Sunday 9th May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 23 محرم


هكذا
لقطات
فهد العتيق

* عندما نتحدث عن الرواية الجديدة في الادب الحديث، لابد ان نتحدث عن النقد المصاحب لها وعن القارىء، فالنقد الحديث يرى الان، ان السؤال عما يحمله الادب من فكرة ، انما هو سؤال لامبرر له لانه فقد اساس وجوده الذي يعتمد على فكرة (المحاكاة)، وهي فكرة انتهت سيطرتها على الرواية، واصبح لدينا الرواية التي هي عبارة عن بناء يحتوي على مستويات مختلفة، تمكن القارىء من ان يفهم العالم، ومن ان يشكل تجربته الخاصة، وهكذا اصبح النقد الجديد - ومعه الروايات الحديثة - يضخم من دور القارىء ويجعله لا يقل اهمية عن دور المؤلف نفسه، لان القارىء الواعي يصنع عالمه بنفسه، واصبح هو البطل، بعد ان أُسقط بطل الرواية وسقطت معه العقدة والحدث والتطور والمحاكاة والشخصيات المعقدة والمسطحة والذروة ثم الحل وغير ذلك من شبكة معقدة يغذي بعضها بعضا، ومع سقوط البطل ظهرت شبكة جديدة تتفرع تفرعات معقدة ومتضامنة ايضا، لكنها تلتقي حول مفهوم رئيسي وهو مفهوم الوصف.
ويؤكد آلان روب جرييه نظرته لعملية الوصف في الرواية الجديدة، انه لم يعد (ديكورا) لخدمة الشخصية وتصوير المكان ونقل الواقع، بل اصبح مطلوبا في حد ذاته، فهو لا يهدف الى خلق نسخة من الواقع ولكن يهدف الى خلق واقع جديد على يد الكاتب والقارىء معا، بمعنى آخر ، يمكن اعتبار الرواية الجديدة تحاول تجسيد هذا العالم، لا ان تعبر عنه او تنقله كما هو، لانها - كما تقول ساروث - بدلا من التعبير عن الواقع تريد ان تنجز شيئا له صفة الحضور.
ولا تنكر (نتالي ساروث) وجود بعض عناصر الرواية التقليدية، لكنها لم تعد الاساس الذي تبني عليه الرواية الجديدة واقعها، انها الان فقط مجرد اشكال تساعد القارىء على اكتشاف هذا العالم، وترى ايضا ان ضمير المتكلم يستطيع ان يغرس القارىء في مادة الكتاب.
اذن ، يرى كتاب لقطات ل (الان روب جرييه) ان الروائية (ساروث) تدعو الكاتب ان يقاوم رغبته في الاصلاح او امتاع القارىء او تقويمه، او حتى المطالبة بتحريره، وتدعو الا يصور الواقع كما يراه ويراه الناس، لان الواقع الذي تراه هو الواقع الذي يتخلص من الافكار المسبقة والصور الجاهزة، وبهذا يستطيع الكاتب ان يقدم واقعا جديدا يراه بعينيه.
كتاب لقطات يقدم دراسة واسعة عن الرواية الجديدة والظروف المحيطة بها من خلال تجربة كاتبين فرنسيين معاصرين هما (الان روب جرييه) و(نتالي ساروث) كما يقدم نماذج من القصة القصيرة التي تقدم ملامح متميزة، فكل قصة كيان مستقل له وقع محدد ومذاق خاص، وكلاهما الكاتب والكاتبة يقرَّان بوجود بعض العناصر التقليدية في كتابتهما ليس بشكل اساسي ولكن كعناصر مساعدة لان الاساس هو ابداع طرائق جديدة ومختلفة تثير حاسة الاكتشاف وتدفع القارىء الى تكوين عالمة الخاص.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved