Sunday 16th May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 1 صفر


بدون ضجيج
عروبتان!
جارالله الحميد

حازم صاغية هو أحد المعلقين في جريدة الحياة , المعلقين السياسيين على وجه التحديد, من خلال زاوية يخالف فيها دائما آراء كل المحللين المجربين وذوي الوزن الثقيل, فهو اذا تحدث عن لبنان أصبح انعزاليا أكثر من عماد عون وإيلي حبيقة ومن سبقهم وبمن سيتلوهم, فيصبح مثلهم في الاصرار على ان الأرض اللبنانية هي محتلة ايضا من قبل السوريين, مروجا فكر الذين يعتبرون سوريا مرتبطة بمعاهدة تضامن يُعتبر الاعتداء على أحدهما في ظلالها اعتداء على الآخر, ولا أريد أن أسرد أكثر عن هذا الحازم الذي صار من ضيوف قناة الجزيرة المستقلة!!!! لأن تلك القناة تشبهه, فهي تعشق ان تقول كلاما كبيرا توهم الناس به أنها تتمزق من أجل قضاياهم وتتبنى ببلاهة تحسد عليها آراء أي من ضيوفها إذا أفحمه الآخر وان كان هذا الذي تبنت آراءه لا يمت لنغمة هذه القناة التي تعزف على وتر الحرية والديموقراطية وحقوق الجماعات المسلحة في مصر والجزائر وكأنها تجيز لهذه ما تقوم به من ذبح للأبرياء وتهديد للسلم الاجتماعي وقتل لروح الحوار الذي يجب ان يتمتع بها أي طرف معارض.
ومناسبة حازم صاغية كتاب سيصدره أو أصدره فأنت لا يمكن ان تسمع وسط ضجيج المتحاورين والمذيع الذي يصور للمشاهدين نفسه وكأنه علامة فهامة بل ومناضل ان اقتضى الأمر! بينما يظل مذيعا مبهورا هو الآخر بهذه المساحة التي أعطيت له معتقدا ان هذا منتهى الديموقراطية!! كتاب السيد صاغية عنوانه وداعا للعروبة وهو يذكرنا أي العنوان بأسماء روايات شاعت في الخمسينات أم كأنه يتقمص وجه ذلك المناضل بلا سبب الذي تستهويه هذه العبارات الرنانة, لأن لغة صاغية الشهادة لله لا علاقة لها بهذا النوع من الكلمات, فأسلوبه جديد ومميز ومحترف, لكنه أراد بهذا الكتاب أن يُدخل اليأس الى قلوب اليافعين فيما يبدو الذين مازالوا يؤمنون بالعروبة والاسلام كعدوين مشتركين للدولة الصهيونية ولم يتغذوا من حليب الغربة في المدن الكبيرة حيث يعيش صاغية وأمثاله, الذين علمتهم الشوارع السوداء من المطر ان حيث ترزق إلزق كمرادف لأمثال شعبوية أخرى تنادي باللانتماء اذا وقف حاجزا بينك وبين رزقك, يعود الواحد من هؤلاء وهو يقول في كرسيه الوثير في محطة تلفزيونية إننا يجب ان ننسى الشعارات، والكلام اللي ما يجيب مصاري فلا توجد عروبة -يقول متنطحا كتيس- في السياق السياسي منذ كذا,, هذه تعبيراته هو! لماكان العرب جهلة وبدو ولم يكتشفوا رغد العيش في أوروبا حيث تأكل ديموقراطية وعدالة ودولارات مقابل ان تتنكر لآمال شعبك الممتد من الماء الى الماء مالنا جغرافية خرافية مفتوحة على احتمالات لم يحسب أمثال صاغية حسابها, وباختصار نقول لصاغية وفر دموعك! فالأمة العربية ليست طيرا اقتنصه الرجل اليهودي بل هي طائر ينبعث من رماده كما يفعل طائر الفينيق الجميل والشجاع, ويوما ما ستنهض بكل عافيتها، وجمالها، وما كتبه الله لوجهها من نور يضج بالفروسية, وحين تنهض لن نعود القهقري لنحاسب الذين خاطوا لها الكفن منذ الآن، وحفروها لها اللحد منذ الآن، وهزوا أذرعتهم للمشاركة في حمل نعشها منذ الآن.
ستفيق الأمة,, أمم كثيرة ذاقت الضنك والبلوى في زمن ما، ولكن روح الاصرار على الحياة يبعثها فيها فيما بعد.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved