عندما تحدث الأخطاء وتتجه الأمور نحو مزيد من السوء في مؤسسات اليوم يُبدي القائمون على تلك المؤسسات ميلا واضحا نحو البحث والتفتيش عن أفراد ليلقوا عليهم باللائمة, واذا استمرت اشكاليات المؤسسة فقد ينتهي الأمر بإبعاد الافراد الذين يعتقد بأنهم هم السبب فيما يحدث من أخطاء ومشكلات داخل المؤسسة, هناك من يتصور ان الأفراد هم دائما مصدر الخلل, ومع يقيننا بأن البعض من الأفراد قد يخطئون ويسيئون أداء عملهم احيانا وهو ما يستوجب مساءلتهم واتخاذ ما يلزم بحقهم اذا ما ثبتت تجاوزاتهم وتقصيرهم إلا اننا نادرا ما نبحث عن مصدر الخلل خارج اطار الأفراد, ألا يمكن ان يكون الخلل أساسا في التنظيم نفسه؟.
بعض التنظيمات قد يبلغ من السوء حدا تتحول عنده بيئة التنظيم الى بيئة ملائمة لظهور الأخطاء والتجاوزات، بل ومرتع خصب لتكاثرها, أرأيت لو أن ذلك الفرد أو الأفراد الذين يصنعون مشكلات المؤسسة وجدوا انفسهم ضمن تنظيم أكثر انضباطا وتماسكا هل كان سيحدث منهم ما حدث؟ ان قصر معالجة مشكلات المؤسسة على البحث عن أفراد لتوجيه اللوم اليهم أو ابعادهم لا يحل المشكلة من جذورها، ومع ذلك فلهذا الحل جاذبيته عند البعض نظرا لأنه من جهة، يمثل أقصر الطرق ولأنه من جهة أخرى، يبعث برسالة اعلامية مدوية لكل المعنيين مفادها اننا اتخذنا الاجراء التصحيحي اللازم لحل المشكلة (في حين أن المشكلة قد تكون لا تزال كامنة في التنظيم نفسه).
في مؤسسات المستقبل يتم التعامل مع الأخطاء والمشكلات من منظور مختلف,, عندما يتعلق الأمر بمعالجة الأخطاء والمشكلات فالأولوية تعطى للبحث عن الخلل في التنظيم نفسه وفي طبيعة اتصاله بالأنظمة الأخرى ذات العلاقة,, وعليه فلابد من فتح النظام المؤسسي أمام الاختبار والفحص في ضوء القيم والمعايير المعتبرة باعتباره أحد المسببات الممكنة للمشكلة, ونظرا لأن الأنظمة عموما تملك بداخلها آلية ممانعة ومقاومة تغييرها، فعلينا ان نتوقع ظهور مقاومة من قبل الذين يحبذون بقاء التنظيم على وضعه القائم Status Quo , وهنا علينا ان نتفهم سبب مقاومة هؤلاء للتغيير بدلا من ان نسخر امكانات التنظيم لتحقيق انتصار عليهم.
د,عبدالعزيز بن سعود العمر