Wednesday 19th May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الاربعاء 4 صفر


رحمك الله يا سماحة الوالد

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين اما بعد:
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:العلماء ورثة الانبياء، وان الانبياء لم يورثوا ديناراً ولادرهماً بل ورثوا العلم فمن اخذه اخذ بحظ وافر نعم لم يعرف عن نبي انه ورث من حطام الدنيا ونعيمها الزائل شيئا وانما ورثوا عليهم السلام الهداية والسعادة للبشر فمن تمسك بشرعتهم ومنهجهم نجى وافلح في الدنيا والآخرة وكذلك العلماء العاملون الصادقون هم للانبياء اتباع ومبلغون عن الله ورسوله آياته ودينه, لم يعرف عن ابن المبارك او الزهري او السدي او احمد بن حنبل او الشوكاني او ابن عبدالوهاب او عبدالعزيز بن باز انهم ورثوا من متاع هذه الدنيا الا قليلاً وكان لسان حالهم يقول انا رجل ملة ولست برجل دولة ,
ولد الشيخ عبدالعزيز بن باز في 1330ه وطلب العلم على علماء نجد الكبار فمنهم على سبيل المثال:
1-محمد بن عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمهم الله,
2-صالح بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب,
3-سعد بن حمد بن عتيق رحمه الله,
4-حمد بن فارس رحمه الله,
5-سعد بن وقاص البخاري,
6-محمد بن ابراهيم رحمه الله,
هذا وقد ابتلي -رحمه الله- بمرض في عينيه مما ادى لفقده للبصر سنة 1346ه لذلك صبر وصابر فعوض عن البصر بصيرة في العلم, وافنى عمره داعياً مجاهداً صابراً محتسباً يقول كلمة الحق ولايخشى في الله لومة لائم من كبير او صغير، مع ذلك فلقد كان حاملاً لهم الامة يعطف على الصغير ويعلم الشاب ويسعى على الارملة والمسكين، وعجوز افريقيا على ذلك خير مثال فلقد ذهب بعض الدعاة الى الله لنشر الإسلام في مجاهيل افريقيا الوسطى فبينما هم يتنقلون من قرية لاخرى اذ توقفوا عند تيك القرية التي بها مسلمون فعرضت لهم عجوز مسلمة طاعنة في السن فقالت اقرؤوا مني السلام على الشيخ عبدالعزيز بن باز فقالوا لها وما الذي عرفك به؟ فقالت تأتيني منه معونة سنوية, فانظر الى صنيع ذلك المجاهد رحمه الله,
لعمرك ما لرزية فقد مال
ولاشاة تموت ولابعير
ولكن الرزية فقد فذ
يموت لموته خلق كثير
وكان الشيخ فوق ذلك كله عابداً زاهداً، يحدثنا احد طلبة الشيخ الكبار فيقول:اتينا من المدينة المنورة في ساعة متأخرة من الليل متوجهين الى الرياض وقد اخذ منا الإعياء مأخذه وفي وسط الطريق احس الشيخ -رحمه الله- ان اصحابه قد اجهدوا فأمرهم بالتوقف فأخذ كل واحد منهم مضجعه وغط في نوم عميق من التعب، فيقول صاحبنا:فسبرت الشيخ قد تظاهر بالنوم فلما اخذ على ذلك برهة قام يحيي ليله بالتهجد والتلاوة واستمر على ذلك حتى قبيل صلاة الفجر فرحم الله من اتعب رجليه وقوفاً بين يدي الله يناجيه ويدعوه,, رحم الله من اسهر ليله واظمأ نهاره عبادة لله,
اذا مامات ذو علم وتقوى
فقد ثلمت من الإسلام ثلمة
وموت الفارس الضرغام هدم
فكم شهدت له بالحرب عزمه
وموت العابد القوام ليلا
يناجي ربه في كل ظلمة
وموت فتىً كثير الجود محلاً
فإن بقاءه خصب ونعمة
وموت الحاكم العدل المولى
بحكم الارض منقصة ونقمة
فحسبك خمسة يبكى عليهم
وباقي الناس تخفيف ورحمة
لقد كان فقيد الامة يحمل همها فلايسمع بضعيف الا مد يد العون حسب طاقته، وله مع الثكالى والارامل واليتامى، مواقف يعجز القلم عن تسطيرها في زمن قل فيه للمسلمين الناصر, حدثنا احد المقربين للشيخ فقال: جاءت رسالة مستعجلة من الفلبين واذ بفحواها امرأة فلبينية مسلمة هجم النصارى عليهم فقتل زوجها وابنها وفعلت الفاحشة في ابنتها وكذلك خربوا دارها فهدموها فأرسلت للشيخ تطلب منه يد المساعدة فأرسل ان اسحبوا من رصيدي عشرة آلاف ريال فقيل له:يرحمك الله ليس في الرصيد شيء فاستلف من الراتب القادم عشرة آلاف ريال وارسلها لها,
عفاء على ارض تعيش بغيرها
فليس لها في الصالحين معرج
لمن تستجد الارض بعدك زينة
فتصبح في اثوابها تتبهرج
هذه هي التضحية، هذه هي الاغاثة هذه هي النجدة هذه هي معاني الاخوة الاسلامية هذا هو البنيان هذا هو التآزر، لكم شهد التاريخ ويشهد بمواقف الشيخ رحمه الله تجاه العالم الاسلامي فكم مرة سمعنا بموقفه تجاه القضية الام فلسطين وكذلك كشمير وبورما ورايوند والبوسنة والبانيا والشيشان، واخيراً كوسوفا ان كل هذه المناطق التي اضرمت نيران الحرب فيها لتشهد للشيخ انه ادى امانة الكلمة وادى ماكان يدين الله به من اظهار الحق ونصرة اخوانه المسلمين,
لكم شهد التاريخ ويشهد بمواقف الشيخ رحمه الله تجاه حقوق المرأة المسلمة فهو يسعى ليل نهار على توعية المرأة المسلمة المؤمنة بالشريط تارة والاذاعة تارة والكتاب تارة والفتوى تارة اخرى فهو حريص رحمه الله أشد الحرص على عفاف المرأة المسلمة وحشمتها وكرامتها, وله في ذلك قدم صدق معروفة مشهودة كم من أسرة عالها الشيخ رحمه الله لما فقدت الزوج وكم من صدقة تشهد للشيخ فأخفاها حتى لاتعلم شماله ماتنفق يمينه، كم من بيت جمع الشيخ شمله بعد الفرقة بجهود الإمام وكم من شاب اهتدى بعد ان ارتمى في حبائل الضلال كم من جاهل ارتفع بالعلم فينهل من دروس الشيخ وكم من طالب علم معوز محتاج سد جوعته وفرغه للعلم,
اولئك آبائي فجئني بمثلهم
اذا جمعتنا يا جرير المجامع
نعم هؤلاء قدواتنا وبهم نفتخر وعنهم ننافح, بورثة الانبياء نبتهج وعنهم نصدر بحكمنا وارائنا وافعالنا فهم معنا وان غابت شخوصهم وإن ووروا تحت الثرى ووسدوا الحادهم فهم موجودون بعلمهم بتراثهم بصدقهم بدعوتهم بجهادهم، فيا لله كم من ميت استحالت عظامه هشيماً حي بألسنة الناس ويرجع الناس اليه في امور عظيمة في كتبه وما اودع فيها من درر العلوم فأين شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه الوفي ابن القيم وائمة السلف من هذه الامة,
ونحن اذ نكتب عن الشيخ فيجب ان نقتدي بعلمه وفقهه وجهاده ودعوته وصبره فسبحان من طرح في قلوب العباد محبته وسبحان من اشاع له القبول في الارض فلاتجد صغيراً ولاكبيراً ولاذكراً ولا انثى ولا ضالاً ولامهتدياً الا ويذكر الامام بالخير ويدعو للشيخ بالجزاء الحسن فهذه والله الحياة الهانئة والعيشة السعيدة, وهذا حقاً مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم إن الله اذا احب فلانا نادى جبريل اني احب فلاناً فأحبه فيحبه جبريل فينادي في اهل السماء ان الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه اهل السماء ثم يطرح له القبول في الارض ,
ونحن اذ نكتب هذا المقال ونسطر هذه الاسطر ونكتب هذه الكلمات لنقول للمحسن احسنت,, نشكر من صنع الينا معروفاً، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : من صنع اليكم معروفاً فكافئوه , وهل اعظم من تعليم العلم معروفاً ومن الفتيا والسعي في قضايا الامة الاسلامية عملاً، هل من معروف اعظم من ذلك؟ لذا فلا اقل من ان ندعو للشيخ بظهر الغيب ان يرحمه الله ويغفر له وان يحشرنا الله معه في زمرة النبيين والصديقين والصالحين وحسن اولئك رفيقاً وان نشيد بجهوده في كل محافل, فالشيخ قد افضي الى ماقدم من صالح العمل ولكن الشأن شأننا، هل كل منا ادى ما عليه من الامانة التي كلف بها؟ هل سعينا في اصلاح بيوتنا واصلاح ذات البين؟ هل نشرنا الخير للغير في كل مجال كل على حسبه؟ هل حففنا بيوتنا بذكر الله وبطاعة الله وابتعدنا عما يغضب الله؟
اما ترديد الكلام عن الاعيان والاشخاص فلايقدم ولايؤخر بل من فعل الصوفية الضالة وغيرها من الفرق الاخرى ولكن الامر قوموا فموتوا على مامات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم البدار البدار للعمل الصالح، كل بحسبه وطاقته وما بوأه الله من مكانة ومسؤولية وامانة, ونسائل انفسنا عن مدى ادائنا لهذه الامانة قال الله تعالى )والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا(، )ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز(,
اللهم ارحم الشيخ وافسح له في قبره ونوّر له فيه اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ياسميع الدعاء اللهم انا نشهدك انا نحبه فأحبه, وصلى الله وسلم على نبينا محمد
وليد عبدالله الروساء
المجمعة

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
جبل الدعوة الى رحمة الله
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
المحرر الأمني
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved