تعتبر المملكة العربية السعودية وايران من اهم دول الخليج العربية والعالم الاسلامي والعالم لما تتمتعان به من موقع استراتيجي ومكانة ومساحة وسكان واكبر انتاج واحتياطي بترول في العالم، والعلاقات بينهما تكتسب اهمية خاصة في مجال العلاقات الدولية في تاريخنا المعاصر.
وترجع بداية العلاقات السعودية/ الايرانية الى عهد المغفور له جلالة الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة وذلك حينما وجه الدعوة لايران لحضور المؤتمر الاسلامي الذي عقده لبحث مسائل المسلمين عقب مبايعته ملكاً على الحجاز عام 1344ه - 1926م والذي أعقبه في مجال العلاقات بين البلدين الاعتراف المتبادل بينهما والتوقيع على معاهدة صداقة في عام 1348ه/ 1929م والتي دعمتها الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين وبخاصةٍ زيارة سمو الامير فيصل بن عبد العزيز آل سعود وزير الخارجية السعودي لايران عام 1932م والتي كان الغرض منها تطبيق مبدأ السياسة الخارجية السعودية الداعي الى تدعيم العلاقات مع الدول الاسلامية.
واذا كانت العلاقات السعودية/ الايرانية قد مرّت بعدة مراحل تأثرت خلالها بما يدور في المنطقة من احداث وخصوصاً ما كان يتعلق منها بمسائل الخليج العربي واماراته، حينما كانت الاطماع الايرانية في عهد الشاه تصل الى حد ارادة فرض السيطرة على تلك المنطقة وهو ما كانت تتصدى له المملكة العربية السعودية وتعمل على مواجهته حماية لمصالحها ولجيرانها من الامارات العربية.
ومما لا شك فيه ان فترات التقارب التي كانت تشهدها العلاقات السعودية/ الايرانية كانت ذات فائدة كبيرة على المنطقة والعالم الاسلامي والعالم اجمع، ولعلّ من ذلك اتفاقهما على مواجهة المد الشيوعي في المنطقة، حيث وقفا ضد الشيوعية كعدو للإسلام، ووقفاً سويّاً في الدعوة لتضامن العالم الاسلامي,, ومما عاد على المنطقة وكان للتقارب اثره الواضح فيه ذلك الدور الذي قام به المغفور له جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود في استقلال امارات الخليج العربية بصفة عامة والبحرين بصفة خاصة حينما اقنع الشاه بالتخلي عن اطماعه فيها حرصاً على مصالحهما المشتركة وموقف الدولتين سويّاً في دعم استقلال سلطنة عمان عندما تعرضت للخطر الشيوعي وغير ذلك من المواقف.
واذا كانت الزيارات المتبادلة بين البلدين قد لعبت دورها في دعم العلاقات بينهما فإنها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود والرئيس محمد خاتمي تتسم بأهمية خاصة في تلك الفترة التي يشهدها العالم من المتغيرات وسوف تؤدي الى مزيد من الدعم لهذه العلاقات والتي بدأت بزيارة سمو ولي العهد الامير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ثم زيارة سمو الامير سلطان وسمو وزير الخارجية ثم الزيارة التي يقوم بها حالياً الرئيس الايراني للمملكة العربية السعودية ولقائه بخادم الحرمين الشريفين وهي الزيارات التي عملت على إذابة الجليد الذي تراكم على فترة الركود التي شهدتها العلاقات السعودية/ الايرانية والتي من المنتظر ان تشهد فترة من التقارب الذي يؤدي الى تعزيز دور البلدين والتنسيق والتعاون بينهما لحل قضايا المنطقة وبخاصة ما يتعلق منها بمسألة البترول واسعاره والاحتكام الى الدبلوماسية الهادئة في حل قضية الجزر العربية في الخليج بالطرق الودية ومزيد من العلاقات الثنائية في المجالات المختلفة وتؤدي دورها على مستوى العالم الاسلامي لدعم قضايا المسلمين والوقوف ضد اعداء الاسلام والدعوة الى نبذ الخلافات بين الدول الاسلامية والتضامن فيما بينها وهو احد المناهج الهامة التي تقوم عليها المملكة العربية السعودية في علاقاتها الخارجية منذ أسسها المغفور له جلالة الملك عبد العزيز آل سعود حتى عهد خادم الحرمين الشريفين.
د, عبد الحكيم الطحاوي
دكتوراه في التاريخ عن العلاقات السعودية/ الايرانية وأثرها على دول الخليج