Sunday 9th May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 23 محرم


القلم الأبيض
نتائج مثيرة في حرب البلقان
عبدالعزيز المهنا

لم تكن زيارة فيكتور تشيرنوميردين رئيس وزراء روسيا السابق الى بلغراد مجرد وساطة، فروسيا الاتحادية ليست طرفاً محايداً في الحرب، فالصرب في توجههم السياسي بعد التجزئة الى دويلات ترى نفسها جزءا من روسيا سياسيا ودينيا بل وجغرافيا, فقد صوت البرلمان اليوغسلافي بالاجماع على الدخول في وحدة سياسية وجغرافية مع كل من روسيا وروسيا البيضاء.
الوسيط الروسي اذاً ليس وسيطا انما هو مندوب القيادة الروسية لاستخلاص رأي جديد من بلغراد وطرح فكرة جديدة لحل ينهي القصف الاطلسي الذي دخل الآن شهره الثاني ولم يكن الرئيس الروسي بوريس يلتسين على ثقة بأن مقترحاته التي بعث بها مع تشيرنوميردين سوف تجد قبولاً من سلوبودان ميلوسيفيتش والقيادة اليوغسلافية لذلك اختار يلتسين شخصية رئيس وزرائه السابق دون أن يبعث بمندوب يمثل الحكومة الروسية قد يعود الى موسكو وهو يجر اذيال الخيبة والفشل وعندئذ تهتز الشخصية الاعتبارية لروسيا أمام دول كانت في الماضي تدور في فلك المنظومة السوفيتية التي تعد روسيا الوريث الوحيد لتلك الهيمنة.
وفور انتهاء زيارة تشيرنومردين لبلغراد أخذت التناقضات جانباً كبيراً من حيث المقدرة على التنبؤ بمسار الاحداث بعد الزيارة، فقد بشر المبعوث الروسي بموافقة بلغراد على دخول قوات دولية الى يوغسلافيا والخريطة المدنية في كوسوفو ووضع جدول زمني لتحديد الحكم الذاتي وعودة اللاجئين الى الاقليم الذي تم تفريغه الآن من ثلاثة أرباع سكانه حتى الآن, لكن هذه البشارة تم اجهاضها قبل ولادتها اذ اعلن وزير خارجية يوغسلافيا رفض بلاده لكل مبادرة تأخذ في اعتبارها وجود قوات أجنبية في كوسوفو ثم لم تلبث الامور ان اتجهت نحو الرأي الاول الذي طرحه المندوب الروسي الا ان حلف الاطلسي حسم القضية بالتأكيد على ضرورة رضوخ ميلوسيفيتش الى اتفاق رامبوييه ودخول قوات دولية الى كوسوفو لتنظيم عودة اللاجئين وترتيب الوضع السياسي الجديد للاقليم ومازالت الحرب مستمرة - وما زال القصف يرسم بالوان النار والرماد منشآت عسكرية وحيوية في اقليم كوسوفو وصربيا والجبل الاسود، والحرب اذا انتهت باتفاق جديد مطروح على الساحة سلفا او اتفاق لم يظهر بعد او تحوير بعض البنود باتفاقات سابقة فعندئذ سوف يكون حلف الاطلسي قاصرا في النفوذ إذ ان تنازل حلف الاطلسي عن مطالبه سوف يحد من مدى سيطرته على فرض رأيه في المستقبل في اية قضية سواء كانت في اوروبا او في اي مكان آخر في العالم.
مصادر سياسية اشارت الى ان حلف الاطلسي يدرس الآن مقترحات جديدة لانهاء الحرب وهذه المقترحات هي عبارة عن لمسات تجميلية على اتفاق رامبوييه وقد وصلت هذه اللمسات من موسكو وبلغراد وتيرانا وما حالة موافقة الحلف على النمط الجديد في التعامل مع يوغسلافيا فعندئذ يبدأ الفتور في علاقات الحلف بالسلام والامن الدوليين.
ولعل من ابرز المستجدات على الساحة الدولية بعد تنازل الحلف عن مطالبه بوقف الحرب سوف تلجأ شركات للتصنيع في كل من ايران وباكستان الى تصدير تقنية السلاح النووي والمساهمة في تطوير تلك الصناعة من دول جنوب آسيا.
وتعد الصين أول المتربصين في اخذ موقع لتسلم ناصية من نواصي قيادات العالم تجاه جنوب اسيا وجنوب شرق اسيا بل سوف تتعدى الامور اكثر من ذلك اذ ستحاول الدول الصغيرة والقليلة السكان ان تخلق سوقا ترى من خلاله وجود نفوذ يعتمد على المادة كما تظهر مؤسسات لتمرير بعض اسرار صناعة السلاح النووي الى مواقع ودول قد تكون اقل تعقلا في المحافظة على استعماله والاحتكام اليه في تحديد مصير اي حرب اقليمية محتملة الوقوع في اي جزء من العالم.
اذاً فان حلف الاطلسي ملام بانهاء الحرب لصالح الاتفاق الذي تم التوصل اليه في رامبوييه وسلام ايضا بعدم سماع اي صوت لانهاء الحرب بتقديم تنازلات او تعديل اتفاقات قائمة او طرح مبادرات جديدة فهل سيستمر هذا الالتزام ام سيتلاشى امام تعنت الصرب الذي يعدون العدة الآن لتأديب العصاة في جمهورية الجبل الأسود بعد نهاية الحرب.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved