انه موت الأحبة والفراق الابدي لعزيز غالٍ,, انه الموت ذلك الحق الذي لا مفر منه قاهر العباد والذي يذكرنا أبداً أن هذه الدنيا لا انتماء ابدي لها,, فهي رحلة امتحان سريعة الافول لا يبقى فيها للمرء إلا ذكر طيب وعمل صالح وابناء صالحون يواصلون رسالة المرء الطيبة في هذه الحياة,, واعذروني ان وجدت قلمي عاجزاً عن الكتابة في هذا الاسبوع إلا عن لوعتي وألمي الموجع لفقدي صديقة عمري واريج الود الصادق الذي رافقني لسبعة وعشرين عاما انها أم مشهور بن مساعد بن عبدالعزيز رحمها الله بإذنه تعالى الصديقة الصدوق والقلب الكبير الذي يحتضن همومي ويمسح ايامي بالدفء والحنان كما كانت تفعل ذلك مع المحيطين بها من أهل وأصدقاء,, اعذروني ان كنت لا استطيع الكتابة اليوم إلا عن ذلك المحيا السمح الذي اشعر بالحسرات كلما تذكرت انني لن اراه بعد ذلك والذي يعز عليّ كثيراً فراقه,, ان ألمي يتضاعف وأنا أكتب لأرثي الصديقة المثلى والأم المثلى والمريضة المثلى,, فقد كانت هي الحكمة والرؤيا في كل عمل وانتاج مفيد لأسرتها ومجتمعها وقد لمست ذلك خلال عملي واياها في جمعية الوفاء الخيرية النسائية لمدة عشرين عاما من العمل الخيري,, كانت تبذل كل جهودها في ذلك العمل وكم من اسرة مسحت عليها بلمسة حنان ورفعت من معاناتها معنويا وماديا حتى انها تبذل ذلك احيانا من مالها الخاص.
وهي التي اقترحت علينا الاشراف على المستشفى المركزي الشميسي في ذلك الوقت وطلبت من مديره ان يسمح لنا بالاشراف على القسم النسائي وقسم الاطفال وكانت تتابع ذلك بنفسها في الاشراف عليه ووفرت لهذين القسمين العناية الشديدة والنظافة في ذلك الوقت,, رحم الله أم مشهور التي حينما هاجمها المرض كانت المؤمنة الصابرة الراضية بقضاء الله سبحانه,.
كنت اعودها وقلبي ينزف جراحا ونفسي شظايا وألما كبيرا اشعر به لمعاناتها, كنت احاول ان ازودها بالامل فكانت هي التي تزودني به وكأني انا المريضة وهي المعافاة فلم يزدها المرض إلا تسامحا ورقة وسموا,, حتى آخر ايامها كانت هي التي تسأل وتهاتف وإذا اقبلت عليها زائرة يعلو محياها الجميل البشر رغم معاناة المرض وألمه,, رحم الله أم مشهور الانسانة بكل ما تعني هذه الكلمة من معانٍ نبيلة لقد كانت نورة منارة بين النساء نادرة الوجود وكم يؤلم القلب فراقها وهي شقيقة الروح,, لقد فقدت بفقدها وفاء ومحبة لم اجدهما في كثير من البشر، فهي معدن صافٍ لا تغيره الايام وكلما طالت معرفة المرء بها ازداد لها محبة وتقديرا,, لم اتصور ان اجلس يوما لكتابة سطورا أرثيها بها فقد كنت متشبثة بالامل بأنها ستعيش سنوات بجوارنا ولكن قضاء الله سبحانه لا راد له,, رغم رحيلها ستبقى نورة مزروعة في اعماق قلبي مثالا للوفاء والحب والعطاء ولن استطيع نسيان ذلك المحيا السمح وجمال تلك النفس العظيمة والحمد لله انها تركت ابناء صالحين وبنات هن من خيرة النساء ولعل في ذلك بعض العزاء,, فأصحاب السمو الامير مشهور ويوسف ومحمد معروفون بالخلق الرفيع والتهذيب الجم والعلم وكذلك ابنتاها صاحبة السمو الاميرة مضاوي وصاحبة السمو الاميرة لطيفة فهما مثال للعلم والخلق القويم والتهذيب والتواضع الجم,, لهم جميعا حسن العزاء والصبر ولوالدتهم الكريمة الفاضلة الحبيبة جنة الخلود بإذن الله ولوالدتها الكريمة أم فهد الدغيثر وشقيقاتها واشقائها وجميع افراد اسرتها حسن العزاء وليتغمد الله الكريم برحمته التي تسع الارض والسماء الفقيدة الغالية ولا نقول إلا إنا لله وإنا إليه راجعون والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
***
من مفكرتي الخاصة
النفوس العظيمة والقلوب النبيلة عصارة عذابها عمل طيب تجود به على من حولها حتى لو كانت تنزف ألماً,.
***
مرفأ
دع الليالي لنا,, دعها لساهرها فنحن اشقى من الموتى بدنيانا بين الضلوع هنا صفصافة ذبلت تبكي بأوراقها,, في الليل انسانا وساعة في رحاب الدار لاهثة كأنما الدهر بالدقات,, ينعانا الطفل يولد في مهد,, فوا أسفي يصير لحدا,, ويغدو الثوب اكفانا في كل يوم يسل الموت في شره منا حبيبا هوى للارض جثمانا هي الحياة فاقصر من شكايتها سيان ثرت بها او رمت سلوانا |
الشاعر المرحوم/ محمد الجيار