Sunday 16th May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 1 صفر


رحيل شيخ الشيوخ
أ,د محمد بن سعد آل حسين


طوتك النوى من بعد ما أجفل الصحب
وغيب أتراب، فحن لهم ترب (1)
أجبت نداء الحق إذ كنت موقناً
ترى الحق تقديراً قضى أمره الرب
وأنت على ما كان في مدرج الرضا
تروح وتغدو لا تمل ولا تكبو
طويت بدرب الرشد تسعين حجة
ففزت بما من دونه يقصر الوثب
وفزت بها إن شاء ربك في الأولى
لهم من نعيم الله مورده العذب (2)
مع الأنبياء المصطفين ومعشر
لهم شهد التنزيل فيما به ربوا
فقد كنت قوّام الليالي تهجدا
وقد كنت صواما تعاف الذي حبوا
وكنت منارا يهتدي بضيائه
مريد سبيل الرشد، أو تُكشف الحجب (3)
بدرس وإفتاء وحكمة ناصح
عليم بما ينجي اذا احلولك الخطب
وكنت ملاذاً بعد ربك للذي
رماه من الأيام صارمها العضب
وكنت لأهل العلم ظلا وروضة
ينابيعها من دونها المنهل العذب
وكنت مثالا في التواضع والتقى
وكنت جوادا دون راحاته السحب
نهضت بأعباء ينوء بحملها
اولو العزم، إلا الرسل والسادة الصحب
ألنت لكل الناس جانب ماجد
حفيّ بهم كالخِل، لا بل هو الأب
فلما قضى المولى - وكل ابن حُرّةٍ
على آلة حدباء موئله التُرب-
تقبلتها مستبشرا غير نادم
وخلفتنا نبكي، وقد هدّنا الرعب
فماذا عسى ان ينفع الدمع والشجى
وقد غاب عنا العالم الفذ والقضب
مضى فعقول العالمين ذواهل
بما قد دهى الإسلام فاستحكم الشعب (4)
فغارت بشاشات وأظلم مجلس
أضاء بنور الباز حتى دهى الخطب
كذا سنّة المولى، اجتماع وفرقة
فلله يما يُؤوي، ولله ما يحبو
رضينا بحكم الله فينا تعبداً
وآمالنا موصولة، والمنى خصب
وما أجدبت يوما من العلم روضة
على ساحها نور الإمامين ينصبُّ

هوامش:
1 تربُ: النظير والمثيل.
2 العذب: إشارة الى ما في الآية الكريمة رقم 69 من سورة النساء, ومن يُطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسُن أولئك رفيقا .
3 أو :بمعنى إلى.
4 الشعب: الصدع.
لقد كان سماحة شيخنا الجليل عبدالعزيز بن باز رحمه الله على ما يفوق بسط المقال في علمه وفي سماحة خلقه، بل في كل حال من أحواله.
أي انه كان مثالا يندر أن يتكرر.
فلقد كان عصاميا كوّن نفسه بنفسه، وشق طريقه في الحياة بلا معين سوى رب العالمين، وكفى به سبحانه وتعالى معينا.
ولما كان اخواننا العلماء قد تحدثوا عنه رحمه الله وسوف يتحدثون فاني سأقف حديثي في نقطتين صغيرتين كنت فيهما من المستفيدين استفادة مباشرة,
-الأولى متصلة بكتاب: الفوائد الجليلة هذا الذي ألفه وهو في التاسعة والعشرين من العمر، وهذا دليل على نبوغه المبكر رحمه الله.
فحين التحقت بحلقة شيخنا عبد اللطيف بن ابراهيم رحمه الله وجزاه عنا وعن العلم خير الجزاء، أمرني رحمه الله بحفظ هذا الكتاب الى جانب متن الرحبية وتهميش الشيخ عبدالرحمن بن قاسم، عليه.
-وحين استزدته أعطاني العذب الفائض وما تزال هذه كلها عندي.
=اما النقطة الثانية فكانت وأنا في كلية اللغة العربية طالبا حيث كان رحمه الله- أعني الشيخ عبدالعزيز- يحضر نادينا الأدبي الذي كنا نقيمه كل ليلة جمعة، فكان رحمه الله يحضر ذلك النادي ويعلق على ما يلقى موجها ومرشدا.
ومن قبل النادي نعمنا بالتتلمذ على سماحته حين كنا في المعهد طلابا.
في ذلك النادي القيت في عام 1378ه رباعيات كنت مواظبا على إلقائها كل ليلة جمعة فجاء في احداها قولي طارت الروح الى أرض الخلود .
فلما نهض رحمه الله للتعليق قال: ان مثل هذا حكم مسبق، وهذا ليس إلا لله فطلبت التعليق وقلت: يا شيخي ألا يحمل هذا على التفاؤل الذي يحبه النبي صلوات الله وسلامه عليه .
فقال: اما على هذا فلا حرج .
وهناك مواقف اخرى مشابهة، وغير مشابهة أثبتّها فيما سميته من حياتي وربما كان له حديث آخر.


رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved