طوتك النوى من بعد ما أجفل الصحب
وغيب أتراب، فحن لهم ترب (1)
أجبت نداء الحق إذ كنت موقناً
ترى الحق تقديراً قضى أمره الرب
وأنت على ما كان في مدرج الرضا
تروح وتغدو لا تمل ولا تكبو
طويت بدرب الرشد تسعين حجة
ففزت بما من دونه يقصر الوثب
وفزت بها إن شاء ربك في الأولى
لهم من نعيم الله مورده العذب (2)
مع الأنبياء المصطفين ومعشر
لهم شهد التنزيل فيما به ربوا
فقد كنت قوّام الليالي تهجدا
وقد كنت صواما تعاف الذي حبوا
وكنت منارا يهتدي بضيائه
مريد سبيل الرشد، أو تُكشف الحجب (3)
بدرس وإفتاء وحكمة ناصح
عليم بما ينجي اذا احلولك الخطب
وكنت ملاذاً بعد ربك للذي
رماه من الأيام صارمها العضب
وكنت لأهل العلم ظلا وروضة
ينابيعها من دونها المنهل العذب
وكنت مثالا في التواضع والتقى
وكنت جوادا دون راحاته السحب
نهضت بأعباء ينوء بحملها
اولو العزم، إلا الرسل والسادة الصحب
ألنت لكل الناس جانب ماجد
حفيّ بهم كالخِل، لا بل هو الأب
فلما قضى المولى - وكل ابن حُرّةٍ
على آلة حدباء موئله التُرب-
تقبلتها مستبشرا غير نادم
وخلفتنا نبكي، وقد هدّنا الرعب
فماذا عسى ان ينفع الدمع والشجى
وقد غاب عنا العالم الفذ والقضب
مضى فعقول العالمين ذواهل
بما قد دهى الإسلام فاستحكم الشعب (4)
فغارت بشاشات وأظلم مجلس
أضاء بنور الباز حتى دهى الخطب
كذا سنّة المولى، اجتماع وفرقة
فلله يما يُؤوي، ولله ما يحبو
رضينا بحكم الله فينا تعبداً
وآمالنا موصولة، والمنى خصب
وما أجدبت يوما من العلم روضة
على ساحها نور الإمامين ينصبُّ