* كتب - حمد الراشد:
* منذ سنوات بعيدة لم تحظ قائمة المنتخب الوطني لكرة القدم بهذا الاجماع في كافة الاوساط الرياضية والاعلامية الذي حظيت به القائمة الجديدة التي اعلن عنها الامير سلطان بن فهد رئيس لجنة المنتخبات وشؤون اللاعبين قبل ايام,, ومن تابع ردود فعل الصحافة الرياضية في الآونة الاخيرة لاحظ دون شك ارتياحاً عميقاً للقائمة الجديدة للنخبة الوطنية التي ستدافع عن الوان الكرة السعودية في بطولة الفيفا للقارات على كأس الملك فهد,, يعكس في واقع الامر قناعة اكيدة بدقة الاختيار وجدارة من وقع عليه الاختيار من الاسماء القديمة والجديدة التي ترتدي القميص الوطني لاول مرة والاسماء العائدة من جديد لصفوف الصقور الخضر,, ويجسد ايضاً توجهاً عملياً سليماً طبع نهج وتفكير اتحاد الكرة الموقر منذ عهد بعيد,, فالاتحاد عودنا على التخطيط العلمي السليم في كل خطواته المستقبلية,, وابلغ دليل على هذا النهج الحضاري في التخطيط والتفكير البطولات الهائلة التي حققتها الكرة السعودية منتخبات واندية منذ مطلع الثمانينات الميلادية اقليمياً وقارياً ودولياً ولا تزال,, فخلف كل هذه النجاحات والانجازات والألقاب عقلية حضارية تقود فريق العمل في اتحاد الكرة في اطار منهجي علمي موضوعي يستشرف آفاق المستقبل,, ولهذا تستمر عجلة الانتصارات السعودية في الدوران,, ويستمر نجومها في التحليق,, وتتواصل نجاحات الكرة السعودية على مختلف الاصعدة والمستويات,, فيتواصل حضورها المشرف في كل المحافل والميادين.
مرحلة جديدة
وقبل ان نودع القرن العشرين,, ونطوي حقبة تاريخية هامة في مسيرة الكرة السعودية كانت مطرزة بالالقاب والامجاد والانجازات الكبيرة ونستعد لاستقبال مرحلة جديدة اضاء اتحاد الكرة برئاسة رجل الانجازات الكبرى الامير فيصل بن فهد ونائبه وجه السعد الامير سلطان بن فهد قنديلاً جديداً على هذا الطريق يؤكد من خلاله رؤيته المستقبلية للمرحلة القادمة وذلك بالتعاقد مع المدرب القدير ماتشالا,, والذين يعرفون هذا المدرب عن قرب,, ويعرفون فلسفته التدريبية يدركون سر التعاقد معه,, فهو من انصار سياسة البناء والتخطيط,, وكان هذا احد اهم اسباب تمسك اتحاد الكرة الكويتي به فترة طويلة,, وله يعود الفضل في بناء المنتخب الكويتي الجديد بطل خليجي 13 وبطل خليجي 14 وقبل ذلك نجاحه الكبير في اعادة الروح للكرة الكويتية على صعيد منتخبها الاول فقد عرف عن ماتشالا حبه الشديد للعمل واخلاصه وحماسته وحرصه على تحقيق النجاح المدروس الذي يأتي ثمرة جهد وتخطيط واعداد,, ولهذا السبب حرص اتحاد الكرة السعودي على التعاقد معه وتفضيله على مدربين آخرين من ذوي الاسماء الكبيرة في عالم التدريب,, فهناك قاسم مشترك يجمع بين اتحاد الكرة والمدرب ماتشالا من حيث التفكير والرؤية المستقبلية لبلوغ الهدف على ارضية صلبة من العلم والدراسة والتخطيط بعيداً عن اغراءات النتائج السريعة والبطولات الوقتية,, ولهذا كان اتحاد الكرة حريصاً كل الحرص على اتمام التعاقد معه,, فهو المدرب المطلوب والمناسب لهذه المرحلة.
بناء منتخب 2002
من هنا كانت الخطوة الاولى على طريق بلوغ الهدف المنشود الذي يخطط له امير الشباب وسمو نائبه,, وهي ضرورية للغاية,, بدونها لا يمكن قطع الخطوة الثانية والتي جاءت مطابقة تماماً للرأي العام الرياضي على اختلاف فئاته وميوله ونقصد بذلك اعلان القائمة الجديدة للمنتخب الوطني والتي خلت لاول مرة من اسماء تقليدية معروفة راسخة في خارطة المنتخب الوطني فترات طويلة واقتصرت على اسماء جديدة شكلت النسبة الكبرى الى جانب الاسماء التقليدية المعروفة وبعض الاسماء العائدة من جديد لاحضان المنتخب الوطني,, وان كانت في توليفتها النهائية تعد تشكيلة جديدة فريدة من نوعها لبطل آسيا,, بلغت نسبة النجاح في الاختيار 100% فلا يوجد اسم واحد ممن وقع عليه الاختيار غير جدير بهذا الشرف,, ولا يوجد اسم واحد خارج هذه القائمة تشعر معه بالغبن لعدم اختياره,, فجميع من شملهم الاختيار من الاسماء القديمة والجديدة والعائدة يحظون بثقة الجمهور الرياضي,, ويتفق الجميع حول جدارتهم واحقيتهم بارتداء القميص الاخضر,, ومن تجاوزته عملية الاختيار من الاسماء التقليدية المعروفة كسامي الجابر وخالد مسعد والتيماوي والثنيان وخميس العويران وسعيد العويران وفهد المهلل الى غير ذلك من الاسماء كان نتاجاً طبيعياً لتراجع مستوياتهم الفنية,, وان كنت ارجح سبباً آخر بخلاف تراجع المستوى وهو رغبة ماتشالا واتحاد الكرة ولجنة المنتخبات برئاسة الامير سلطان بن فهد لبناء منتخب جديد في كل شىء يكون هدفه الاستراتيجي بلوغ مونديال 2002,, وحتى تنجح عملية البناء هذه لابد من الاستعانة ببعض عناصر الخبرة ممن مازال محتفظاً بمستواه الكبير سواء من الاسماء التقليدية السابقة او من الاسماء العائدة من جديد كحمزة ادريس وصالح الداوود وخميس الزهراني,, فوجود نجوم الخبرة امر ضروري وحيوي لانجاح عملية البناء التي يتصدى لها الان ماتشالا اذ لا يمكن الاعتماد فقط على العناصر الشابة الجديدة فالبناء لا ينجح الا باحداث مزيج من عناصر الخبرة والدماء الشابة وهذا ما اعلنت عنه القائمة الجديدة للصقور الخضر,, والتي تستعد بعد اسابيع قليلة للدخول في معسكر اعدادي بأبها ضمن المرحلة الاولى للاعداد لمشاركة بطل اسيا في بطولة الفيفا للقارات على كأس الملك فهد,, وسط قناعة اكيدة بأن هدف المنتخب الوطني من هذه المشاركة الحصول على رصيد جديد من الخبرة الدولية الاحترافية وليس المنافسة للفوز بكأسها الغالية,, وهذا ما يدركه ماتشالا قبل غيره,, فالاولوية في برنامج عمله للبناء والتجهيز وصناعة منتخب جديد يكون قادراً على الدفاع عن اسم وسمعة الكرة السعودية سنوات طويلة,, ولهذا نلحظ زيادة في عدد الوجوه الشابة التي دخلت قائمة النخبة الوطنية,, وهو امر طبيعي ومنطقي ينسجم مع الحاجة لصناعة منتخب جديد في كل شيء في اسلوب لعبه وطريقة ادائه وفهمه لاساليب الكرة الحديثة ومتطلباتها.
الهدف من الاختيار
وبالعودة الى قائمة اسماء النخبة الوطنية نجد حرص ماتشالا على تحقيق اعلى درجات التجانس والانسجام في صفوف المنتخب الوطني الجديد من خلال اختياره ستة من نجوم الشباب وخمسة من نجوم الاتحاد جميعهم مؤهل ليلعب اساسياً,, فالمدرب ماتشالا وكما هو معروف يميل لاختيار عدد كبير من احد الفرق القوية لتشكيل قاعدة اساسية للمنتخب تكون بمثابة العمود الفقري له ثم تأتي المرحلة التالية اختيار مجموعة اخرى تحقق له التكامل المنشود في جميع المراكز تماماً كما فعل عندما اشرف على تدريب منتخب الكويت فقد نسج ماتشالا ثوب المنتخب الازرق من ثوب فريق كاظمة وطعم الهجوم بثنائي السالمية جاسم وبشار وكذا لبقية المراكز التي تحتاج الى تدعيم من فرق اخرى,, ولهذا الاسلوب ايجابياته التي لا تخفى على احد,, فهو يحقق اكبر درجة من التجانس والانسجام داخل المجموعة وسيحرص ماتشالا في المرحلة القادمة على تكريس هذا النهج الفني السليم,, والاعتماد اكثر على التوافق الفني والذهني بين لاعبي كل خط,, وبين الخطوط الثلاثة,, وهذا ليس عيباً,, فالمنتخب الايطالي الحاصل على بطولة كأس العالم في مدريد 82 ضم 90% من لاعبي فريق واحد جوفنتوس ,, وكذا الحال لمنتخب هولندا عام 78 في مونديال بوينس ايرس كان 90% من لاعبيه من فريق اجاكس.
ولاشك ان اعتماد ماتشالا اثناء تدريبه منتخب الكويت على فريق كاظمة كان احد اسباب نجاحه وانتصارات المنتخب الكويتي واحسب ومن خلال القائمة الجديدة ان ماتشالا سيكرر هذا النهج ولكن باسلوب جديد نظراً لاختلاف الظروف وان كان سيعتمد كثيراً على لاعبي الاتحاد والشباب في بناء نسيج المنتخب الجديد لاكثر من سبب اهمها:
- الحرص على تحقيق اعلى درجة من التجانس والانسجام داخل كل خط,, وبين الخطوط الثلاثة.
- لا يعني هذا تجاهله الاسماء الاخرى,, هذا غير وارد على الاطلاق لكن الاستعانة بهم سيكون مقنناً للغاية اعتماداً على نهجه السابق وفلسفته المعروفة.
ماذا يريد ماتشالا
واخيراً نصل الى ابعاد عملية اختيار القائمة الجديدة للمنتخب الوطني ومغزاها الحقيقي!!
- البعد الاول, .
الافضلية المطلقة للكفاءة الفنية اولاً وعاشراً وليس للاسم والنجومية والتاريخ,, من يملك قدرة قصوى على العطاء سيجد نفسه داخل القائمة.
- البعد الثاني,.
استمرارية النجم داخل القائمة الذهبية مرهونة بما ذكر اعلاه,, فلا يعني اختيار ماتشالا لهذا اللاعب او غيره ان مكانه بين الصقور الخضر بات محجوزاً الى اجل غير مسمى,, قد يجد نفسه بعد مدة وجيزة خارج القائمة,, ولهذا نتوقع ان يعطي كل لاعب نال شرف الاختيار وحظي بهذه الثقة الغالية اقصى مالديه من جهد ليثبت اقدامه على خارطة المنتخب,, حتى لا يجد نفسه خارجها.
- البعد الثالث,, امكانية عودة اي نجم تجاوزه الاختيار الاول من جديد لصفوف المنتخب,, تطبيقاً للقاعدة التي اعلن عنها الامير سلطان بن فهد مراراً وتكراراً,,
ابواب المنتخب مفتوحة لمن يثبت جدارته فكما عاد حمزة وخميس وصالح الداوود سيعود سامي ومسعد والتيماوي وغيرهم ومن يعرف ماتشالا جيداً يعرف انه مدرب صارم حازم ملتزم لا يقبل أنصاف الحلول,, ولا يغير قناعاته,, ولا يرفع قبعته احتراماً الا للاعب الذي يعطي في التمارين نفس عطائه في المباريات,, اللاعب الملتزم المواظب الذي يقاتل باستماتة من اجل فريقه,,
واخيراً ماتشالا لا يجامل ابداً,, ولا يخشى الصحافة وان كان يحترمها,, فثقته بنفسه وبإمكاناته وخبرته التدريبية لا حدود لها ومازلنا نذكر موقفه من هداف العرب علي مروي عندما استبعده من قائمة المنتخب الكويتي في خليجي 14 في البحرين رغم حملات الصحافة والنقاد فقناعته لا تغيرها الصحافة ولا تبدلها الاقلام,, واعتقد ان هذا مؤشر جيد على شخصية ماتشالا القوية,, واحترامه لنفسه وتاريخه وسمعته,.
ولهذا نتوقع من نجوم منتخبنا الوطني, منتخبنا الجديد منتخب عام 2000 التعاون المطلق مع ماتشالا لانجاح مهمته القادمة,, فبدون هذا التعاون لا يمكن لاي مدرب ان يلامس النجاح مهما كانت كفاءته وخبرته وتاريخه ,,,!!!
|