Sunday 16th May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 1 صفر


هكذا
لقطات أخرى,.
فهد العتيق

على وشك نص قصصي,,!!
في لحظة كنت أتأمل صوت فيروز وهي تغني:
أنا عندي حنين,.
مابعرف لمين,, .
* أرثي لحال شعرنا الشعبي الغنائي، ثم في نفس اللحظة، فيما يشبه الهذيان الممتع، أتوقف أمام لوحة، تفاحة على رأس طفل ، أفكر في كتابة نص صغير حول شكلها وطعمها ورائحتها، أنا الذي لا أكتب سوى قصص ركضي وأسئلتي وأحزاني المبكرة في الحارات والشوارع والبيوت، اسأل: لماذا نهمل أو نتجاوز التفاح دائماً رغم أنه موجود في ذاكرتنا وتاريخنا وأشعارنا وتشبيهاتنا و,,,,,,، سمعت صوت جرس الباب، فتحت لكن لم أجد أحداً، تأملت الشارع الهادىء والمظلم قليلا، ثم دخلت، أغلقت الباب وأنا أشعر أنني أدخل بصحبة احد ما، رجل من الأزمنة القديمة يحمل تاريخا عليَّ التعرف عليه، قلت له: يجب أن أعترف بشيء ياصديقي، فأنا لست مشغولاً كما أوهمتك سنوات طويلة، أنا أمكث في بيتي لا أغادره منذ عدة سنوات، لا أخرج إلا قليلاً، ومثل هذه العزلة علمتني كيف يمكن أن يكون الهدوء رجلاً نبيلاً أو امرأة فاضلة، أو لوحة تشكيلية شفافة وعذبة وعميقة وغالية وحبيبة، علمتني كيف أضع جداراً عالياً بيني وبين الأصوات الأكثر ضجيجاً والأكثر إيذاء والأكثر بؤساً، أزدحم بأشياء كثيرة، بشوارع وحارات ووجوه وأسئلة وحوارات وبيوت واسواق، أزدحم بنساء ورجال وأطفال، أزدحم بأشياء تنتظرني حين أخرج، ثم أعود إليها لاهثاً، فأجدها موضوعة على الطاولة بعناية تنتظرني، وهنا فقط أتذكر أين وضعت رأسي قبل ان أخرج! فأهيئ لكل هذه الأشياء، بنفسي، وقتاً ساخناً، وفناناً ومتوجساً وشاعراً ومنتشياً ينام بقربي.
* كان في يدي أيام فرناندو بيسووا ، رواية الإيطالي أنطونيو تابوكي، الذي يروي قصة ثلاثة أيام من حياة الشاعر البرتغالي الكبير بيسووا، استقبل خلالها اصدقاءه أو بدلاءه، إذ كان بدلاؤه أشخاصا غيره كانوا أصواتاً تتحدث داخله وعرفوا حياة مستقلة وسيراً ذاتية مستقلة، تحدث إليهم الشاعر بيسووا وأملى عليهم مشيئته الأخيرة، كما تحاور مع الأشباح التي رافقته طوال حياته.
إنه كتاب عظيم عن الأصدقاء,.
عن أصدقاء الشاعر الذين كان من بينهم الصادق والكاذب والمنافق والحاسد والمخلص والحقيقي والمزيف,, جميعهم تجمعوا أمامه في حوارات أدبية بالغة العمق والإنسانية والفن والأدب العالي.
وفجأة تذكرت صديقنا الحبيب، الأديب بأفكاره فهد الحناكي، هذا الرجل العميق مثل كتاب من العصور السحيقة للحضارات، والشفاف مثل غيمة خفيفة، والمضيء دائماً بأفكار لماحة وروح فرحة وصادقة لا يملكها إلا القليل القليل من الناس، في هذا العصر الذي ينشغل فيه الكثير من الناس بالآخرين، أكثر من انشغالهم بأنفسهم؟! وهو على النقيض من ذلك.
قلت إن مثل هذه الأعمال الأدبية العالية تليق به ويليق بها، مثلما تليق بكل القراء الذين يبحثون عن نقطة تماس مع الإنسان الحقيقي والأدب الحقيقي وليس المزيف.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved