من الأمور المحيرة في العملية الابداعية، خصوصاً كتابة القصة القصيرة، هو عدم المقدرة الحقيقية لتحديد ملامح النص قبل الكتابة بشكل دقيق وبشكل يجعل من الممكن التحدث عن هذه الملامح بطريقة واضحة بعد الكتابة، لذلك يبدو لي من الصعب التحدث عن البطل في النص القصصي الذي هو جزء من نص غير واضح المعالم, هذا اذا اخذنا في الاعتبار مفهوم البطل الموجود في ذاكرتنا ومخيلتنا المتراكمة ثقافياً,
فالمساحة في القصة القصيرة الحالية تجعل من البطل متجسداً في مفهوم مختلف غير البطل التقليدي والذي كانت تفرد له الصفحات سابقاً.
فكل قصة قصيرة تكتب في ظروف منفردة تكسبها تميزها وتتحكم هذه الظروف في تحديد مسارها ككل وليس فقط في تحديد ملامح البطل فربما تكون حالة البطل هي المحور الذي قد تكون هي البطل وايضاً مكان الحدث قد يكون هو البطل وفي بعض الاحيان تكون اللغة هي البطل في بعض القصص القصيرة والتي يحاول الكاتب ابرازها بناء على قناعاته الداخلية.
أتوقع ان يبرز البطل بمفهومه التقليدي في الرواية لما تعطيه للكاتب من مساحة اكبر يستطيع من خلالها القارىء ان يتبين ملامح البطل والذي ربما يكون البطل المثالي الذي يدور المحور حول ايجاده في النصوص القصصية القصيرة.
بينما العمل القصصي القصير بمفهومه الحديث (ان جاز لنا التعبير) يبتعد في معظم، ان لم يكن في كل الاعمال المتميزة عن هذا المفهوم ليوجد الكاتب بطله بشكل مختلف ومغاير.
هذه الصعوبة هي التي تدفعنا الى الاستمرار في مغامرة الكتابة لندفع في البحث عن مركز للفن نحاول الاقتراب منه في محاولة للكشف عن خفايا داخلنا قد تضيء لنا نقاطا تتمحور حولها محاولاتنا في كل نص نكتبه وهذا يجعل التباين بين النصوص متمحوراً حول مركز الفن الغيرواضح والذي نتلمسه بحساسية متغيرة بتغيير تراكماتنا الثقافية والناتجة عن المشاهدات الحياتية المختلفة للاعمال الابداعية بجميع توجهاتها.