مكانته في قلوب المسلمين باعتباره شيخا لاحدى القبائل السنوسية,وكان لهذا الاعدام البشع وقعه الأليم في نفوس العرب والمسلمين فانبرى أمير الشعراء أحمد شوقي يرثي شيخ الوطنية وزعيمها في قصيدة خالدة.
وظن الفاشيست باعدام عمر المختار سوف يقضون على روح البطولة والمقاومة الباسلة إلا ان أرواح الشهداء تظل الشعلة في إذكاء روح البطولة والمقاومة، فكم من محن اضافت ما تعجز عن تحقيقه الانتصارات، وهكذا نار الحماس والوطنية، حتى تم للبلاد ما تسعى اليه من نيل الاستقلال عام 1945، وهو نفس العام الذي أعدم فيه الديكتاتور الايطالي موسوليني.
ترنيمة ياسين

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
جبل الدعوة الى رحمة الله
المتابعة
أفاق اسلامية
عزيزتي
المزهرية
الرياضية
شرفات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved