الفن هو هذه الحياة,, وهذا الواقع,, ولا يمكن ان يولد فن إلا من رحم التجربة الانسانية التي كانت وما تزال أمّ الابداع وصاحبة الفضل الأول فيه!!.
والفنون كلها واقعية أينما ذهبت مدارسها وتفرقت, واقعية من حيث فكرتها أو ما تعبر عنه وتقوله ,, في الرسم، والنحت، والموسيقى، والشعر، والقصة، وكل أشكال الابداع في أي مكان وزمان,, وواقعية من حيث أدواتها وألفاظها وأنغامها وألوانها وتكوينها المادي الذي يصنع منه صور جميلة!! وتنتمي الى مدارس وفلسفات شتى تتمايز عن بعضها البعض بالطريقة في التعبير,, وهو الأسلوب الذي يجعل من هذا الرسام كلاسيكيا ومن الآخر تجريديا ويضع لكل لون من الوان التعبير مسمى يختلف عن سواه,.
فما هو الفن الخالد الذي يتفوق في النهاية؟؟
نحن نعتقد انه الفن الذي يحظى بعشق الناس له,, أيا كان مستوى ثقافتهم,, الفن الفاعل,, المؤثر الذي لا يعترف بالمنطق والنظرية!! الفن الذي يعترف بانسانية الانسان وبأخطائه وصوابه,, وبالقبح فيه وبالجمال!!.
سيقول رهط من المتكلمين:
ماذا لو عشق مجتمع من الرعاع والسوقة فنا من الفنون؟.
ايكون هو الفن الذي سوف يحظى بالخلود؟ فنقول نعم,, هو الفن الذي يحظى بالخلود!! لأنه لا يتعامل مع مستوى تهذيبهم بقدر ما يتعامل مع قلوبهم,, والأمنيات التي تخفق في تلك القلوب!! دعونا من التسميات والتعاريف والاصطلاحات,, وبدلا من ان نطبق على أنفسنا ما ينطبق على سوانا,, لتبحث دواخلنا عن ذلك الفن الذي ما زال قادرا على ان ينبض فينا ورغم أننا ما نزال نحاصره ونحجب عنه النور والهواء!! لا أتحدث عن قديم,, بقدر ما أعني الجديد,, وليس شرطا أن يكون الفن المتجدد قديما,, فبقدر ما يكون فاعلا ومؤثرا وقادرا على تحريك المشاعر,, بقدر ما هو خالد وباق رغم أنف الزمن.
إبراهيم محمد الجبر
-ثرمداء-
** ننشر هذا المقال لصديق الصفحة ابراهيم الجبر لعدة أسباب أولها ما نلمسه فيه من حماس وثانيها لأنه كما عرفنا من رسالته انه يمارس التصوير الرسم ، وجميل أن يكون المصور تسند تجربته في ممارسة الفن رؤى وقناعات وأفكار يستطيع ان يعبر عنها كتابة ايضا أو أن هذا على الأقل ما عرفناه عن كبار الفنانين حين اصبحوا أعلاما وأساتذة في الرسم، وفلاسفة في الكتابة عن الفن مثل ديلاكروا وليوناردو دافنشي وإنجلز وكثيرين غيرهم.
لكننا ينبغي ان ننبه الصديق ابراهيم الجبر ألا يتصور نشر مقاله مصادقة على ما فيه من أفكار، وأغلب الظن أنه حين تبدأ في الاستقرار تجربته وتتسع ثقافته فيعود الى ما كتب هنا سيكتشف بنفسه كثيرا من الارتباكات كتقريره في البداية ان الفن هو الواقع مع ان الفن وان انطلق من ذلك الواقع يرى صديقنا إلا أنه هو التجاوز والمفارقة لذلك الواقع.
ان الفن حلم الخلاص من واقع لا يرضاه واستدعاء بديل وهمي للهروب اليه، ومتى أصبح الفن هو الحياة كف المبدعون، وكتقريره ان الفن الباقي هو ما ترضى عنه القلوب والوجدان حتى وان كانت قلوب الغوغاء والدهماء ان هذا يضع مثالا للفن الباقي من أكثر اشكال الفن سوقية وابتذالا الى حد يبعدها عن الانتماء الى الفن، ناهيك عن كلامه عن المدارس والاتجاهات وغير ذلك.
مع كل هذا نعود الى تحية الصديق مؤكدين أن ما في مقاله من ملاحظات لا يطفىء فرحتنا به وانتظارنا لمشاركاته.