Wednesday 19th May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الاربعاء 4 صفر


الأمن الوظيفي,, الاتجاه المعاكس لالجريمة
د, التركي: نرفض الإهمال ولانرضى بالخسارة

تحقيق: حسن البهكلي ونايف البشري
تعد البطالة والجريمة متلازمتين لاتفترقان طالما ان الأولى ستؤدي إلى الثانية حتماً إلا في حالات نادرة، وهذه حقيقة لامفر منها أكدتها الاحصاءات المحلية والدولية، ومن المعروف ان الإنسان العامل غالباً مايكون بعيداً عن الجريمة ومعطياتها لأن انشغاله بعمله يجعل وقته مملوءاً بما يشغله من ناحية ويسد حاجته وحاجة من يعوله من ناحية أخرى، وبهذا يتوفر لديه الأمان والاطمئنان على يومه وغده, أما المرء العاطل فوقت فراغه كبير وتفكيره منصب على كيفية الحصول على مايسد رمقه وكيفية الحصول على المال بأي وسيلة كانت حتى ولو كان بطريق غير مشروع، ومن هنا يبدأ مسلسل جرائمه, وأعود فأقول ان لكل قاعدة شواذ، بمعنى ان الخير لاينطبق على الجميع وكذلك الشر!! لذلك نجد ان الجميع يسعى جاهداً للوصول إلى وظيفة تناسب مؤهلاته وقدراته حتى اذا ماوجدها يبدأ البحث عن سبل تأمين هذه الوظيفة وبالتالي ضمان مستقبله فيها!!.
الجزيرة ومن خلال هذا التحقيق حول الأمن الوظيفي تسعى للتعرف على أهمية الأمان الوظيفي وكيفية الحصول عليه للموظف سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص,, فحملنا كل هذه التساؤلات من جهتنا والتقينا برجال أعمال وموظفين ومسؤولين في قطاعات مختلفة,, وفي البداية كان لقاؤنا مع الدكتور أسامة بن محمد التركي رئيس مجلس ادارة شركة الصفا للمعارض الدولية وسألناه حول الموظف السعودي وكيفية توفير الأمان له وظيفياً,, فقال: نحن كقطاع خاص يهمنا دائماً انجاز العمل والتفاني فيه لما يترتب على ذلك من ربح أو خسارة، وأنا أعتقد ان الأمان الوظيفي في القطاع الخاص موجود كما هو في القطاع الحكومي إلا أن الحساب والعقاب في القطاعات الحكومية بصفة عامة أقل بكثير من القطاع الخاص ومن هنا تجد البعض يعتقد ان القطاع الأهلي غير مأمون وظيفياً بل تجد بعض الناس يفضلون القطاع الحكومي حتى لو كان الراتب والمميزات أقل من القطاع الخاص، ومن هنا يتضح ان النظرة للقطاع الخاص يجب أن تتغير ويجب على الشاب السعودي أن يفكر في الاتجاه للعمل في القطاع الخاص الذي يعتبر مأموناً جداً ولكن بشروط أولها: الالتزام، وثانيها: الاخلاص في العمل واتقانه وهذه عوامل بالتأكيد سيكون لها مردودها في توفير الأمان الوظيفي لأي موظف كان.
وعن الحقوق المترتبة على الموظف وصاحب المؤسسة أو الشركة,, والضوابط الكفيلة بضمان هذه الحقوق,, قال د, التركي: من أهم واجبات الموظف ليس على مستوى القطاع الخاص فقط وانما على كل المستويات هي الالتزام ثم الالتزام وبعد ذلك يأتي دور المؤسسة في عدم تحميل الموظف فوق طاقاته بالاضافة إلى اعطائه حقه من الراتب والمميزات وكذلك تدريبه وتطوير مستواه إلى الأفضل.
سألته,, وهل الموظف السعودي غير ملتزم وغير جاد في العمل مما يجعل القطاع الخاص يفضل توظيف الأجنبي؟!
قال: لا,, أنا لم أقل ذلك ولكنني أفضل الالتزام في العمل دائماً فأنا صاحب شركة ويهمني الربح والارتقاء بسمعة شركتي,, ثم ان هناك شباباً سعوديين مميزين في عملهم وهناك العكس,, وقد حصل ان تعاملت مع شباب سعوديين وقمت بتدريبهم وتعليمهم حتى أصبحوا مجيدين لعملنا بل ومتميزين فيه، ثم تركوا الشركة فجأة وبدون سابق انذار فمن الذي يحميني كقطاع خاص؟!
ويستطرد التركي قائلاً: يفترض ان يحدد مكتب العمل والجهات المسؤولة ضوابط صارمة يلتزم الطرفان ببنودها وبالتالي تحافظ على حقوقهما معاً.
وفي نفس السياق تحدث الأستاذ موسى بن عمر زيدان رجل الاعمال المعروف فقال: نحن كقطاع خاص على ثقة تامة في كفاءة أبنائنا وشبابنا ولذلك نترك لهم الفرصة للعمل في مؤسساتنا وشركاتنا لأن هذا واجب على كل رجل أعمال في هذا البلد، ومن يثبت جدارته وتميزه فهو باق ومن لم يلتزم بعمله فمن الطبيعي انه لن يبق في أي مكان حتى ولو كانت الشركة ملكاً له لأن لا أحد يقبل الخسارة على نفسه.
سألت الزيدان فقلت له: هل تقوم بعض الشركات بالفصل التعسفي لموظفيها؟؟ فقال: لم يحدث ان تقوم هذه الشركة أو تلك بفصل موظف بدون أسباب!! كما ان هناك جهات مسؤولة وضعتها الدولة لضبط الأمور والمحافظة على حقوق الطرفين.
قلت له: بعض الموظفين يشكون من كثرة العمل وضعف الرواتب والمزايا في القطاع الخاص,, فما هو رأيكم؟
- قال: لاأعتقد ان أي موظف يبدأ عمله في أي شركة أو مؤسسة قبل أن يعرف نوعية العمل الذي سيقوم به ويعرف أيضاً الراتب والمزايا وكل مايتعلق بالوظيفة من معلومات فلماذا التهرب من العمل اذاً.
ومن جانبه قال الموظف بالقطاع الأهلي خالد حسين صائم الدهر: يختلف الأمن الوظيفي باختلاف قطاعاته إن كان حكومياً أو أهلياً، فبالنسبة للقطاع الحكومي فالأمن الوظيفي أكثر استقراراً لما يتميز به نظام الخدمة المدنية من تعامل جيد مع الموظف كاعطائه راحته في مجال عمله من غير ضغوط نفسية قد تؤثر على عمله وانتاجه، وأيضاً بما يتميز به الموظف الحكومي من نظام التقاعد الذي حقاً يشعر الموظف بالاستقرار الوظيفي قبل وبعد التقاعد، وأيضاً اعطاؤه الفرصة تلو الأخرى حتى يتمكن من اتقان عمله، هذه جميعها عوامل تساعد على العمل والانتاجية الجيدة من غير الاحساس بفقدان العمل في أي لحظة, بعكس مايتميز به القطاع الأهلي من نظام شديد يجعل الموظف يفقد الأمن الوظيفي لأن النظام الخاص يعتمد على عدة أنظمة منها: العقود التي تجدد سنوياً أو نظام If You Don't work you will Be out وبذلك يشعر الموظف بعدم الاستقرار الوظيفي الذي يجعله يعمل بتوتر وشرود ذهن لأنه في أي لحظة بامكان صاحب العمل تسريحه، ولكن لاننسى المجهودات التي يبذلها ويقدمها مكتب العمل مشكوراً لتوفير الأمن الوظيفي في القطاع الخاص، وفي النهاية الجميع يسعى جاهداً لخدمة التوحيد ثم المليك والوطن.
أما الدكتور خالد سامي كتبي من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة فيقول: يستهدف يوم المهنة الذي يقام ليوم واحد في العام الى تعريف الخريج بفرص العمل المتاحة في القطاعين الحكومي والخاص، وتعريف الجهات المشاركة بالإمكانات العلمية المتخصصة للخريجين، وتبصير طلاب اليوم وخريجي الغد بالفرص الوظيفية الممكنة، والتأكيد على المواءمة بين الفرص الوظيفية المتوفرة في المجتمع وبين الخطط الدراسية في كليات الجامعة، وخدمة التخطيط لبرامج تدريس الطلاب من قبل الجهات المشاركة، ومناقشة مواضيع ذات علاقة بخدمة المجتمع، وتلمس احتياجات المجتمع والقطاعات المشاركة من التخصصات.
وليوم المهنة أهمية كبيرة، فالخريج العاطل طاقة مهدرة، ومشكلة اجتماعية كبيرة، إلا أنني أنتهز هذه الفرصة لكي أتقدم باقتراح بديل، وليس بالضروري أن يلغي هذا الاقتراح فعاليات يوم المهنة، بل يمكن اعتباره نشاطاً مكملاً له، ومضمون الاقتراح يتمثل في السؤال التالي: لماذا ينتظر الخريج الوظائف من القطاع الخاص او العام؟ ألا يستطيع ان ينشئ نشاطاً اقتصادياً جديداً، خدمياً كان أو تجارياً أو صناعياً، وبالتالي لايجد عملاً لنفسه فقط، بل لاعداد أخرى من الخريجين؟.
ذلك ان الخريج اذا تقدم إلى بنك التسليف السعودي بمشروع ناجح، ومول البنك هذا المشروع، فإن هذا الخريج سيقوم بنشاط اقتصادي مثمر، يعود بالخير والنفع على المجتمع ككل، ولاأعتقد ان وزارة المالية ستبخل على البنك بالدعم المالي اللازم لمثل هذا المشروع.
والسؤال هو: هل الخريج قادر على تقديم مثل هذا المشروع؟ وحل هذه المشكلة ليس فيه صعوبة أيضاً, إذ بامكان الغرفة التجارية ان تقدم دبلوماً في ادارة المنشآت الصغيرة، ويكون من متطلبات هذا الدبلوم ان يقدم الطالب خطة لمشروع ناجح قبل ان يتمكن من الحصول على شهادة هذا البرنامج الدراسي.
ومن هنا نرى أنه لابد من تعاون أربع جهات حتى يرى مثل هذا الاقتراح النور: الجامعة ووزارة المالية، وبنك التسليف السعودي، والغرفة التجارية, كما ينبغي ان تساهم كل الجهات الأخرى المنظمة لقطاع الأعمال، إذ ماالفائدة في أن يكون لدى الخريج مشروع ناجح وتمويل لهذا المشروع ثم تتلكأ البلدية أو أي جهة أخرى في اعطائه التراخيص اللازمة؟!.
ويقول الدكتور طلال بن محمد بخش عميد كلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز: ان ماتوليه حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده من دعم للتعليم عامة وايجاد الوظائف لهم ومنذ اليوم الأول من التخرج لهو أمر يثير غرابة الكثير من دول العالم حيث تنفق الأموال الكثيرة من الفرد وليس من الدولة، وأضاف بخش: ان الحكمة في ذلك ليست في مبدأ التعلم للعلم فقط، وان كان هذا أمرا مستحبا ولكن لتنمية القوى البشرية والوطنية العاملة التي هي أساس رقي الأمم والحقيقة ان هناك كثيرا من الشباب يلتحقون بالجامعات يختارون التخصصات الدراسية حسب رغبات شخصية واجتماعية أو قومية ووطنية ولذلك تظهر أهمية عقد يوم المهنة بالجامعات السعودية حيث يتم توجيه الطلاب الى التخصصات المهمة والتي تكفل لهم الأمان الوظيفي والدخل المادي الجيد.
ومن جانبه يؤكد عبدالحفيظ طاشكندي من جامعة الملك عبدالعزيز أيضاً: ان بناء الإنسان هو الأساس والمرتكز الذي ترتكز عليه ابجديات التنمية حيث أولى ولاة الأمر هذا الجانب اهتماماً خاصاً وذلك لبناء الإنسان السعودي وتأهيله وصقل مواهبه من أجل دخول معترك الحياة ودخول مجال العمل، ومن المعروف بان المملكة قد شهدت خلال السنوات الماضية طفرة كبيرة فقد حققت لأبناء هذا الوطن الأمن والاستقرار في مجالات العمل وأصبح المواطن السعودي ذا أهمية من خلال وجوده كعامل في أي قطاع سواء خاص أو حكومي ومازالت الدولة ساعية إلى تهيئة الفرص الوظيفية المناسبة لأبناء الشعب حيث نرى حالياً ان هناك احلالاً للقوى العاملة السعودية بدلاً من القوى العاملة الوافدة وهذا حق كفلته لمواطنيها ويعيه كل مواطن يحب وطنه، ومن هنا أقول ان هذا العمل يتطلب خطة محكمة لاحلال الشباب وفي شتى الوظائف الإدارية والهندسية وان يكون الشباب في مأمن وظيفي بعيداً عن المشاكل وبعيدا عن الظروف الطارئة، وعندما يكون الموظف في أمان فإنه يعطي بدون كلل، وأعتقد بان الدور يأتي حالياً على الصحافة وعلى القطاع الخاص بتوفير الوظائف للشباب وان يكون هناك شروط من أجل عدم منح هذه الشركات تصاريح إلا بعد توظيف السعوديين وتدريبهم وصقل موهبتهم وأهم من ذلك حفظ حقوقهم من الضياع.
أما المستشار القانوني وعضو لجنة المستشاريين القانونيين بالغرفة التجارية بجدة الأستاذ خالد سامي أبو راشد فقال: إذا توفر الأمن الوظيفي للموظف في أي قطاع كان اطمأن على مستقبله واسرته وأصبح بالتالي عضواً فاعلاً ومنتجاً في المجتمع، ولعل من أهم شروط توفر الأمان أو الضمان الوظيفي هي العقود، فالعقد شريعة المتعاقدين، ومن خلاله يضمن الموظف حقوقه كاملة وكذلك رب العمل، ومن حق الموظف ان يتقدم بالشكوى إلى الجهات المختصة في حالة احساسه بالظلم من عمله وفي حالة وجود عقد رسمي يوضح بيانات وشروط الوظيفة المتعاقد عليها وسوف تقوم هذه الجهات المتمثلة في مكتب العمل وديوان المظالم والمحاكم الشرعية وغيرها ستقوم بالفعل بانصاف المتظلم واعطائه حقوقه كاملة، ويستطرد ابو راشد قائلاً: وبالتأكيد فإن المؤسسة لاتقوم بفصل موظف من الخدمة إلا لأسباب كبيرة أو أخطاء فادحة ارتكبها في حق عمله ومؤسسته، ومن المعروف ان الفصل من العمل يبنى على عدة جوانب من أهمها: القيام بأي عمل مخل بالشرف ومخالف للشريعة الإسلامية ومنافياً للأخلاق أو القيام بما يضر بالمؤسسة او الشركة وبسمعتها وهذه أيضاً لها ضوابط عديدة تحكمها الجهات المسؤولة.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
جبل الدعوة الى رحمة الله
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
المحرر الأمني
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved