جميع الدراسات وكل الأبحاث التي نشطت المعاهد والجامعات والمراكز المتخصصة في العشر السنين الاخيرة في اجرائها عن المشاكل والصعاب التي ستواجه العديد من الدول بسبب قلة وتناقص المياه، أكدت بأن القرن القادم سيشهد العديد من الحروب والكثير من الخلافات بين الدول بسبب الماء,, فالماء فعلا عصب الحياة، فلا زراعة بلا ماء,, ولا حضارة بلا ماء,, بل لا حياة بلا ماء,,، فحتى الماء النقي للشرب تعجز عنه كثير من الدول فتصرف عليه مئات الملايين من الدولارات,, او الدنانير او الجنيهات والريالات,, المهم الماء اصبح الهاجس الاول الذي تسعى الدول لحل اشكالاته وتوفيره لمواطنيها للشرب والري وغيرهما من الاستعمالات الضرورية، وقد استغلت العديد من الدول هذه الاشكالية وحرص الدول المحرومة منه، او تلك التي تعاني نقصا او عجزاً فجعلت منه سلاحا استراتيجيا توظفه لغرض سياستها وهيمنتها على الدول المحتاجة, وقد تابعنا كيف حاولت اسرائيل ابتزاز الأردن فأعلنت عن تخفيض حصة الأردن من المياه التي نصت عليها اتفاقية السلام, ومع ان الأردن تمسّك بحقه من المياه، إلا ان محاولة إسرائيل تقليص تلك الحصة يظهر مدى قوة سلاح الماء,, مثلما يظهر المدى البعيد لانتهازية إسرائيل واستغلالها البشع لهذه المادة الحيوية، لتأتي خطوة سورية التي بدأت بضخ المياه للأردن بمقدار ثمانية ملايين متر مكعب لتظهر الفارق بين الاستغلال اليهودي والفزعة العربية، فسورية العربية الشقيقة قولاً وفعلا للأردن اقتسمت مع شقيقتها الماء لمساعدة الأردن على تجاوز محنة شح الماء وما سببه من مشاكل عانى منها الاشقاء في صيف العام الماضي، وعند زيارة الملك عبدالله بن الحسين لسوريا بحث مع الرئيس حافظ الاسد حاجة الأردن للمياه، فأوعز الرئيس السوري لوزير الري السوري ان يلتقي نظيره الأردني لبحث حاجة الأردن، وفعلا تم الاجتماع واتفق على ضخ المياه من مياه الشفة، وأمس الأول الجمعة تدفقت مياه الشفة عبر نهر اليرموك إلى دير علا الأردنية ومن ثم إلى محطة قرب عمان بمعدل مليوني متر مكعب شهريا لمدة اربعة اشهر، مما يعني ان الأردن سيحصل على ثمانية ملايين متر مكعب من المياه من سد سحم الجولان الواقع جنوب غرب سوريا.
هكذا هي العلاقة بين الاشقاء جسدتها سوريا بأريحية لتعيد للانسان العربي ثقته من جديد بالتضامن العربي,, الذي يبنى من جديد بالمياه,,!!
جاسر عبدالعزيز الجاسر
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser * Al-jazirah.com