بعون الله سابقنا الزمان وصرنا رمز من يهوى الأمانا وقد بدت الحياة كساء أرض هي الصحراء قد نسجت جنانا وما كانت لتنبت حقل زرع ولكن جادها الله الحنانا لقد كنا نعيش الخوف فيها ولا ننسى التعصب والطعانا وكم كنا نرى للجهل نورا نرى فيه الضلال وقد تفانى ولم نك نعرف الأحكام شرعا وليس لنا سوى الجهل اعترانا وما زلنا بذاك الحال حتى أتى عبدالعزيز وقد رعانا فقد روى البلاد بفيض علم أماط به لنا جهلا شعانا فهيا يا رفاق العلم هيا لنرفع قدر من أسقى ثرانا وندعو الله يأويه مقرا يرى فيه السعادة والجنانا ويشرب كأس شهد بات وعدا لكل مجاهد أبلى وصانا

** جميل ان يلتفت الشعر الى واقع جديد أصبحت تعيشه بلادنا، بل هو مطالب دائما بأن يلاحق حركة التطور الحضاري بالتعبير عنها، وأن يطور من أدواته فيما يدفع بهذا الفن في مسار مواكب على صعيد الشكل والمضمون يتمم سياق الحياة، ماديا وفنيا.
لكن قصيدة صديق الصفحة عاطف الغاوي- مع تقديرنا لهذه الالتفاته الى التعبير عن واقع جديد- تقدم نفسها القصيدة بشكل تقريري مباشر فإذا تساءلنا ما الذي تقوله القصيدة بشكل مميز عما يستطيع أن يقوله النثر ربما لم نجد شيئا,, انها ترصد ما شهدته الصحراء من نهضة زراعية مثلما ترصد ما تحقق من منجزات على صعيد التعليم وتحكيم الشريعة والأمن والسلام ثم لا شيء بعد ذلك وهي أفكار تقريرية تتواتر في كل كتاباتنا النثرية، وربما بشكل تفصيلي أو بدراسة أو باحصاءات أو غير ذلك تجعل لتلك الكتابات النثرية قيمتها كتاريخ أو تحليل أو رصد.
بطبيعة الحال لا يتسع فضاء القصيدة لاستيعاب ما تقدمه الدراسات وبالتالي فالشاعر مطالب بأن يتجاوز هذا الرصد الى رؤية تحلق في البعيد لترى الانعكاسات المادية والانسانية والروحية لتلك المنجزات.
على جانب آخر ربما يناسب الشعر، حين لا يستطيع ان يمسك بتلك الرؤية المتشوقة على نحو ما ذكرنا، يناسبه ان يتجه الى غنائية واضحة تجعل من القصيدة منتجا احتفائيا لمناسبة وطنية أعني انه في مثل هذه الموضوعات إما ان تكون القصيدة قصيدة رؤية تخترق الواقع والتقرير لتحلق في البعيد، وإما أن تكون غنائية احتفائية، وكلا المنحيين لا يتحققان في هذه القصيدة كما ينبغي، يبقى للشاعر أن نحييه على مشاعره وعلى ما نلمسه من امتلاك للغة والعروض متوقعين له مزيدا من العطاء بإذن الله.